التفريق بين المواطنين

 

التفريق بين المواطنين

اقترب موعد اليوم الوطني وبدأ الجميع، من مواطنين ومقيمين، الاستعداد له. ولكن في يوم 14/12/2016 جاءت توجيهات سمو الأمير المفدى بإلغاء كافة مظاهر الاحتفال بهذه الذكرى تضامناً مع أهلنا في مدينة حلب. وقامت هيئة تنظيم الأعمال الخيرية بتحويل هذا اليوم "يوم 18 ديسمبر 2016" إلى جهاد بالمال في سبيل الله. وعليه أعلنت اللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني عن حملة "حلب لبيه" لجمع التبرعات لنصرة أهل حلب. وتم نقل هذه المناسبة على الهواء مباشرة من جميع القنوات التلفزيونية والإذاعية الرسمية. وسارع المواطنون والمقيمون إلى تلبية نداء الخير. وفي خضم هذا الجهاد الصادق، خرج لنا بعض الحاقدين يتهم أسماء معينة من كبار التجار القطريين بأنهم لم يساهموا في هذه الحملة لنصرة حلب "ليست المرة الأولى التي توجه لهم الاتهامات". الصراحة فوجئت بهذا الأمر، وبالأخص أنني شخصياً سمعت أسماء بعض من ذكروا في رسالة "الواتس أب" يعلن عنها المذيع، ويدعو الله لهم على ما جادت به أنفسهم من خير.
إن المجتمع القطري هو من أكثر المجتمعات ترابطاً بين أفراده، وعشنا طفولتنا في وئام قل نظيره. فلا خلاف بين السني والشيعي. وكنا، ولا نزال، نجلس مع بعضنا البعض، ونأكل من نفس المائدة، ونذهب رحلات بحرية وبرية، وكل الأنفس طيبة. إن مشكلة تفريق الصفوف قد بدأت عندما حاول ملالي إيران تصدير ثورتهم، ولكن محاولاتهم، بفضل الله ثم تكاتف القطريين، باءت بالخذلان. ولهذا بدأ بعض المخربين، وأعتقد جازماً أنهم من خارج الحدود، بث الفرقة والشحناء بين المواطنين. وبدأنا، ولأول مرة، نسمع كلمة هذا سني، وهذا شيعي. وكلما نقول للأفراد المنجرفين في مثل هذا التيار لا تسمعوا لمثيري الفتنة، وأنه لا فرق بيننا كمواطنين. يردون علينا بأنها "تقية" منهم. سبحان الله.. الآن أصبحت "تقية". ولماذا لم يستشعر هذه "التقية" آباؤنا وأجدادنا في تاريخهم المشرف على مر العصور. إنني أريد أن أبين: أولاً: أن الدستور القطري لم يفرق بين المواطنين بحسب مذهبهم وعليه لا يجوز التعدي على أسس الدولة. ثانياً: إن التبرعات من جميع مصادرها، وأياً كان شكلها، هي دائما اختيارية وليست إلزامية، بل ويفضل أن تتم بالخفاء لقوله -تعالى- "إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ" البقرة: 271. ثالثاً: أنه لا يحق لأي شخص أن يحاسب شخصا على أنه تبرع أو لا. فالأموال أموال الله، رزقهم الله بها، فلهم حق التصرف فيها، ضمن القانون، كيفما شاؤوا، وأن الله -تعالى- هو من له الحق المطلق في محاسبتهم عليها. رابعاً: كلنا ننتمي لقطر شئنا أم أبينا، ولذلك فإنه من المهم، وبخاصة في هذه الفترة الحرجة، إبقاء المجتمع، بجميع أفراده، متماسكاً أمام المطامع الخارجية لقوله -تعالى- "وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ .." آل عمران: 103.
وفي الختام، ولأن هذه الأمور تدخل في نطاق الأمن الداخلي وحماية المجتمع، فإنني أتمنى قيام جهاز أمن الدولة، ووزارة الداخلية، ووزارة المواصلات والاتصالات، بتتبع كل من يثير الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي وتقديمهم للعدالة. وأما من ساهم بحملة "حلب لبيه"، سواء بالجهر أو بالخفاء، فلهم بياض الوجه على ما قاموا به من عمل في سبيل الله.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع