صرخة مواطن

 

صرخة مواطن

لم تكن النية مبيتة للكتابة هذا الأسبوع، ولكن عندما قرأت صرخة مواطن، في موقع "تويتر"، بعد مشاهدته أسعار المنتجات البترولية لشهر مارس، تغير عندي الوضع وقررت الاستجابة لتلك الصرخة. لقد كتب أحد المغردين تغريدة يستنجد بها الجهات العليا قائلاً "هل يرضيكم ما يمر به المواطن من هذا الوضع الاقتصادي (!!)، هل يرضيكم ما يمر به المواطن من تسلط المسؤولين على أرزاقنا، ليس لنا بعد الله غيركم . أصبح المواطن يعاني الأمرين، لاحول له ولا قوة، وأصبحت ظروف المواطن هي التي تشتكي من المواطن. حسبنا الله ونعم الوكيل".
هذا ما عبر به مواطن يكن كل محبة وتقدير للقيادة الرشيدة. مواطن خرجت منه هذه الكلمات لا شعورياً عندما شاهد الارتفاع، غير المبرر، للمنتجات البترولية. وهذه التغريدة لا تعبر عن وجهة نظر المغرد فقط، بل، وأعتقد جازماً، أنها تعبر عن وجهة نظر العديد من المواطنين الصادقين في حبهم وولائهم لولاة أمرهم. لقد سادت في المجتمع القطري حالة من الرفض لما وصلت إليه الأسعار في قطر (سعر ليتر الديزل من 70 درهماً ليصبح 55ر1 ريال، وليتر الجازولين سوبر من 80 درهماً إلى 70ر1 ريال، وليتر الجازولين ممتاز من 70 درهماً ليغدو 60ر1 ريال). وكنت قد حذرت في مقال سابق بأن زيادة أسعار المنتجات البترولية سيمتد أثرها لتشمل كافة جوانب الحياة من سلع وخدمات. وطالبت الدولة بصرف بدل غلاء معيشة لمواطنيها، بغض النظر عن عمرهم أو جنسهم. (الشرق 12/2/2017).
لقد أصبحت أسعار المنتجات البترولية الجديدة قريبة من الأسعار العالمية. ولكن تلك الأسعار العالمية يضاف إليها: 1. ضريبة النوعية. 2. ضريبة القيمة المضافة. 3. ضريبة الكربون. 4. أرباح الشركات (الشركات الخاصة هي من تقوم بعملية تكرير المنتجات البترولية، وتخزينها، وتوزيعها، وبيعها). ولقد سألت الوزارة في مقال سابق "ما هي التكاليف والمصاريف الباهظة التي تجبركم على رفع أسعار المنتجات البترولية؟" ولأن الوزارة لم ترد فإني سوف أقوم بذلك: تكاليف كل ليتر تبلغ 123 درهماً (106 دراهم قيمة النفط، و12 درهماً للتكرير، و5 دراهم للتوزيع). وبما أن متوسط سعر بيع الليتر هو 162 درهماً، فهذا يعني الربح في كل ليتر هو 39 درهماً، خذ منها 10 دراهم لشركة وقود، فيصبح الربح الصافي للحكومة هو 29 درهماً في كل ليتر. ولا ننسى إضافة أرباح الحكومة من الديزل غير المدعوم، ومن وقود الطائرات، ومن غاز المنازل، ومن التصدير للخارج. إن زيادة أسعار المنتجات النفطية ستفرض ضغوطاً تضخمية، تضعف القوة الشرائية للريال القطري، بينما سترتفع تكلفة المعيشة بسبب الزيادة المنتظرة للسلع والخدمات، وهذا بدوره سيؤثر على الائتمان والنمو. وكل ذلك سيشكك في احتمالية وصولنا لتحقيق رؤية 2030.
وفي الختام، أقول إننا كمواطنين فداء لقطر وترابها، وأن الأموال هي آخر ما يهمنا في سبيل بلادنا، ولكن رفع الدعم عن المنتجات البترولية لا يرقى لحجم مشكلة تغطية العجز المالي المزعوم (لا يوجد عجز مالي والدليل على ذلك مشاريع الإعمار والمساعدات المليارية للخارج). إن حكومتنا الرشيدة تعرف مواطن الهدر المالي في الموازنة، ومن المفروض البدء بها قبل أن تقوم بخطف أرزاق المواطنين من بين أيديهم. إن المتضرر الوحيد من هذا الأمر هو المواطن والاقتصاد المحلي. وأقول للأخ المغرد: اطمئن فإن صرختك التي خرجت من قلبك، وعبرت عن الكثيرين، قد وصلت.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع