قطع العمل الإضافي

 

قطع العمل الإضافي

ساعات العمل الإضافية (Overtime) هي الساعات الزائدة على الساعات التي يحددها قانون العمل والمثبتة في عقد عمل الموظف. وحددت المادة (40) من قانون رقم (8) لسنة 2009 بشأن إدارة الموارد البشرية بأن "الموظف يستحق بدل عمل إضافي عن ساعات العمل الإضافي التي يكلف بها بقرار من الرئيس التنفيذي، بناءً على اقتراح مدير الإدارة المعنية، ويحسب هذا البدل على أساس أن ساعة العمل الإضافية تساوي ساعة وربعاً في أيام العمل العادية، وساعة ونصفاً في أيام العطلات الرسمية". أما المادة (41) فقد ذكرت بأنه "في جميع الأحوال، يجب ألا يزيد بدل العمل الإضافي على 40 % من الراتب الأساسي". ولكننا وجدنا أن بعض الجهات، في ظل عجز الموازنة، تحاول جاهدة، وبشتى الطرق، تقليص النفقات عن طريق إلغاء بدل العمل الإضافي. ولكنه فات عليهم أن بدل العمل الإضافي محكوم برباط قانوني محكم بنوعية الوظيفة التي يتطلب لها العمل الإضافي، وفي نفس الوقت لا يمكن لأي جهة أن تجبر الموظف أو العامل على التنازل عن حقه في الحصول على أجر ساعات العمل الإضافي للوظيفة المقرر لها ذلك البدل. فهذا الحق من الحقوق المحفوظة والمحمية للموظف أو العامل التي لا يمكن التنازل عنها بأي حال، حتى لو أن صاحب الشأن تنازل عن ذلك الحق ووقع على تصريح خطي بذلك، ويعتبر تنازله لاغياً لا يلتفت إليه وليس له أي مفعول.
إن من اقترح على بعض المسؤولين وأقنعهم بإلغاء بدل العمل الإضافي، حسب ما أرى، هو يقصد، في المقام الأول والأخير، مصلحته ومصلحة من يعيشون في دائرته، وفي نفس الوقت مضرة قطر وأهل قطر. إن للعمل الإضافي منافع كثيرة وسأكتفي، لصغر المساحة، بذكر أهم ثلاثة منها، وهي:
أولاً: توفير في النفقات العامة: لولا حاجة العمل لما تطلب الأمر تكليف بعض الموظفين بالعمل لساعات إضافية. إن العمل الإضافي يؤدي إلى توفير، وبشكل واضح، في النفقات العامة. فبدلاً من أن تنفق الجهة 100 % زائد العلاوات والبدلات المقرة رسمياً على موظف جديد، فإنها تنفق بحد أقصى 40 % من الراتب الأساسي وبدون صرف العلاوات والبدلات المقرة للوظيفة المعنية. ففي الوقت الذي أعلنت بعض الجهات إلغاء هذه العلاوة فإنها ملزمة بتعيين موظفين جدد للقيام بتلك المهام وهذا سيؤدي إلى زيادة النفقات.
ثانياً: الحد من تدفق العمالة الوافدة: فبالعمل الإضافي نستطيع أن نوقف السيل المنهمر من العمالة الوافدة. لأنه بدلاً من دعوة شخص إضافي من الخارج لملء الوظيفة لسد حاجة العمل يكتفى بالموجودين. وهذا الأمر سيكون من شأنه أن ينعكس إيجابيا على التركيبة السكانية بتقليل عدد العمال الوافدين، وله انعكاساته الطيبة في الحد من التضخم، ومن زحمة المواصلات، وسيحد من الارتفاع غير المبرر في الإيجارات وإلى غيره من الأمور الأخرى. وعندي إحساس بأن المقصود من إلغاء العمل الإضافي للمواطنين هو تعظيم الحاجة لعدد أكبر من العمالة الوافدة.
ثالثاً: تحسين دخل المواطن: إن دخل المواطن الصافي المترتب على العمل الإضافي مهم جداً في تحسين معيشته ولتحقيق قدر معقول من التوازن لمواجهة نسب التضخم المرتفعة والغلاء الفاحش الذي تشهده البلاد. إن هذا الدخل الإضافي يحسن من دخل المواطن ويؤدي إلى زيادة إنفاقه والذي سينعكس بدوره إلى انتعاش السوق المحلي.
ومع أن الدراسات الحديثة تبين، بشكل واضح، أن العمل لساعات إضافية بهدف زيادة الدخل الشهري يأتي على حساب الصحة والراحة، وأن هذا الأمر لن يوفر السعادة الأسرية. ولكن في الحقيقة ان تفضيل زيادة الدخل يرجع إلى تغيرات رئيسية في حياة المواطنين، بالإضافة إلى البحث المتواصل لمصادر رزق أخرى تستر الحال وتحفظ مستوى عيش كريم. ولذلك نجد أن العديد منهم يعتمدون، بشكل أساسي، على ساعات العمل الإضافية لزيادة الدخل الشهري. وحتى لا نظلم الذي يعمل والذي لا يعمل فإنه لزاماً على الحكومة تحديد الوظائف التي تستحق أجراً اضافياً مع وضع قواعد وشروط واضحة ومعلومة لجميع العاملين والموظفين.
وفي الختام أقول: إنه من المهم إرجاع ما تم قطعه من علاوات وبدلات لحفظ ماء وجه المواطن وعدم دفعه لحافة الفقر والعوز. وفي هذا المقام يراودني سؤال بريء جداً: يقولون خلنا نوفر لمواجهة عجز الموازنة.. ألا ينظرون إلى المصاريف الخاصة (هبات ودعم للمزارع والشركات الخاصة) والمهرجانات والمهمات وبدلاتها وما يصرف لبعض الوافدين (مثل علاوات خاصة وبدل ندرة وتغرب ومدارس خاصة) وغيرها الكثير؟ ألا ينظرون للتوفير من هذه المصاريف كلها ويسارعون بقطع الفتات الذي يعيش عليه المواطن "اللي على قد حاله"؟
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع