الحصار وتخبط غرفة قطر

 

الحصار وتخبط غرفة قطر

لقد تلقيت اتصالا من سعادة الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية حول عبارة أنني "أعيب على بنك قطر للتنمية الذي كان في سبات طيلة فترة الحصار حتى يومنا الحاضر، فهو لم يتحرك لتفعيل أهداف وكالة قطر لتنمية الصادرات "تصدير"" (انظر مقال الأسبوع الماضي). وفي الاتصال شرح لي سعادته الدور الذي قام به البنك والوكالة من جهد كبير في فترة الحصار، الأمر الذي جعلني أفكر جدياً بكتابة مقال عن البنك ودوره في الاقتصاد القطري، والدور المأمول من البنك في الفترة القادمة. أما الآن فلنعود إلى مقال اليوم عن دور غرفة تجارة وصناعة قطر.
لقد قامت الغرفة بالتحرك، في بداية الحصار الغاشم، بإعلان نائب رئيسها بأن "أي بضاعة منشؤها دول الحصار ستكون مرفوضة، وإن شحنت من بلد آخر". ولكن بعد ذلك الإعلان وجدنا أن الغرفة صمتت صمتاً مطبقاً حتى 3/10/2017 عندما صدرت المطالبة، من سعادة رئيس الغرفة، لوقف استيراد السلع والبضائع من دول "المقاطعة". وطالبت الغرفة، في بيانها، من الجهات المختصة في الدولة باتخاذ الإجراءات المناسبة إزاء الشركات التي تورد السلع والبضائع إلى السوق القطرية من دول "المقاطعة". شخصياً ينتابني العجب من مسؤولي الغرفة لعدة أمور: أولها: لماذا سكتت هذه المدة الطويلة (أربعة أشهر) عن المطالبة بمقاطعة بضائع دول الحصار؟ علماً بأن دول الحصار طلبت من تجارها بمقاطعة قطر، ووقف التصدير لها، فاستجاب جميعهم لقرار دولهم بدون نقاش ولا اعتراض، ووجدنا أن الغرف التجارية لديهم تدرس أسواقهم المحلية، وترفع تقارير عن مدى التزام التجار بالقرارات الرسمية. ثانيها: أن كل الوكلاء والمستوردين مسجلين "بالإجبار" في الغرفة، ويدفعون اشتراكاتهم بشكل مستمر. والسؤال: لماذا لم تبادر الغرفة بمخاطبة وكالة قطر لتنمية الصادرات، ومدها بأسماء المنتجات التي كانت تستوردها الشركات القطرية من دول الحصار، أو تصدرها لها، لتمكين الوكالة في البحث عن أسواق تلك المنتجات من دولها الأصلية، وفتح المجال أمام رجال الأعمال القطريين للتعاون الوثيق والمباشر مع دول العالم؟. ثالثها: قيام الغرفة بتسمية دول الحصار بدول "المقاطعة" مخالفين بذلك جميع أفراد المجتمع، وعلى رأسهم سمو الأمير المفدى. هل تلطيف الكلمة ستضمن للكبار استثماراتهم في دول الحصار؟
إن الغرفة، وللأسف، لم تتحرك عندما صودرت ممتلكات صغار المستثمرين القطريين، وأغلقت شركاتهم، ونهبت أموالهم، وبخاصة في الإمارات والسعودية. والغرفة أيضاً لم تتحرك لإيجاد أسواق بديلة عندما تم إيقاف منتجات شركات قطرية من دخولها لدول الحصار بالرغم من الاتفاقيات الملزمة. ولكن الغرفة تحركت، وبشكل مفاجئ، عندما تم إغلاق أحد فروع شركة قطرية من العيار الثقيل في دولة من دول الحصار. يعني أن الغرفة لا تتحرك إلا عندما تمس مصالح أعضاء مجلس إدارتها أو مصالح كبار رجال الأعمال القطريين. إنه من المعيب على الغرفة تبني مصطلح "المعاملة بالمثل"، وإطلاق شعارها "قطر فوق الحصار"، بعد أكثر من أربعة أشهر، في حين أن الدولة بمؤسساتها المختلفة قد قامت بتطبيق ما تنادي به الغرفة الآن من أول يوم للحصار. ولكن السؤال: هل استمرت الغرفة بمواصلة العمل الذي طالبت به؟ إننا نجد أن الحملة، التي لم تكن صادقة، قد انطفأت شعلتها تماماً، ولم تعد أمراً واقعاً، والسبب في ذلك أن فرع شركة رجل الأعمال الكبير، والذي أغلق في دولة من دول الحصار، قد تم افتتاحه من جديد، وأن مصالح الكبار باتت في أمان. وهنا يتبادر سؤال بريء: هل مصلحة كبار رجال الأعمال تتفوق على مصلحة الشعب القطري (مواطنين ومقيمين)؟
إن أسلوب عمل الغرفة الحالي لن يتيح لها حماية منتسبيها من إغلاق الحدود أمام منتجاتها، ولن يحقق مطامح الشعب في رد الصاع صاعين لمن يعبث بمصالح قطر وأهلها. إن الغرفة مطالبة بأن تتوقف عن كونها مجرد آلة لجبي الأموال "بالإكراه" من القطاع الخاص لتصرفها على أمور ليست من شأنها تحقيق أهداف إنشائها والتي تنص على أنها "تنظم المصالح التجارية والصناعية والزراعية وتمثلها وتدافع عنها وتعمل على تعزيزها". إن عمل الغرفة يجب أن يتعزز من خلال: 1. تفعيل الاتفاقات التجارية التفضيلية مع العالم الخارجي وتوفير معلومات حديثة عن الاتفاقيات التجارية الدولية لتعظيم استفادة المصنعين والمستوردين والمصدرين القطريين. 2. إنشاء مركز معلومات عن الأسواق الدولية وإعداد دراسات عن الدول والقطاعات الاقتصادية المختلفة. 3. مخاطبة المصنعين الدوليين وشرح ظروف الحصار الجائر على قطر واقتراح التعامل المباشر بينهم وبين تجار ومصنعي قطر. 4. تنمية العلاقات الاستثمارية والتجارية بين أصحاب الأعمال ونظائرهم في الدول الشقيقة والصديقة. 5. إقامة المعارض للتعريف بالمنتجات الوطنية، والترويج لها، وتوعية المستهلك بها، وليس المشاركة "كمشارك" ببعض المنشورات والملصقات في المعارض التي تقيمها مشكورة وزارة الاقتصاد والتجارة.
وفي الختام نقول إن غرفة قطر، بوضعها الحالي، لا تنتمي لدولة قطر، ولابد من تغيير دورها ليكون أكثر ديناميكية لتتعايش مع الواقع، وأنه من المهم إعادة النظر في الكثير من أنشطة الغرفة بهدف الدفاع وبشكل حقيقي عن قطر وعن تجارها. إن المستهلكين في قطر لديهم من يحميهم ولكن السؤال هو: من يحمي رجال الأعمال في قطر؟
والله من وراء القصد ،،

Comments

  1. These embrace offering consistent funding toward problem playing prevention and companies, increasing 카지노사이트 awareness about problem playing and its symptoms, and improving access to holistic remedy for problem playing. Before folks would wager money, they'd gamble on their belongings like meals, land, or livestock. But she'd known as the assistance line that morning end result of|as a outcome of} he'd relapsed, and every thing was gone again. Brown listens to Mike explain his situation, then she begins working via a checklist that she helped create for Connecticut. She first asks if he's considering harming himself or another person.

    ReplyDelete
  2. أنا مندهش لسماع قصة بنك التنمية القطري. تحسنت خدمات التمويل خلال العقد الماضي. يجب أن تكون المدونة مثيرة للاهتمام.

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الأرض والقرض للجميع