أين العدالة في الرسوم؟

 

أين العدالة في الرسوم؟

بعد نشر مقالة "خافوا الله يا مسؤولين" اختلفت ردود الأفعال من المجتمع ورجال الأعمال، ولكنهم أجمعوا على أن ما تم عمله هو خطأ جسيم من الوزارة، فكيف تصعد الرسوم من 200 ريال إلى 50 ألف ريال عند الإنشاء و10 آلاف ريال سنوياً؟ (انظر الشرق 25/9/2016). ودارت المحاورات مع القراء حول:
أولاً: هل هي ضريبة أم رسوم؟: من المعروف أن الجهات الحكومية تقدم خدمات كثيرة للمواطن، ومن ثم فإن عائد هذه الرسوم سوف يسد الحاجة في ميزانية الدولة مقابل تلك الخدمات، ولكن يجب أن تكون هذه الرسوم موازية لقيمة الخدمة التي طلبها الفرد، أو التي تقدم له دون طلب منه، ويجب أن لا تكون رسوماً تحقق أرباحاً طائلة للحكومة، لأنها في هذه الحالة تسمى ضريبة مستترة. والضريبة في الإسلام محرمة، فلا يجوز أخذ مال امرئ معصوم إلا بطيب نفس منه، لأن مثل هذا العمل يعتبر أخذ أموال الناس بغير حقها، وصرفها في غير وجهها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل الجنة صاحب مكسٍ"، والمكس هو الضريبة. وما تم فرضه هو ضريبة بكل معاني الكلمة. فأين هي الخدمات مقابل ما تم فرضه؟
ثانياً: ما موقف الحكومة من دعم الشركات؟: الدولة تنادي بدعم شركات القطاع الخاص وآخر عمل في هذا الشأن هو مصادقة سمو الأمير المفدى، في 29/6/2016 على قرار مجلس الوزراء رقم (23) لسنة 2016 بإنشاء وتشكيل اللجنة الفنية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية. لكن الصراحة إن الوضع في البلد غير صحي وغير مناسب لعمل الشركات. وما دعوات التحفيز إلا شعارات تطلق ليسمع بها كل من سمو الأمير المفدى ومعالي رئيس مجلس الوزراء، ولكنها في الحقيقة تطلق بدون أي قناعة من المسؤولين. وفي هذا فإنني أدعو، بل أشجع، جميع المستثمرين، إذا أرادوا النجاح وقطف ثمار استثماراتهم، بالتوجه إلى خارج قطر.
ثالثاً: على أي أساس فرضت الرسوم الجديدة؟: كل عمل لا بد له من سبب وجيه. وبحثت لمعرفة الأسباب فقيل لي بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية، مما أدى لعجز بموارد الموازنة. ولأنني مطلع على الكثير من البيانات المالية للدولة فأقول وبكل ثقة أن موارد الدولة أقوى من انخفاض مؤقت بأسعار النفط، ولن تتأثر الأجيال القادمة بأي مشكلة، والدليل على ذلك استمرار الدولة بالاستثمار الخارجي، وأيضاً استمرارها في تقديم القروض والمساعدات المليارية للدول والمنظمات الخارجية. أما السبب الأقرب للمنطق، حسب رأيي، هو تنظيف السوق من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تنافس الشركة المساهمة الحكومية في أعمالها، وإعداد السوق لشركة أخرى قادمة عن قريب.
رابعاً: هل هناك عدالة في فرض هذه الرسوم؟ للأسف لا توجد عدالة في فرض الرسوم فقد تم فرضها على جميع الشركات، بغض النظر عن حجمها، ومجال عملها. فقد طبقت على الشركات الصغيرة والتي لا يزيد عدد العمالة فيها عن اثنين من الأفراد بنفس الدرجة على الشركات التي يتواجد فيها المئات من الموظفين. ففي الدول المتقدمة تفرض ضرائب علنية، وليست مستترة، بناءً على أداء وأرباح الشركات وليس على نشاط الشركات. وسألت عدداً من أصحاب الشركات فأبدوا استعدادهم لدفع أي رسوم، أو أي ضرائب، إذا ألغي الاحتكار وصارت المنافسة شريفة بينهم وبين الشركة الحكومية في ترسية العقود من خلال مناقصات نزيهة. ولكن الذي يحدث أن العمل تتم ترسيته من الحكومة للشركة الحكومية مباشرة.
خامسا: هل الرسوم صاحبها حماية للشركات؟: الشركات المواطنة التي فرضت عليها هذه الضرائب المستترة لها الله، فهي تصارع من أجل البقاء. والمنافسين لهذه الشركات تأتي، بعلم ومعرفة الحكومة، من ثلاث جهات. فهي تأتي من: 1. الشركة الحكومية (ذكرت سابقاً). 2. المنافسة الخارجية: وفي هذه يأتي مندوبي الشركات الخارجية (في غالبيتهم من الجنسيات الآسيوية ويأتون من الإمارات) بطائرة الصباح ويغادرون بطائرة المساء، بعد أن يقوموا باللف على الجهات المختلفة، حكومية وخاصة، ويسحب غالبية الأعمال عن الشركات القطرية، وبدون أن يدفعوا ريالاً واحداً للحكومة. 3. المنافسة غير القانونية: وهو قيام عدد لا يستهان به بالعمل من خلال المنازل. وهؤلاء تكون أعمالهم رخيصة جداً، لأنهم غير ملتزمين بأي مصروفات أياً كان شكلها. فلا يدفعون إيجارات تقصم الظهر، ولا رواتب موظفين، ولا كهرباء أو ماء أو غيرها من المصروفات .. فأين الحماية؟
وفي الختام، نقول للمسؤولين خفوا شوية من لمِّ الفلوس من الشركات، وعدم المغالات في الرسوم، لأن دافع هذه الضرائب المستترة (التاجر) يستطيع نقل عبئها على المستهلكين الذين لديهم ما يكفيهم من هموم والتزامات مالية.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع