قطر والعدالة الاجتماعية

 

قطر والعدالة الاجتماعية

نشرت جريدة الشرق، بتاريخ 22/10/2016، مقتطفات من محاضرة معالي الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية السابق، بعنوان "دور الخليج في عالم متغير" التي قدمها بمركز الشرق الأوسط بكلية "ال اس ايه" "مدرسة لندن للاقتصاد" بالعاصمة البريطانية. وفي هذه المحاضرة ركز معاليه على سبعة مخاطر تواجه الشرق الأوسط، وكل واحدة من هذه المخاطر جديرة بمناقشتها على حدة. ومقال اليوم سيركز على ما ذكره معاليه عن "تراجع الدولة في رعايتها الاجتماعية، وعدم القيام بمسؤوليتها تجاه أفراد المجتمع، مما أدى إلى ظهور خلل مجتمعي". وكما ذكر معاليه إنه من المهم أن تتحول قطر من الدولة الريعية التي تعتمد على تصدير النفط والغاز إلى الدولة الراعية اجتماعياً دولة الرفاه الاجتماعي المعتمدة على حكم الحق والقانون والتي تحقق العدالة الاجتماعية الكاملة.
إن العدالة الاجتماعية، حسب التعريفات المتخصصة، تعني رعاية الحقوق العامة للمجتمع والأفراد، وإعطاء كل فرد من أفراد المجتمع ما يستحقه من حقوق. ويؤكد علماء الاجتماع أنه لا استقرار اجتماعيا دون سيادة العدالة. وأركان العدالة الاجتماعية هي:1. المساواة بين الناس، ويجب مراعاة المساواة مع تساوي الاستحقاق. 2. التوزيع العادل للثروات وهو المساواة بين الطبقات الاجتماعية الضعيفة، وفي الحقوق المتكافئة. 3. احترام حقوق الإنسان المعنوية والمادية، وعدم الاعتداء عليه، أو انتهاك أي حق من حقوقه. بالإضافة لهذه الحقوق الثلاثة الأساسية فهناك حقوق أخرى أشار إليها القرآن الكريم في عدة مواضع. وبناء على ما سبق فإن العدالة الاجتماعية في مجملها تتلخص في إعطاء الفرد ما له، وأخذ ما عليه.
إن الدستور القطري أكد على العدالة الاجتماعية في العديد من مواده "انظر مواد الباب الثاني ومواد الباب الثالث من الدستور القطري". والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: هل عندنا في قطر عدالة اجتماعية؟ إن العدالة الاجتماعية، والحمد لله، مطبقة بقطر في نواح عدة، وليست كلها، من مناشط حياة الناس، ولكن ينغصها، ويبعدها عن درجة الكمال، بعض الأمور التي أتت من تفسير خاطئ لمواد الدستور، والتي تم تدعيمها بقوانين أو أوامر أميرية نافذة. فمثلاً الدستور أعلن المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ومع ذلك فالقانون فرق بين المواطن الأصيل والمواطن المتجنس في منح الأرض، وفي بعض الحقوق الأخرى. والقانون، مرة أخرى، هو الذي فرق بين المواطنين الذين يعملون بالقطاع المدني وبين أولئك الذين يعملون بالقطاع العسكري، وبالأخص فيما يتعلق بمدة الاستقطاع الشهري من الراتب لصندوق المعاشات، وبحق الحصول على مكافأة نهاية الخدمة. إلى جانب بعض الأمور الأخرى التي تعكر صفو الحياة وصفو النفوس ومن السهل إصلاحها. إن روح النظام والقانون والمساواة لا يمكن أن يتحقق إلا بتأسيس العدل والعدالة، ولهذا فإنه من المهم تعديل القوانين، وإلغاء أي أوامر أميرية، لا تتماشى مع مواد الدستور القطري بهدف الوصول إلى الوضع الصحيح والكامل للدولة الراعية اجتماعياً.
وفي الختام نقول الحمد لله الذي فضل دولة قطر على الكثير من الدول الأخرى بالخير الكثير، وبالشعب الطيب، وبولاة الأمور الذين يتبادلون مع شعبهم الحب والتقدير. إلا أنه من المهم العمل على إعطاء كل فرد من أفراد المجتمع ما يستحقه من حقوق مالية واعتبارية كفلها الدستور والقانون. ويجب ألا نسمح لبعض "الخبثاء" بالتفسير الخاطئ للقوانين، بهدف النيل من تماسك المجتمع مع قيادته. فالعدل، بكل ما يرمز إليه، هو الضامن الوحيد لدحر الأفكار غير السوية، وبقاء قطر متماسكة.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع