مشروع عملاق يتحقق

 

مشروع عملاق يتحقق

كتبت عدة مقالات عن سوق الحجر الجبلي "الجابرو" وموانئه، وانتقدت حجم الطاقة التفريغية لموانئ مسيعيد، حيث تصل السفن المحملة "بالجابرو" لتفرغ شحنتها، ولكنها تتفاجأ بعدم وجود رصيف للتفريغ مما يضطرها للانتظار لأسابيع طويلة (انظر الشرق 9/8/2015). وذكرت أن هذا من الأسباب التي أدت إلى رفع سعر طن "الجابرو" من 72 ريالا للطن إلى أن وصل في فترة من الفترات إلى 135 ريالا للطن. وبسبب تلك المقالات كنت أذهب مرات عديدة إلى مواقع العمل المختلفة، وبخاصة إلى ميناء مسيعيد، وفي كل مرة ألزم، بسبب الغبار المتطاير من عملية التفريغ، بالذهاب إلى المنزل للاستحمام وتغيير الملابس قبل أن أذهب إلى أي موعد آخر، وفي يوم الخميس، وتلبية لدعوة كريمة من الرئيس التنفيذي لشركة قطر للمواد الأولية لحفل تدشين السيور الناقلة، ذهبت ولا يدور بذهني إلا كيف أبتعد عن الميناء وغباره، وبعد كلمات الترحيب والشرح عن المشروع قام معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بتدشين السيور الناقلة، وبه بدأت عمليات تفريغ السفن، وتحميل الحمولة على السيور الناقلة. وانتظرت تطاير الغبار، مع أن الرياح كانت نوعاً ما شديدة، ولكن لم يحدث ذلك. الصراحة تعجبت من ذلك، ولكن العجب زال عندما عرفت أن المشروع مزود بأجهزة شفط آلية لتنقية الهواء من الأغبرة المصاحبة لحركة "الجابرو".
كانت البواخر في السابق، تأخذ ثلاثة أيام في تفريغ حمولتها من "الجابرو"، ففكر المسؤولون بشركة المواد لحل هذه المشكلة فخرجوا بمشروع السيور الناقلة. وفعلاً بدأ العمل بالمشروع، واستغرقت عمليات البناء والتركيب حوالي ثلاث سنوات، بتكاليف بلغت حوالي 1.6 مليار ريال، وبطاقة تصميمة بلغت حوالي 10 آلاف طن في الساعة، وبه تقلصت عملية تفريغ الباخرة الواحدة من ثلاثة أيام عمل إلى خمس ساعات ونصف الساعة فقط، الأمر الذي رفع الطاقة التفريغية للميناء لحوالي 30 مليون طن في السنة، ومن المتوقع نتيجة لتشغيل هذا المشروع، الحصول على: 1. تنويع مصادر الدخل والاقتصاد الوطني. 2. مضاعفة قدرة الاستيراد بتسريع عملية تفريغ السفن وتقليل أوقات انتظارها ما قلل من غرامات التأخير التي تحمل تكلفتها على المستهلك. 3. تأمين الكفاءة في عمليات نقل البضائع من المرفأ إلى منطقة التخزين بدون الحاجة إلى الآلاف من سيارات النقل الثقيلة وما تسببه من تلوث وضرر للبنية التحتية. 5. تأمين وجود المواد الأولية بشكل مستمر مما يسرع من عملية إتمام المشاريع في وقتها. 6. الحد من انبعاث الغبار. وفي نفس الوقت، ولكسر احتكار مناطق التخزين، قام معالي رئيس مجلس الوزراء بسحب جميع أراضي التخزين من شركات القطاع الخاص، ولكنه منح الشركات النشطة مجانية التخزين لمدة 21 يوماً، الأمر الذي فتح المجال أمام كل الشركات لاستيراد "الجابرو".
وفي الختام كنت آمل كما ذكرت في مقالاتي السابقة، أن تحقق شركة المواد الأولية استقراراً فى سوق المواد الأولية، وأن تضمن ثبات أسعارها، وبهذا المشروع (الذي يعد، من حيث الكفاءة والإنتاجية، الأول إقيليماً والسادس عالمياً)، فقد تحقق ذلك. بل وسيعمل المشروع إن شاء الله، على عودة سعر "الجابرو" لمستواه القديم (72 ريالا للطن)، بارك الله لنا في معالي رئيس مجلس الوزراء لمتابعته الدقيقة لأعمال الشركة، والتواصل المستمر بينه وبين إدارة الشركة التنفيذية لإنجاز المشروع، وبارك الله لنا في الرئيس التنفيذي بالتفكير الإيجابي ووضع الخطط محل التنفيذ، مما ترتب عليه الإنتهاء من المشروع بأقل من المدة المقررة، وأقل مما رصد له من ميزانيات.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع