شكراً يا وزير الداخلية

 

شكراً يا وزير الداخلية

كان أفراد الأسرة القطرية، أيام زمان، يكفل بعضهم بعضاً من خلال منظومة الأسرة الممتدة، التي تقوم على عدة وحدات أسرية (تتكون من 3 أجيال وأكثر)، تجمعها الإقامة المشتركة، والقرابة الدموية، ويتمثل دورها في مراقبة أنماط سلوك أفراد الأسرة والتزامهم بالقيم الثقافية للمجتمع، وهي تعتبر بحق وحدة اقتصادية متكاملة، حيث يتشارك الجميع في المصروفات والنفقات، ومع تقدم عملية إنتاج النفط وازدياد مداخيله، وقدوم المستشارين والمهندسين الوافدين من مناطق لا يوجد بها تماسك أسري، بدأت الأسرة الممتدة بالتفتت وحل محلها الأسرة النووية، التي تتكون من الأب والأم وأطفالهما، وتتصف هذه الأسرة بصغر حجمها وبقوة العلاقات الاجتماعية بين أفرادها. لم يكن هناك، في بداية تكون هذه الأسر، أهمية لخروج المرأة للعمل، فالدولة كانت توفر التعليم بشكله المجاني المطلق، فالطالب كان يمنح الكتب والدفاتر وكل أدوات الكتابة والهندسة والرسم بشكل مجاني، وفوق ذلك كانت تصرف للطالب وجبتا الإفطار والغداء، ومساعدة مالية شهرية، وجميع ما يلبسه الطفل للذهاب للمدرسة. ومع تراجع دور الدولة في توفير ما سبق مجاناً، ومع غلاء الأسعار، وتردي حالة الأسر الاقتصادية، وعدم وجود الدعم المالي الذي كنت الأسرة الممتدة توفره، اضطرت الأم للخروج للعمل لتساعد زوجها في توفير المتطلبات الحياتية لأفراد الأسرة، وفي البداية كانت الأمور ميسرة، لأن الموظفين والموظفات والطلاب كانوا ينتهون من التزاماتهم بعد صلاة الظهر بقليل، يعني ما أن تصل الساعة الواحدة ظهراً إلا وجميع أفراد الأسرة في البيت. ولكن بقاء الحال من المحال، فبدأت ساعات العمل في ازدياد، وبخاصة عندما تم تطبيق العمل لخمسة أيام في الأسبوع، وبه زادت معاناة المرأة التي تضطر إلى الجمع بين العمل في الوظيفة، وتحمل كافة الواجبات المنزلية والأسرية، إن وظيفة الرجل، كما هو معروف، تنتهي بانتهاء دوامه في العمل، أما الزوجة العاملة فإنها تنتهي من وظيفتها لتبدأ وظيفة منزلية أكثر إرهاقاً وتعباً، وللتعويض عن خروج المرأة للعمل بدأت الأسر بجلب الخادمات مما زاد المشاكل داخل محيط الأسرة.
لقد أدرك وزير الداخلية أهمية عمل المرأة للمساعدة في تنمية الوطن، والمساهمة في زيادة الدخل، والمشاركة في الأعباء المالية للزوج. وفي نفس الوقت يعرف أن الأسرة هي التي تمد المجتمع بالقوى العاملة، فبصلاحها يصلح المجتمع، واستشعر سعادته أن خروج المرأة للعمل سيؤثر على الأسرة وقوتها لأن الآثار السلبية قد تفوق في خطورتها الآثار الإيجابية. ولهذا قرر بأن المرأة العاملة في وزارته يجب أن تخرج قبل وصول الأب والأولاد إلى المنزل، فقام بتحديد عمل المرأة ليكون من الساعة 6:30 صباحاً حتى الساعة 12:30 ظهراً، مع إلزام المرأة العاملة بتأدية مهامها الوظيفية، في الفترة المحددة، بشكل كامل. وفجأة أصبحت وزارة الداخلية، بهذا القرار، كتلة من النشاط، وأصبح العمل، باستخدام الوسائل الحديثة، يتم في بضع دقائق بعد أن كان يتم في عدة أيام، وأصبحت الوزارة نقطة جذب قوية للمرأة الباحثة عن عمل.
وفي الختام أقول إن عمل المرأة أصبح ضرورة من ضرورات الحياة المعاصرة، وفي هذا أقول شكراً لوزير الداخلية على تقديره للمرأة، وعدم انتقاص حقها في العمل، وفي رعاية شؤون أسرتها. ونأمل أن يقوم بقية الوزراء والمسؤولين في كل القطاعات بإتباع نهج وزير الداخلية. إن بقاء الأم خارج البيت لمدة تزيد على 10 ساعات (مع التنقل) سيترك الأولاد، وبخاصة الأطفال منهم، بدون أمهم كل هذه المدة وهو أمر ليس هيناً.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع