حل مشكلة مجلس الشورى

 الدكتور محمد بن علي الكبيسي

حل مشكلة مجلس الشورى
 
كنَّا ننتظرُ بفارغِ الصبرِ تفعيلَ الدستورِ بشكلِه الكاملِ من خلالِ إقرارِ مجلسِ الشُّورى المنتخبِ، وفرحنا عندما أصدرَ سُموُّ الأميرِ المُفدَّى بتاريخ 29/7/2021 القانونَ رقْم (6) لسنة 2021، بإصدارِ قانونِ نظامِ انتخابِ مجلسِ الشورى، وألحقه في نفسِ اليوم بالقانونِ رقْم (7) لسنة 2021، بشأنِ مجلس الشورى. وفي تاريخ 22/8/2021 أصدرَ سُموُّ الأميرِ المُفدَّى المرسومَ رقْم (40) لسنة 2021 الذي حدَّد فيه يوم السبت 2/10/2021 موعدًا لانتخاب أعضاء أوَّل مجلس شورى قطري منتخب. وجاء اليوم الموعود وذهب من يحق له التصويت إلى المقار الانتخابيَّة، وصوَّت كل فرد لمن يتوسمُ فيه الخيرَ. وبعد أن تمَّ تشكيل المجلس طالبناه، من خلال عدة مقالات، بالالتفات إلى المشاكلِ التي يعاني منها المجتمعُ (انظر https://www.dralkubaisi.com)، ولكنْ كلُّ أصواتنا ضاعت. وبعد المطالبة العلنية قمنا بلقاء البعض منهم، وطالبناهم، بشكل خاص، بإيجاد حل لما يعاني من المجتمع، ولكن اتَّضح أنَّ صوت الحكومة مع أعضاء المجلس كان أقوى من صوتنا معهم. عندها عرفنا أننا ارتكبنا غلطة بسبب جهلنا، وعدم تقديرنا لأهمية المجلس التشريعي، وأننا من تسبب في تأزم الوضع لسوء اختيارنا لبعض المرشحين الذين صعدوا إلى مجلس الشورى. والذي أكد هذا الأمر هو خروج أحد أعضاء مجلس الشورى بتاريخ 4/7/2022 مغردًا على تويتر "اليوم تم الانتهاء من فض دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الأول .. ولم نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، ولم نحقق 1 % من طموحات الناخبين". وأرجع العضو عدم تحقيق أي خطوة إلى الأمام بقوله في نفس التغريدة: "وبعد مرور سنة كاملة لا توجد لائحة داخلية تتناسب مع طبيعة المجلس المنتخب". وأعتقد- ولست جازمًا- بأن هناك أيديَ خفية تهدفُ إلى تأخير إصدار اللوائح الداخلية المنظمة لعمل المجلس حتى تعيق المجلس فعليًا عن حل مشكلات المجتمع ومراجعة القوانين. وسببُ ذلك يرجع- في اعتقادي- إلى أنَّ الحكومة هي المسيطرة على تعيين الموظفين الأساسيين في المجلس، ولهذا فإنَّ ولاء مثل هؤلاء يرجع لمن قام بتعيينهم وليس ولاؤهم للمجلس. بعبارة أخرى؛ إنَّ الأوامر التي تصدر إليهم من جهة التوظيف هي أقوى من أوامر المجلس بأعضائه. وعليه، فإنَّ المرجو أن يضطلع سُموُّ الأمير بحل مشكلة مجلس الشورى لكي يمكنه من تنفيذ مهامه الأساسيَّة، ومعاونته في حل مشكلات المجتمع.
 
إننا لا نرغب أن يكون مجلس الشورى القطري نسخةً من بعض البرلمانات الأخرى، حيث يجري التطاول على أعضاء السلطة التنفيذية بشكل علني، ولا نرغب أن يتراشق الأعضاء بالكلام مع بعضهم البعض، أو أن يصل الأمر إلى العراك بالأيدي. ولكننا نرغبُ أن يمثل أعضاء المجلس حلقة اتصال بين الشعب وسُموِّ الأمير، كما كان يفعل العديد من رجالات الدولة في السابق، وكان أبرزهم سعادة الشَّيخ جاسم بن محمد آل ثاني، نسأل الله له الرحمة، حيث كانوا يعتبرون همزة الوصل بين سُموِّ الأمير المفدَّى وبين مطالب المواطنين. إننا نرغبُ أن يقوم المجلس بتوصيل مطالب الشعب، وبشكلها الصحيح، إلى سُموِّ الأمير مباشرة. ولهذا فإنه من المهم قيام سُموِّ الأمير- الذي عرف عنه أنه محب لبلاده وشعبه- بتخصيص جلسة مع رؤساء اللجان في مجلس الشورى، على الأقل مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، لسماع مطالب المواطنين، وطبعًا بعد دراستها وتحليلها من أعضاء مجلس الشورى واقتراح عدة حلول لها لتناسب وضع المواطنين. إنَّ مثل هذه الجلسة سوف تضع الحلول المناسبة أمام سُموِّ الأمير المُفدَّى. إنني لا أدعو إلى الحديث المباشر بين المواطنين وسُموِّ الأمير المُفدَّى، أو الحكومة، للمطالبة بالحقوق؛ لأن هذا الأمر سيعفي مجلس الشورى من مسؤولياته وهو في اعتقادي خطأ يجب تداركه.
 
وفي الختام نقول: إنَّ المجتمع القطري في هذه المرحلة قد انتقل من مرحلة مطالبة سُموِّ الأمير والحكومة إلى مطالبة مجلس الشورى، وتذكيره المستمر بواجباته تجاه الناخبين، حيث "أصبح هو المسؤول المباشر" عن حل المشكلات المختلفة التي يواجهها المجتمع القطري. ولهذا فإنه من المهم تمكين مجلس الشورى، بكافة السبل، للحصول على الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها في الباب الثاني والباب الثالث من الدستور القطري، وإلغاء تفرد وسيطرة الحكومة على كافة القرارات المصيرية. وحتى لا تتكرر المأساة من جديد، فإنه من الواجب تثقيف الناخبين وتذكيرهم بسوء اختيار بعضهم لمرشحي المجلس، ويجب أن يفهم المواطنون بأن "البوابة الوحيدة" التي يمكنهم الحصول منها على حقوقهم هي "بوابة مجلس الشورى المنتخب"، وألا ينتظروا من أي جهة أخرى أن تحل مشاكلهم.
 
والله من وراء القصد،،


Comments

  1. لا يوجد نية صادقة لجود مجلس فعال مجرد ديكور المشكلة نظرة القائمين على ان شعوب العربية قاصرة ولاتستطيع. ادارة. كشك زقاير والنقطة الاخرى القائمين على الدولة عندهم شهوات ورغبات يريدون تحقيقها سواء مال شهرة هياط تنقذيذ سياسة الغرب سياسة بتغريب الشعوب لذالك تجد الغرب صامت على مسرحيات الديمقراطية و سحق في الدول العربيةالديمقراطيةً لو وجدت لأحترق الغرب اولا بنارها والحكام ثانيا

    ReplyDelete
  2. يقول واحد من شيوخ الكويت موجها الكلام لعبدالله السالم رحمهم الله:شلون القهوجي والصبي عندنا يحل ويربط في امورنا هنا الوضع سيم سيم

    ReplyDelete
  3. اقترح عليك عمل استفتاء للشعب وطرح السؤال/ هل سوف تشارك في الانتخابات القادمة ؟

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع