سمو الأمير والوزراء

 

سمو الأمير والوزراء

اسمح لي يا سمو الأمير، عبر هذا المنبر، أن أشكر سموكم على كلمتكم في اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد بالديوان الأميري يوم 27 /1/ 2016، وأرغب في التعليق على بعضها. وكما يقولون إن "أهل الشمال.. يمشون ويدعمون". يعني أن أهل الشمال فيهم "دفاشة" في قول الحقيقة، ولا يعرفون كيف يزينون الحقائق قبل ذكرها. فلذلك تحملونا.
أولاً: ثقة المواطنين: لقد أكد سموكم على "ان ثقة المواطنين هي أهم مكسب". كلمة فيها دلالات عميقة خرجت من أمير يحب شعبه وشعبه يبادله الحب، وهذا الحب ينم عن ثقة كبيرة متبادلة بين الطرفين. إن المواطن لن يمنح الثقة لأي مسئول إذا لم يقم هذا المسئول بالعمل المخلص في تحقيق الأهداف والخطط المرسومة لضمان أسباب العيش الكريم له ولأبنائه من بعده. إن الجلوس مع سموكم، ومع معالي رئيس مجلس الوزراء، والتحدث إليكما، أسهل بكثير من الحصول على موعد لمقابلة بعض المسئولين من أصحاب أبواب الأقفال الإلكترونية، والمصدات البشرية، الذين يبتكرون كل الطرق للهروب من المراجعين الذين، بسبب عقلية بعض الموظفين، لا يستطيعون انهاء معاملاتهم.
ثانياً: تنويع مصادر الدخل: إن هذا الأمر صعب تحقيقه طالما أن العقليات والإجراءات المتحجرة واقفة في طريق المستثمرين. لقد طالبت مراراً: 1. بمنع الاحتكار: ولكن، ولربما لمصالح خاصة لبعض المسئولين، يزيد الاحتكار رسوخاً في تركيبة الاقتصاد القطري. 2. بتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين: لكني وجدت أن هذا الأمر يصل إلى حد الخيال وبخاصة في مجال التراخيص، وليس السجلات، التجارية. 3. بتسهيل طلب العمالة: وبسبب إجراءات إدارة الاستخدام بوزارة العمل، واللجنة الدائمة للاستقدام، فإن المستثمر يحتاج إلى عدة أشهر لاستكمال جلب العمالة المطلوبة. 4. برفع وعي مفتشي الضبطية القضائية الذين لا يملك معظمهم من العلم والخبرة أي ذرة، ويتفننون في تحرير المخالفات على مزاجهم، مما يعطل المستثمر عن العمل، ويستنزف رأس ماله.
ثالثاً: خدمة المواطنين وطرق عيشهم: أعلم علم اليقين بأن سموكم صادق عندما قلتم للوزراء "إن مسؤوليتكم في ظل انخفاض أسعار النفط أكبر، ولكن خدمة المواطنين وطريقة عيشهم يجب ألا تتأثر بهذه الأوضاع". ولكن عندي شك كبير في توجهات بعض المسئولين. فقد بدأوا، قبل اقرار موازنة 2016، بالعمل على تنغيص عيشة المواطنين والتنكيل بهم بدءاً من: 1. رفع أسعار المحروقات وهذا الرفع سوف يزيد من تكلفة جميع السلع والخدمات، بما فيها تكلفة البناء وغيرها مما سيؤثر وبشكل كبير على انفاق المواطن. أما حجتهم بأن أسعارنا لا تزال أقل من الأسعار العالمية فهذا فيه تزييف للواقع. لأنه فات عليهم بأن السعر العالمي يدخل في تركيبته عوامل عدة منها الشحن، والنقل، وضريبة الطاقة، ورسوم الامتيازات وغيرها. 2. قطع بعض البدلات عن المواطنين: وهذه البدلات كانت تصرف للموظف لعشرات السنين، ولا يجوز قطعها فجأة وبدون سابق إنذار لأنها بذلك ستقلب حياة المواطن رأساً على عقب. ولهذه الأمور، وغيرها الكثير، نعرف أن حبكم للشعب يختلف عن حب بعض المسئولين لهم.
رابعاً: وجود الأخطاء: ولا اختلف مع سموكم بان حصول الأخطاء أمر طبيعي، لكن من غير الطبيعي أن يتكرر الخطأ نفسه عدة مرات. نحن لا نشك بمسئولينا، ولا نتهمهم بالفساد، ولكن الاعتماد على المستشارين الوافدين هو الذي قاد لتكرار الخطأ. فكلما يذهب أحدهم ويأتي غيره نجد هذا الأخير يبدأ من الصفر كأن الذين سبقوه لا يفقهون شيئاً. إن الاعتماد على المواطنين يعطي إنسيابية وتتابعية واستمرارية في الخطط وتنفيذها.
خامساً: الفساد المالي والإداري: وهو أمر لا يمكن القضاء عليه مطلقاً طالما هناك: 1. احتكار حكومي على معظم الأنشطة والخدمات. 2. بقاء المسئولين مدة طويلة في مناصبهم. 3. كثرة الاجراءات والتعقيدات الإدارية لأي معاملة. 4. ضعف المساءلة العامة وغياب مبدأ "من أين لك هذا؟". 5. عدم تفعيل الأجهزة الرقابية وتشديد العقوبات المفروضة.
سادساً: تأهيل القيادات: أتفق مع سموكم بأن تأهيل القيادات المستقبلية في كل وزارة ضرورة ولكن عندما يشعر المسئول بانه من الممكن ان يبقى إلى أبد الابدين في موقعه، فعندها سيكون الواقع هو تحطيم وليس تأهيل القيادات المستقبلية. وعليه فإنه لابد من تدوير الموظفين والمسئولين بشكل مستمر حتى لا يخلقوا بؤر فساد تؤثر على الجميع.
وفي الختام أقولها بصراحة: إن ثقتنا في سموكم كبيرة وقوية جداً. وأقول: إن اختياركم لرئيس مجلس الوزراء كان في محله. ونأمل أن يكون اختياركم للوزراء كذلك. وستظل يدنا تساند يد سموكم في الخير. وسنكون، وبكل نزاهة وضمن اطار سيادة القانون، عيون وأيادي الوطن في متابعة عمل الأجهزة الرسمية.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع