قطر وكأس العالم 2022

الدكتور محمد بن علي الكبيسي




قطر وكأس العالم 2022

 

يعتبرُ كأسُ العالم لكرة القدم من أهمِّ المُسابقاتِ الرياضيَّة التي تتمُّ تحتَ إشرافِ الاتحادِ الدولي لكرة القدم، أو ما يعرف بالفيفا. وبدأت هذه البطولةُ، التي تُقام كلَّ أربعِ سنواتٍ، في عامِ 1930. وكانت المسابقاتُ تتم فقط في قارَّة أوروبا والأمريكتَين حتى 1998 عندما تقدَّمت كلٌّ من اليابان وكوريا الجنوبية بتقديم طلب مشترك لاستضافة نهائيات عام 2002. ودخلت دولة قطر في المنافسة الجدية لتنظيم كأس العالم، وفي 2010 انحصرت المنافسة بينها من جهة، وكل من أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى. وفي 2/12/2010 أصبح الجميع يترقَّب مَن سيَرسو عليه شرف استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022. انسحبت كلٌّ من أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية من منافسة الاستضافة، وأصبح الصراعُ بين قطر وأمريكا فقط. وأعلنَ الاتحادُ الدولي لكرة القدم "فيفا" منحَ قطر شرف هذه الاستضافة. وبالإعلان عن مكان المنافسة وجدنا أنَّ الفرحة عمَّت جميع شعوب الدول العربية والإسلامية، لأنَّ هذه هي المرَّة الأولى التي تنال بها دولة عربية دينُها الإسلام حقَّ استضافة كأس العالم. خبر هذه الاستضافة، ومن اليوم الأول، وقعَ كالصاعقة على قيادات بعض الدول العربيَّة والغربيَّة، وبه تحركت جميع الوسائل الإعلامية في العالم كله ضد قطر بهدف سحب البطولة منها. ولكنَّ القرار في قطر قد تم للمضي في الاستعداد لهذا الحدث ولهذا صدر القرار الأميري رقم (27) لسنة 2011 بإنشاء اللجنة العُليا للمشاريع والإرث (استبدلت في عام 2014 بمسمى اللجنة العليا لقطر 2022)، وتهدفُ اللجنة في المادة (3) "إلى تحقيق أفضل الظروف الملائمة لتنظيم وإنجاز كأس العالم 2022، وبما يعزز خططَ التنمية الشاملة في الدولة، وفي جميع المجالات، ويؤدِّي إلى إيجاد إرث لدولة قطر يمتد بعد البطولة وعبر الأجيال". ومن هذا الهدف يتضح أن الحراك التنموي يجب أن يشمل (سواء بتنظيم الكأس أو بغيرها) تنمية شاملة في جميع المجالات. ومع إصرار قطر لإنجاح الاستضافة زادت حملات التشويه وبالأخص من الوسائل الإعلامية البريطانية والأمريكية. ومن تلك الحملات (وليس كلها):

 

1.    شراء الأصوات: اتُهم مسؤولو الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بالفساد، والسماح لقطر بشراءِ حقِّ استضافة كأس العالم. قام مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بالتحقيق في تلك المزاعم، وأكمل الفيفا تحقيقًا مطولًا في هذه المزاعم، وبرَّأ التقريرُ النهائي دولةَ قطرَ من ارتكاب أي مخالفات من هذا النوع.

 

2.    سوء معاملة العمال: وهذا الموضوع لا يزال مثارًا، حتى إن نقابة، في دولة من الدول التي لو "تمغطت" لخرجت يدك من حدودها، ادعت في الأسبوع الماضي ذلك. والعجيب أن الوسائل الإعلامية المدفوع لها أخذت المجموع العام للوفيات في قطر وادعت أنها وفيات المشاركين في التحضير لكأس العالم. قطر بدورها قامت بتعديل القوانين التي تتعلق بالعمالة، وبخاصة نظام الكفيل، وحرية انتقال العمال من موقع عمل لآخر، والحد الأدنى من الأجور (كنت واحدًا من الذين هاجموا هذا التوجه من الدولة)، وفي الأخير أصبحت حقوق العمَّال في قطر أفضل من حقوقهم في كثير من الدول المتقدمة.

 

3.    الطقس غير المناسب: اعتبر البعض أن الظروف المُناخية في قطر غير مناسبة، وبخاصة في شهرَي يونيو ويوليو، واقترحت قطر أنَّها ستجهز ملاعب مكيفة مع إمكانية تبديل موعد محتمل من الصيف الحار إلى الشتاء المعتدل. والحمد لله تم نقل موعد البطولة إلى شهرَي نوفمبر وديسمبر، وتم تحديد المباراة النهائية لتصادف اليوم الوطني لقطر.

 

4.    التوسع المحتمل: بعد أن وجد المعارضون أن كل الأسباب السابقة لم تجدِ نفعًا في سحب البطولة من قطر، قاموا بإقناع اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم بالتقدم، في أبريل 2018، بطلب إلى الفيفا لتوسيع كأس العالم 2022 من 32 إلى 48 فريقًا، وقصد من ذلك إرهاق دولة قطر، واستنزاف مواردها المالية، والبشرية. وبعد مداولات مطولة رفض مجلس وكونجرس الفيفا هذا الطلب.

 

5.    تكلفة إقامة البطولة: وهذه الحملة كانت موجهة أساسًا للشعب القطري حتى يصبح ناقمًا على حكومته وبلاده لبعثرتها تلك الأموال لحدث لن يستمر أكثر من شهر واحد فقط. لكن المبلغ الذي قدر على أنه أكثر من 220 مليار دولار يشمل الكثير من المصروفات التي رصدت للبنى التحتية، والتي ستستمر في قطر لما بعد البطولة. في حين أنَّ تكلفة الملاعب وملاعب التدريب لم تتجاوز 5ر6 مليار دولار، تم إنفاقها بخُطة حكيمة لم ترهق الموازنات العامة على مدار 12 سنة (تكلفة كأس العالم 2018 في روسيا بلغت 20 مليار دولار). إن ما تم صرفه من مبالغ لم يذهب عبثًا فهذه المبالغ حققت مكاسب كبيرة للاقتصاد القطري، وأنعشت نوعًا ما العديد من القطاعات الاقتصادية التي ساهمت في الحدث المرتقب بشكل مباشر وغير مباشر، بل كانت فرصة لبروز شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الرياضية. ومن المتوقع بجانب كل ذلك أن تحقق البطولة عائدًا ماليًا على الاقتصاد القطري قد يصل إلى 17 مليار دولار.

 

إلى جانب ذلك، فلقد أنفقت تلك الجهات مبالغ طائلة على تلك الحملات التشويهية وغيرها، والحمد لله خرجت منها دولة قطر مرفوعة الرأس وصدق الله تعالى في قوله ".. فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ .." الأنفال: 36. إن تكاتف جميع أهل قطر، من مواطنين ومقيمين، مع حكمة سمو الأمير المفدى وتخطيطه بعيد المدى، وتنفيذ حكومة واعية، عملت كلها على إسقاط كل الدسائس التي حرص الناقمون على وضعها أمام قطر في استضافة كأس العالم. ومهما نقول فلن نوفي شكرنا لسمو الأمير على ما قام به من أعمال، ونقول لسموه: إن غلاتك عندنا تزيد كل يوم عن اللي قبله .. بارك الله لنا في سموكم وجعلكم ذخرًا للوطن والمواطن. والشكر يمتد لمعالي رئيس مجلس الوزراء السابق الذي، بتوجيهات سمو الأمير المفدى، دافع عن قطر ونجح في إفشال الدسائس. ونسأل الله لمعالي رئيس مجلس الوزراء الحالي التوفيق في باقي المهام الموكلة له. والشكر موصول لكل مواطن ومقيم على أرض الوطن.

 

وفي الختام؛ نذكركم بأن دولة قطر بذلت الغالي والنفيس لتطور البلاد، ولهذا نطلب من الجميع التعاون مع الجهات المنظمة لهذا الحفل الكبير، ونرجو أن يتسع صدر الجميع مما قد يواجهونه من زحام بالشوارع، أو من خروج بعض المشجعين المتعصبين عن المألوف، وأن يتصلوا بالجهات المسؤولة، وذلك في حالة إذا شاهدوا شيئًا غير طبيعيٍّ أيًا كان شكله. فنجاح البطولة هو نجاح لقطر وأهل قطر. ودعواتنا الصادقة للعلي القدير أن تكلل جهود قطر بنجاح باهر في تنظيم، وإدارة كأس العالم 2022.

 

والله من وراء القصد،،

 

الدكتور محمد بن علي الكبيسي

 

www.dralkubaisi.com

 


Comments

  1. مقال رائع و يصدر عن كاتب صادق لوطنه و قيادته و جزاكم الله كل خير

    ReplyDelete
  2. حفظكم الله

    ReplyDelete
  3. Hello my dear friend, I have a really difficult situation, five of my relatives at the front, at the war in Ukraine, my uncle is in intensive care because of a nervous shock, he received a microinfarction because my brother his son was taken to a hot spot, all relatives are in shock 😨, I am in Tbilisi now without money and without work with my daughter, I can not go to Russia yet I am also a militaryly obliged medic. and I really need help, in Georgia they do not take me to work because I am a citizen of Russia, what should I do with my daughter I need to live there is no money or work and nothing to pay for housing, I swear to everyone that I tell you 😥😥😨, if you can help me please 🙏 ask you

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع