قطر ومقارعتها للدسائس

 

قطر ومقارعتها للدسائس

قامت الدول الخليجية الثلاث، فجر الإثنين 29/5/2017، وبادعاءات قاموا بفبركتها على لسان سمو الأمير المفدى، وسعادة وزير الداخلية، بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. الخبر حتى الآن عادي جداً لأن مثل هذا الموقف حدث في 2014، وأعيد تكراره في 2017. ولكن الجديد في الأمر أن تلك الدول قامت بإغلاق المجالات الجوية، والمنافذ البرية والبحرية، بل وطلبت من مواطنيها مغادرة الأراضي القطرية وطالبت مواطني قطر بالخروج من أراضيها. إن الذي قام باقتراح ذلك (أحد الذين تم تهريبهم لإحدى الدول النفطية) لا يعرف الروابط واللحمة الاجتماعية التي تربط شعوب المنطقة بعضهم ببعض. والمشكلة أن الذين ينصتون له، ويطبقون اقتراحاته، لا توجد لديهم بطانة صالحة تنصحهم، فالكل منهم خائف على نفسه أكثر من خوفه على بني عمه وبني خاله. وبعد أن وقع الفأس في الرأس انتبهوا لهذا الأمر، فقدم هذا الخبيث مقترحاً يقول فيه "لنأخذ التأييد الدولي حتى تقولوا لشعوبكم إن العالم كله يقول إن قطر دولة إرهابية، وأنه من المستحيل أن يكون العالم كله على خطأ. فقامت هذه الدول بتجييش وزراء خارجيتهم لشراء أصوات بعض الدول لتأييدهم. فبدأوا بالدول المهمشة والتي ليس لها ثقل عالمي. وحصلوا على صوت الدولة التي اغتصب فيها الحكم من قبل الجيش، والتي تعيش على فضلاتهم. وبعد ذلك أخذوا صوت الدولة التي يقيم رئيسها الشرعي الهارب من المحن التي يعيش فيها شعبه. وعرجوا على من قسم بلاده بأموال الدولة النفطية وأخذوا صوته، مع أنه ليس رئيساً على شيء. وبدأت الدولارات بالانهمار على المالديف وموريتانيا (التي تراجعت عن القرار بسبب الخوف من انقلاب شعبهم المؤيد لقطر عليها) وجزر القمر (التي خرج شعبها يندد بالمقاطعة) وأخذوا أصواتهم لحصار قطر. ولفقوا بيانات مغرضة على لسان حكومات موريشيوس وجيبوتي اللتين نفتا إعلانهما قطع العلاقة بقطر. بعد ذلك توجهوا للدول ذات الثقل السياسي العالمي (مثل تركيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والهند والباكستان والبرازيل وغيرها الكثير والكثير) وحاولوا شراء أصواتهم ولكنهم لم يفلحوا لأن هذه الدول طلبت إثبات مزاعمهم بأن قطر تدعم الإرهاب بالدليل وليس بالقيل والقال. فأصبحت هذه الدول الثلاث، التي بدأت بحصار قطر، في ورطة كبيرة أمام شعوبهم لهزيمتهم الدبلوماسية العالمية التي انتصرت فيها قطر، فأصيبت بالخوف من خسران المعركة داخلياً كما خسرتها خارجياً. وبدأت الأصوات المؤيدة لدولة قطر تخرج من شعوب تلك الدول الثلاث، فما كان منها إلا أن فرضت الحصار على شعبها، كما فرضته على الشعب القطري. ففي الدولة النفطية أعلن النائب العام بها أن الاعتراض على موقف الحكومة وما اتخذته من إجراءات صارمة وحازمة مع حكومة قطر، سواء بتغريدات أو مشاركات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو بأي وسيلة أخرى قولا أو كتابة، يعد جريمة يعاقب عليها بالسجن المؤقت من ثلاث إلى خمس عشرة سنة وبغرامة مالية كبيرة. أما الدولة الكبرى فقد أعلنت قراراً مماثلاً بمدة سجن تصل لمدة لا تزيد على خمس سنوات وغرامة مالية بالملايين. أما الدولة التابعة فقد أعلنت قراراً مماثلاً بمدة سجن لا تزيد على خمس سنوات والغرامة. أما قطر، وهي المتهمة بالإرهاب، فقد دعت الجميع، من مواطنين ومقيمين، بممارسة حرية الرأي في التعبير عن وجهة نظرهم، ولكنها دعتهم بتطبيق تعاليم ديننا الإسلامي، والترفع وعدم الانزلاق بالرد على الإساءات والبذاءات التي تنشر في وسائل التواصل المختلفة، وعدم الإساءة لتلك الدول أو رموزها وشعوبها.
وفي الختام نقول للجميع إن شعوب الخليج، التي يربطها الدين والنسب والقرابة بالشعب القطري، أصبحت أكثر وعياً، ولا يمكن للبلطجة الإعلامية أن تهدم تلك الروابط. وفي نفس الوقت نقول لحكام تلك الدول وغيرها إن قطر ليست مستعدة للاستسلام ولن تتهاون في استقلال سياستها الداخلية والخارجية، وأن القرار الذي اتخذتموه من طرفكم هو قرار ولد ميتاً "فالدم في الخليج عمره ما يصير ماء".
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع