مواطن تعني راتبك أقل

 

مواطن تعني راتبك أقل

استرعى نظري، عند تصفحي إحدى الجرائد الخليجية، خبر رفع 50 موظفاً دعوى قضائية يطالبون فيها الشركة التي يعملون بها بمساواتهم في سلم الرواتب بالأجانب، وخاصة المنتمين للجنسيات الغربية، والذين يحصلون على رواتب عالية جداً، حيث تتم مضاعفة أجورهم مرتين، أو ثلاث مرات، مقارنة بما يتقاضاه المواطن بالرغم من تكافؤ الموظفين من حيث المؤهلات الوظيفية وقيامهم بذات الأعمال. خبر غريب بل فضيحة أن يطالب المواطن، وفي وطنه، بمساواته بالأجنبي في المميزات الوظيفية. وبعد قراءة ذلك الخبر قمت بمقارنة الوضع في قطر. ووجدت أن هناك قاسماً مشتركاً بين وضع أشقائنا ووضع المواطنين القطريين، فمستوى رواتب المواطنين القطريين أقل بالمقارنة مع رواتب بعض الوافدين، وخاصة الأوروبيين والأمريكان وخاصة فيما يتمتعون به من امتيازات وبدلات تزيد عن الراتب الأساسي الذي هو أصلاً عال. وحتى تخرج الجهات الحكومية من مشكلة قانون الموارد البشرية فإنها تقوم بتوقيع عقد توظيف خاص ينسف كل مواد القانون عن بكرة أبيها. والمشكلة أن هذا العقد يحظى بموافقة واعتماد وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية الراعية والمسؤولة عن تطبيق القانون المذكور. ومن المؤسف أن الوزارة تتلقى أسبوعياً عدداً من عقود التوظيف الخاصة لرعايا غربيين.
صحيح أن استقطاب بعض الخبرات النادرة لا يتم إلا بالإغراءات المتنوعة، ومنها الرواتب العالية، ولكنني هنا أتحدث عن موظفين لديهم نفس المؤهلات، وبعضهم متخرج من نفس الجامعات، ويؤدون نفس المهام الوظيفية، ومع كل ذلك نجد اختلافات في الرواتب كبيرة جداً. فقط العمالة العربية الوافدة هي أقرب لنا لأنها تتقاضى أجوراً تعادل، أو ربما أقل، من القطريين في حين أنها تقوم بنفس أو بضعف العمل الذي ينهض به نظراؤهم الغربيون. ولتقريب الصورة أكثر لنأخذ وضعين غريبين في جهات رسمية، أولاً: أعضاء الهيئة التدريسية بجامعة قطر: نجد تشابها في الرواتب الأساسية بين جميع الأعضاء حسب درجتهم الأكاديمية. ولكن غير القطريين يتفوقون على المواطنين بعدة علاوات منها رسوم تدريس الأبناء، التذاكر السنوية لهم ولمن يعولهم "أولى أو درجة أعمال"، سكن عائلي، بدل أثاث كل 5 سنوات، بدل غربة، بدل ندرة، وغيرها من العلاوات التي لا تخطر على بال. وبناء عليه يحصل على ضعف الراتب، أو ربما أكثر. ثانياً: المهن الطبية: وهنا التفاوت كبير جداً. فيأتي في أسفل السلم العاملون في المراكز الصحية، ولهذا لن تجد جنسيات غربية تعمل بها. بعدهم يأتي من يعمل في مستشفى حمد برواتب ليست على الجهد ولكنها بحسب الجنسية. فالطبيب الغربي يصل راتبه إلى أرقام عالية ولكن العمل في معظمه على المساعدين. أما الراتب العالي جداً فهو من نصيب "المرفهين" ممن يعملون في مركز سدرة، وهم في غالبيتهم، حتى ولو كانوا عرباً، من أصحاب الجنسيات الغربية. نحن كقطريين لا نحسد الوافدين، ولا نكره لهم الخير، ولا نطلب من أحد أن يظلمهم، فوجودهم ضروري لاستكمال ما يحتاج إليه البلد في سبيل تطوره ونمائه. ولكن هذا لا يعني أن يظلم المواطن، وينقص من حقه، فقط لأنه يحمل الجنسية والجواز القطريين.
وفي الختام نرجو من معالي رئيس مجلس الوزراء العمل على إنهاء التمايز بين رواتب الموظفين، وعدم التفرقة بحسب جنسياتهم. فعندما يتساوى المجهود والمؤهل والخبرة وساعات الدوام، يجب أن يتساوى سلم الرواتب. تصدقون يا ناس أن راتب سكرتيرة "مديرة إدارة" آسيوية أكثر من راتب مهندسة قطرية. والسؤال البريء: هل أنا "مواطن" أعمل في "وطني"؟.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع