المراكز الصحية ونظام المواعيد

 

المراكز الصحية ونظام المواعيد

الكل يتحدث، وبغضب شديد، عن نظام المواعيد الجديد الذي طبقته جميع المراكز الصحية بدءاً من 1/1/2016، لدرجة أن بعض الجرائد خصصت صفحات منها لنقد هذا النظام. وطبعاً أخوكم في الله شارك الجميع هذا الغضب، ولكن بدرجة أقل. وبعدها امتنعت عن الكتابة عن شيء أجهله وقررت، بدلاً من ذلك، التوجه إلى أحد المراكز الصحية التي أتبعها. والحمد لله أن هداني ربي لهذا حتى لا أتمادى في الغلط على خطوة ربما ستحقق الكثير للمواطنين والمقيمين. وفي وقت لاحق تمنيت أنني لم أذهب لهذا المركز لأن أحد المراجعين، والحمد لله، أعطاني هدية من النوع الثقيل أعتقد أني لا أستحقها وهي نزلة برد شديدة ألزمتني البقاء بالمنزل لعدة أيام.
إن مؤسسة الرعاية الصحية الأولية، التي تتبع لها كافة المراكز الصحية، قامت بإطلاق نظام التصنيف الطبي للمراجعين. وهذا النظام يقوم أساساً على أحقية المريض بالدخول إلى الطبيب المعالج، وترك المجال للطبيب ليأخذ وقته في فحص المريض، واقتراح العلاج المناسب، بدون ضغط من المرضى الآخرين المتكدسين على بابه. والنظام يتبع أسلوبين في العمل وهما: 1. تحديد موعد مسبق قبل الحضور إلى المركز الصحي، وفي هذا اختصار للوقت الذي يقضيه المريض في انتظار معاينته من قبل الطبيب، باعتبار أن الموعد الذي تم حجزه للمريض مخصص لهذا المريض دون غيره. أو 2. حضور المريض للمركز الصحي بشكل عادي وبدون موعد مسبق، حيث سيتم فحصه وتقييم حالته الصحية من قبل طاقم تمريضي متخصص، وبالتالي يتم تصنيفه بحسب احتياجاته الطبية إلى حالة عادية أو حالة طوارئ. وستكون الأولوية للحالات الطارئة التي تحتاج للعلاج فوراً، أما بالنسبة للمرضى العاديين، والذين لديهم احتياجات دورية، سيتم إعطاؤهم مواعيد في نفس اليوم، أو في يوم لاحق. وفي الحقيقة جربت الطريقتين بشكل عملي. ففي الأولى قمت بالاتصال في الساعة 2:40 عصراً برقم 107 لحجز موعد طبي لاثنين من أحفادي وبمجرد الانتهاء من ضرب الأرقام وبدون تأخير رد على شخص (يا ليت بعض شركات الاتصال يتعلمون منهم ذلك) وطلب تحديد المركز الصحي وطلب الرقم الطبي. وفي لحظات تم تحديد الساعة 8:00 مساء في نفس اليوم موعداً للحفيد الأول، والساعة 8:10 مساء موعداً للحفيد الثاني. وقبل الموعد بربع ساعة كنا على مدخل المركز الصحي وتم تسليمنا أرقام الدخول لفحص المؤشرات الحيوية. وفي الموعد المحدد كنا مع الطبيب المعالج. وفي الحالة الثانية، وبدون موعد مسبق، أخذت حفيدتي، التي كانت تشتكي من درجة حرارة مرتفعة، إلى المركز الصحي، وعند دخولنا المركز تم تسليمنا أرقاما لدخول غرفة التصنيف الطبي للمرضى، وبعد الفحص تم تصنيف حالة حفيدتي كحالة طارئة ومن ثم أخذت الممرضة الملف الطبي إلى غرفة الطبيب المعالج طالبة منه مباشرة هذه الحالة الطارئة. وفعلاً تم دخولنا إلى الطبيب في فترة تقل عن الدقيقة الواحدة. ومن تقييمي للتجربتين يتضح لي أن النظام، من وجهة نظري، ناجح ولم يعد هناك ما يستدعي حضور المريض، ما عدا الحالات الطارئة، إلى المراكز الصحية لتلقي العلاج إلا بموعد مسبق مما قد يجنبه، كما حدث لي شخصياً، التعرض للإصابة بعدوى من المرضى الآخرين.
إن نظام المواعيد الجديد، حسب ما أرى، هو الحل الأمثل في التخفيف من معاناة المرضى. فبدلاً من الانتظار الطويل، ومضايقة المرضى الآخرين، يأتي المريض على موعده ليدخل مباشرة على الطبيب. ولكن عيب هذا النظام، حسب ما أرى، هو اعتماد ستة مرضى لكل طبيب في الساعة. وهذا يعني عدم تمتع الطبيب بفترة راحة طيلة فترة الدوام الرسمي وبخاصة إذا أتت حالات طارئة يجب معالجتها. ولهذا فإنه من المهم دعم المراكز الصحية بعدد إضافي من الأطباء يتناسب مع عدد سكان المنطقة، وفي نفس الوقت، ليخفف العبء عن الأطباء الحاليين. والنظام الجديد يحتاج، مع احترامي الشديد لكل العاملين بالمركز، إلى موظفي استقبال متخصصين يجهزون ملف المريض قبل حضوره ومن ثم إرساله لممرضات قياس المؤشرات الحيوية. ولقد شد انتباهي، لغياب الموظفين المتخصصين، التكدس الكبير من المرضى وذويهم أمام غرفة قياس المؤشرات الحيوية بحجة أن الملف لم يصل من الاستقبال، علماً بأن بيانات المريض قد سجلت قبل حضوره من قبل العاملين على رقم 107.
وفي الختام أقول إن النظام الجديد ممتاز، ولكنه يحتاج إلى حملة توعية، وإلى وقت لكي يتم استيعابه بالشكل المطلوب. وبشكل عام أن ما صرف من أموال لإيجاد مثل هذا النظام هو صرف تم فعلاً في مكانه. بارك الله في كل من سعى للصالح العام.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع