الدين والدولة

 

الدين والدولة

عجيب أمر هذه البلاد. فالمادة (1) من الدستور تنص على "أن قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة. دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها.."، ومع ذلك نجد أن هناك عدة مخالفات لهذه المادة، وبصورة خاصة للدين الإسلامي. وهذا مؤشر خطير يقود إلى مشاكل لا حصر لها. وسنورد في هذا المقال مثالين فقط من المخالفات العديدة التي لا تحصى. أولاً: تحاشي عدم فرض الزكاة على من تجب عليهم سواء كانوا أفراداً أو شركات. وطبعاً هذا مخالف لأمر الله تعالى في قوله "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا.." التوبة:103 (الشرق 20/3/2016). وفي الجانب الآخر سمحت بالتعامل بالربا المحرم (يدلعونه بمسمى الفوائد)، والذي توعد الله من يفعله بحرب من الله ورسوله في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279}" البقرة. بل وجدنا الدولة، في فترة سابقة، تقوم، وبكل جدارة وقوة، بغلق كل الفروع الإسلامية للبنوك التجارية الرئيسية. وكان من المتوقع، لو أنها استمرت تلك الفروع، لتحول النظام البنكي لدولة قطر إلى نظام إسلامي بحت (الشرق 24/3/2013). صحيح أن الدولة لم تقصر، فقد رفعت رواتبنا عدة مرات، ولكن ما هو أثر هذه الرواتب العالية في حياتنا اليومية؟ إن البركة، بسبب التعاملات المشبوهة، نزعت من تلك الأموال التي نملكها أو نديرها. ثانياً: السماح بالخمر (يدلعونه بمسمى المشروبات الروحية) وهو فعل حرمه رب العالمين، وأمر بإجتنابه في قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" المائدة: 90. "فاجتنبوه" تعني ابتعدوا عنه، وعن كل الطرق المؤدية له. ولهذا قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها". ولقد خصص قانون العقوبات، رقم (11) لسنة 2004، أربع مواد لجرائم السكر (270 — 274) جاء فيها "يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استورد، أو صدر، أو صنع، أو استخرج، أو حضر خمراً، أو شراباً مسكراً أو باع أو اشترى، أو سلم، أو تسلم، أو نقل أو حاز أو أحرز خمراً، أو شراباً مسكراً، أو تعامل أو توسط في التعامل فيهما، بأي وجه بقصد الاتجار أو الترويج". والقانون لم يسمح لأي جهة، سواء كانت عامة أو خاصة، بالقيام في الاتجار بالمسكرات على أنواعها. ومع ذلك نجد أن الدولة تسمح باستيراده من الخارج، وتسمح ببيعه للمواطنين من خلال بعض الفنادق والمطاعم (بشرط لبس المواطن بنطلون)، بل وصل التعاطي والبيع على خطوط طيرانها الرسمية. وبعد كل ذلك تقوم بمعاقبة متعاطيها وليس بائعها. والسؤال: لماذا لا تعاقب دولة قطر، وبحسب القوانين، كل من يمارس نشاط الاستيراد والبيع والتوزيع؟

وفي الختام نقول إن دفع الزكاة وتجنب الربا والمسكر هي أوامر ربانية دلت عليها الآيات القرآنية، والسنة الشريفة، وإجماع أهل العلم. وبصراحة نتسائل بجدية عن هذا التناقض الغريب في دولة إسلامية. إنني أتمنى أن يتم فرض الزكاة على كل أموال، أو أنشطة، تحل فيها، وأن يتم منع الخمور على كامل الأراضي القطرية.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع