الأمير والعقبات المفتعلة

 

الأمير والعقبات المفتعلة

صبيحة يوم الثلاثاء 3/11/2015 جلسنا، كما هو الحال مع الآلاف من المواطنين والمقيمين، نستمع لخطاب سمو الأمير المفدى في افتتاح دور الانعقاد الرابع والأربعين لمجلس الشورى. وجذب انتباهي فقرة في خطاب سموه وهو يقول فيها إنه "من الضروري إزالة العقبات البيروقراطية من طريق الاستثمار، ولا سيما بعض الإجراءات التي أصبحت مجرد عثرات تعيق العمل، وينطبق ذلك أيضا على كثرة التغييرات في الإجراءات والمعاملات والنماذج اللازمة والتراخيص، مما يربك المواطن والمستثمر المحلي والأجنبي". وفسر سمو الأمير ذلك بأنه "لن يقدم كثيرون على الاستثمار، إذا طُلِب من المستثمر كل يوم تعبئة نموذج جديد، وترخيص جديد". وأضاف سموه أنه "لا يوجد استثمار بدون شروط. ولكن يجب أن تكون الشروط والإجراءات في بلادنا واضحة وغير معقدة ومستقرة". إن هذا الكلام من سموه يكشف عن الرغبة الأكيدة لدعم استثمار القطاع الخاص، وإتاحة الفرصة أمام الشركات القطرية والعالمية للمساهمة في المشروعات المختلفة. إن مسعى سمو الأمير المفدى، عند تبني الاهتمام بالقطاع الخاص، هو مسعى صادق بغرض تحقيق أهداف أساسية تخدم مستقبل قطر والقطريين. ومن أهم هذه الأهداف: 1. تحقيق الأمن القومي عن طريق تنويع وزيادة الدخل القومي لدولة قطر. 2. توطين رؤوس الأموال المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية. 3. تنمية الصادرات القطرية. 4. رفع درجة رفاهية المواطن. بجانب مكاسب أخرى عديدة. إن الجهة المعنية أخذت التوجيهات التي حددها سمو الأمير المفدى في خطابه، ومن ثم درستها دراسة متأنية، ووضعت الخطط الكفيلة بتحقيق ما يخالف تلك الرغبات. وهذا يعتبر، في حكم الشرع، خروج على ولي الأمر. وقبل أن نبدأ موضوعنا فإنه لابد من التفريق بين استخراج سجل تجاري والذي لا يأخذ سوى بضع دقائق واستخراج رخصة تجارية، والتي تأخذ على الأقل عدة أشهر، وهناك البعض أخذ استخراجها منه أكثر من سنة كاملة، وهو يدفع دم قلبه على الإيجارات والمصاريف بدون أن يمارس أي نشاط أو يحقق أي عائد.
من أساسيات الرخصة، كما هو معلوم، هو تأجير محل أو مكتب أو معرض. وكان في السابق يكتفى بعقد الإيجار بين المستثمر والمالك، ولأنه أمر سهل ولا تعقيد فيه فقد طلبوا من المستثمر إحضار إقرار بالتخويل في إيجار عقارات بين المالك والوسيط العقاري، ومعه لابد من إحضار عقد التأجير، ومعه إقرار بعلاقة إيجارية بين المؤجر والمستأجر. وهذه فقط هي البداية. بعدها لابد أن يخضع المكان المُستأجَر لموافقة من المفتش المختص، مع العلم بأن الدول المتقدمة تجيز فتح مكاتب إدارية على جميع الشوارع الرئيسية وفي العمارات والأبراج إلا في قطر. الأمر الذي أدى إلى محدودية مناطق الأنشطة وعمل على رفع قيمتها الإيجارية. والمستثمر، سواء كان مواطناً أو أجنبياً، بعد ذلك يواجه ما لا يقل عن 20 شرطاً آخر إذا رغب في استخراج الرخصة وهذه الشروط في مجملها تعتبر مهلكة للمال والجهد. إن مشاكل الرخصة التجارية لا تكمن في كثرة الشروط المفروضة بل تكمن في الوقت المستهلك في انتظار الموافقة على الطلب، وخصوصاً إذا دخل على الخط أخذ موافقات جهات رسمية أخرى. أما مدة صلاحية الرخصة، وقبل أن يأمر سمو الأمير بتسهيل الإجراءات، كانت سنتين أو ثلاث سنوات، ولكن الجهة المعنية قلصتها إلى سنة واحدة فقط، مما يجبر المستثمر على المعاناة سنوياً. والمشكلة أن تأخر المستثمر في تجديد الرخصة يعرضه إلى غرامة شهرية بقيمة 500 ريال عن كل شهر. وهذا، كما أراه، هو إجراء ابتزازي، وبدون وجه حق، من الجهة المعنية. (تصل الغرامات إلى أضعاف مضاعفة من قيمة التجديد).
وبسؤالي عن أسباب هذه التعقيدات قيل لي إن الهدف هو القضاء على الشركات الوهمية غير الفاعلة، والتي تؤسس لغرض تجارة الفيز (التأشيرات). إن هذه الجهة، كما أرى، هي ليست الجهة المسؤولة عن هذا الأمر، بل هو من اختصاصات وزارة الداخلية والتي تفرض غرامات مالية عالية لكل من يخالف شروط العمل والإقامة في قطر. بالإضافة إلى أن تحويل رواتب المكفولين من خلال البنوك حد أو قضى على هذه الظاهرة. والأمر الآخر: لماذا يتم طلب شهادة إتمام بناء؟ وشهادة الدفاع المدني؟.
وفي الختام نقول يا مسؤولين لماذا تخالفون وتخرجون عن طوع ولي الأمر. إن سمو الأمير المفدى يتطلع إلى أن تكون قطر مركزاً مالياً وتجارياً وصناعياً، ولكن شروط استخراج الرخص التجارية، التي في مجملها لم ترد في القانون بل هي اجتهادات، تعمل على إعاقة عملية الاستثمار في قطر بل وقد تؤدي في أحيان كثيرة إلى هروب رؤوس الأموال.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع