مخالفة توجهات الأمير

 

مخالفة توجهات الأمير

قال سمو الأمير المفدى في إحدى خطبه (2015) "نريد أن نرى مساهمة رأس المال المحلي ومبادراته واستعداده للمجازفة في تطوير الاقتصاد الوطني" وأضاف سموه "من الضروري إزالة العقبات البيروقراطية من طريق الاستثمار. ولا سيما بعض الإجراءات التي أصبحت مجرد عثرات تعوق العمل". ونحن لا نختلف على أن الدولة تقوم بتشجيع المواطنين، والمستثمرين الأجانب، على إنشاء المشاريع الاقتصادية في قطر. لكن، ومع كل تلك المجهودات التي تبذل، فمناخ الاستثمار، بسبب إجراءات بعض المسئولين، هو منفر، ولا يشجع على العمل في دولة قطر.
في البداية يجبر المستثمر على تأجير مكتب بقيمة شهرية عالية (تعادل قيمة تأجير مكتب لمدة سنة في بعض الدول الخليجية). ثم يتوجه لاستخراج سجل تجاري (في بضع دقائق فقط)، لكن استخراج رخصة تجارية، في بضعة أشهر، يعد ضرباً من المستحيل، وذلك للشروط الكثيرة والمكلفة، على المستثمر، بخاصة إذا تطلب الترخيص موافقات جهات أخرى. ومن ثم يتوجه المستثمر لوزارة الداخلية لاستخراج قيد منشأة (في دقائق يسيرة). وللحصول على عمالة فإن المستثمر لابد له من تقديم طلب لوزارة التنمية الإدارية والعمل والشئون الاجتماعية، وبعد التفتيش يسمح له بالحصول ربما على نصف، أو ربع العمالة التي طلبها (لا أعرف السبب). ويأخذ تلك الموافقة ليتقدم بها إلى اللجنة الدائمة للاستقدام، التي في معظم الأحيان، توافق له بجنسيات غير مطلوبة، مما يجعله يتقدم إلى اللجنة، عدة مرات، بطلبات تغيير الجنسية. كل ما سبق يتطلب شهوراً عديدة والمستثمر يدفع إيجارات ومصروفات متنوعة (كهرباء ماء اتصالات..الخ) دون أن يمارس أى نشاط يدر عليه دخلا. وما ان يبدأ المستثمر بالعمل يتفاجأ بالمنافسة غير الشريفة من جهتين: 1. من الشركات الحكومية التي تزاول نفس العمل ولها أفضلية في كل أنشطة الجهات الرسمية. 2. من أصحاب الأعمال غير النظاميين، مثل من يأتى بتأشيرة زيارة، أو ممن يعمل من المنزل، أو من السماسرة الجوالين، وكلهم يقومون بسحب الأعمال من الشركات القطرية لميزة الأسعار المنخفضة بسبب عدم وجود مصروفات جارية عليهم. كل ما سبق من أمور في كفة، وصعوبات التأقلم مع التغييرات الكثيرة بالقوانين والمراسيم والقرارات الوزارية في كفة أخرى. فانعدام الاستقرار في التشريعات المنظمة لقطاع الأعمال يولد لدى المستثمر عدم ثقة، أو عدم اطمئنان، على استثماراته بسبب كثرة التعديلات التشريعية والاجتهادات وعدم ثباتها. وآخر الصيحات الابتكارية هو تحويل فروع الشركات إلى شركات منفصلة وكأن إنشاء وتسميات الفروع تمت بدون موافقتهم وتبريكاتهم. وهذا في حد ذاته، يشكل مشكلة كبيرة جداً سوف تعاني منها الشركات في قطر. ويجب ألا ننسى التسابق بين الجهات الرسمية في رفع رسوم خدماتها، وكان آخرها الرفع الجنوني لرسوم خدمات بريد قطر، ورفع قيمة الفوائد البنكية على القروض، وفرض بعض أنواع الضرائب.
وفي الختام نطالب الجهات المختلفة بألا تجعل مطالبات سمو الأمير المفدى تذهب هباءً منثوراً، لأنكم وبهذه التصرفات تجعلون مناخ الاستثمار في قطر طارداً لكل مستثمر يفكر في إقامة أي مشروع. إن لديكم الأدوات اللازمة لصياغة إطار تنظيمي شفاف لتبسيط إجراءات الترخيص. الأمر الثاني يجب إيقاف كل ممارس غير رسمي للأنشطة المختلفة. الأمر الثالث انه لابد من مشاركة القطاع الخاص عند تعديل التشريعات ليكون شريكا مع الحكومة في وضع الخطط المستقبلية لقطر.
الأمر الرابع، لابد من وجود دقة في البيانات والمعلومات وتحديد الفرص الاستثمارية على أسس علمية. حتى يتم ذلك فإني أنصح المستثمرين بالتوجه لخارج البلاد.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع