التعايش مع واقع المتقاعدين

 الدكتور محمد بن علي الكبيسي

التعايش مع واقع المتقاعدين

 

لقد حاولتُ بكل ما أستطيع أن أصحح، حسب ما أراه، ما جاء في قانوني التقاعد المدني والعسكري، أو على الأقل الحد من آثارهما على المواطنين، وذلك من خلال نقد ما تم إقراره من مجلس الوزراء الموقر (اُنظر https://www.dralkubaisi.com/2021/12/blog-post.html)، وبعده ما أقره مجلس الشورى (اُنظر https://www.dralkubaisi.com/2022/02/blog-post_17.html). ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل. وقام مجلس الوزراء برفع القانونين لسمو الأمير المفدى، وقام سموه، لأمر يراه ونحن لا نراه، بالتصديق عليهما، وأصدرهما. وبهذا سأتوقف عن نقد القانونين، لأنهما أصبحا أمرًا واقعًا. وبهذه المناسبة فإنه لا يفوتني تقديم شكري لسمو الأمير المفدى على رفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي إلى 15 ألف ريال، وشكر سموه مرة أخرى على إضافة علاوة خاصة على معاش جميع المتقاعدين بواقع 4 آلاف ريال. وطبعًا ما تم إقراره هو الحد الأدنى الذي يكفل العيش الكريم لفئة من المواطنين أفنوا أعمارهم في تقدم ورفعة الوطن. ومع هذا الحد الأدنى فإن المواطن لن يستطيع الادخار (التوفير)، وبه لن يستطيع مقابلة الأمور المالية الطارئة، ومن المحتمل دخوله في عوز وصعوبة مالية من جديد، مما يجعل حياته في قلق مستمر. هذا المقال سيركز على طريقة تنفيذ توجيهات سمو الأمير المفدى بضمان حياة كريمة للمتقاعدين.

 

لقد طرحت على منصة تويتر المناشدة التالية "إن الحكومة لديها العديد من الشركات، سواء بملكية كاملة، أو كمساهمة، فالسؤال الموجه لكم: ما هو نوع الخصم المناسب الذي ترونه من حق المتقاعد؟ ساهموا معنا للوصول إلى طرح مقترح على الحكومة بحصول المتقاعد على خصم خاص يقوم بالتخفيف عليهم وتحسين مستوى معيشتهم في حياتهم اليومية". وبمجرد تثبيت هذه المناشدة على تويتر وصلتني ردود طيبة من المغردين تبين مستوى وعي المجتمع بهذه الأمور، ورغبتهم في مساعدة فئة من المجتمع تسعى لتحسين مستوى معيشتهم. إن هذه المطالبة تعتبر حقًّا أصيلًا للمتقاعد، فهي تكريم غير مباشر لما سبق أن قام به هذا الشخص من مجهودات قدمها للوطن، وهي أيضًا تعتبر دعمًا وإعانة على ظروف الحياة للمتقاعد وأسرته.

 

في البداية نؤكد على أن الخصم لكبار السن معمول به في الكثير من الدول المتقدمة، بل وبعض الدول الفقيرة. ولذلك فهو ليس بجديد. فمثلًا في إحدى زياراتي لليابان، مع أني لم أكن يابانيًّا، إلا أن موظف تذاكر القطار السريع طلب مني معرفة عمري، فأبرزت له بطاقتي الشخصية القطرية. وبعد أن دقق في تاريخ الميلاد قام بخصم أكثر من نصف قيمة التذكرة بدون أن أطلب منه. فقلت له لماذا؟ فقال هذا من حقكم علينا يا كبار السن (طبعًا المحادثة مع الموظف كانت من خلال مترجم). وقياسًا على ذلك فإن من حق المتقاعدين الحصول على:

 

1.    إعفاء كامل من الرسوم الحكومية، وبخاصة رسوم الجوازات، والإقامات، ولا ننسى رسوم المرور، والحدائق العامة، والمتنزهات (أقدم شكري الجزيل لوزارة الداخلية على إعفاء ذوي الاحتياجات الخاصة من أي رسوم).

2.    خصم 50% من خطوط الطيران القطرية، وشركة سكك الحديد القطرية (الريل)، وشركة مواصلات (كروة)، والمؤسسة القطرية العامة للاتصالات (أريدُ)، وشركة كتارا للضيافة، حيث إن هذه الشركات أنشئت من أموال الشعب القطري، ولا تزال تمول أنشطتها من أموال الشعب.

3.    خصم 20% من شركة وقود قطر، وشركة ودام الغذائية، وشركة الميرة للمواد الاستهلاكية، حيث إن هذه الشركات ساهمت الدولة من أموال الشعب في تأسيسها.

4.    بطاقة تأمين صحي تصدرها الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية وهذا، أخلاقيًّا وإنسانيًّا، هو أقل القليل للمتقاعدين، فلولا أموال المتقاعدين لما تسنى إنشاء صندوق التأمينات الاجتماعية.

5.    الأولوية في الوزارات والهيئات الحكومية ولا ننسى الأولوية لهم في مواعيد المؤسسات الصحية بكل أنواعها.

 

بجانب كل ذلك فإننا نقترح قيام إدارة التموين والمخزون الاستراتيجي بوزارة التجارة والصناعة بإضافة مواد تموينية أساسية بأسعار مدعومة للمتقاعدين. أما القطاع الخاص فنأمل أن يكون له دورٌ كبيرٌ في توفير الدعم للمتقاعدين، وبخاصة الأندية الصحية الرياضية والمطاعم والفنادق وغيرها.

 

وفي الختام نقول: إن المتقاعد لا يحتاج إلى خصم على الساعات الفاخرة، أو المجوهرات النادرة، أو السيارات الفارهة، بل هو يحتاج لخصم خاص على السلع والخدمات الأساسية التي تمثل جزءًا أساسيًّا من متطلباته اليومية. ولهذا نأمل من الجميع المساهمة للتخفيف على المتقاعد، وبخاصة ممن تكون معاشاتهم في مستوى الحد الأدنى الذي أقره سمو الأمير المفدى. ولا ننسى أن هؤلاء قد قدموا خدمات جليلة للبلاد، وأن أعدادهم قليلة جدًّا، ولن تؤثر على المدخول العام لتلك الجهات التي ستوفر الخصم المطلوب. والسؤال البريء: هل تستطيع الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية التفاوض مع تلك الجهات لتوفير احتياجات المتقاعد؟

 

والله من وراء القصد،،