المواطن يدفع عجز الموازنة

 

المواطن يدفع عجز الموازنة

أصدر سمو أمير البلاد المفدى القانون رقم (26) لسنة 2015 باعتماد الموازنة العامة لدولة قطر للسنة المالية 2016. والملاحظ أن تقديرات إجمالي الإيرادات تبلغ 156 مليار ريال، في حين أن تقدير إجمالي المصروفات بلغ 202.5 مليار ريال. وهذا يعني عجزاً مالياً يواجه ميزانية 2016 يبلغ 46.5 مليار ريال. وهذا العجز هو نتيجة لانخفاض ايرادات النفط والغاز. والعجز المتوقع، حسب ما أرى، أعلى مما ذكر، حيث تم اعتماد متوسط سعر النفط في موازنة 2016 عند مستوى 48 دولاراً للبرميل. وبحسب الأسواق العالمية (كما هو في 1/1/2016) فقد بلغ سعر البرميل 37.08 دولار للبرميل. ومهما يكون حال أسعار النفط، فإن قيمة العجز، بشكل عام، ليس بالمبلغ الكبير على دولة قطر التي تستطيع تجاوزه بكل سهولة وذلك لوجود إيرادات لم تضمن بالميزانية (مثل الإيرادات من احتياطيات مصرف قطر المركزي أو من استثمارات جهاز قطر للاستثمار). وعندما قام وزير المالية بإبلاغ مجلس الوزراء بهذه الحقائق بدأت المشكلة. فقام المجلس بتوجيه الوزارات والأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة لمراجعة الخدمات التي تؤديها، على أن يوافي جميع الوزراء سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء باقتراحاتهم حول ملاءمة تعديل بعض الرسوم، أو تحديد رسوم لبعض الخدمات، التي تقدم دون مقابل حالياً، في موعد أقصاه نهاية ديسمبر 2015. وهذا التوجه، غير المحمود، ذكرني بقصة أحد أمراء المؤمنين الذي خرج في ليلة حالكة السواد يتمشى في عاصمة دولته. ومع أن حاشيته كانوا يحملون معهم الأنوار لينيروا له الدروب، إلا أنه أحس بالرهبة والخوف. فأمر وزيره لينير شوارع المدينة كلها. فلما ذهب الوزير إلى بيت مال المسلمين (وزارة المالية حالياً) لم يجد الأموال الكافية لتنفيذ أمر أمير المؤمنين. فما كان من وزير أمير المؤمنين إلا أن أصدر أمراً لكل صاحب مسكن بالمدينة لوضع سراج على باب مسكنه وإلا تعرض للعقوبة. وبعد أيام ذهب أمير المؤمنين ليتمشى في شوارع المدينة ووجد المدينة كلها مضاءة فشكر الوزير على تنفيذ الأمر بهذه السرعة. أما الوزير فقد حظي برضا الأمير، ولم يصرف درهماً واحداً من بيت أموال المسلمين. ما أشبه الليلة بالبارحة. إن الحكومة، مع ما أعطاها الله من خير، تريد أن تحل مشكلة العجز المالي عن طريق رفع الرسوم المؤداة لخدماتها، بالإضافة إلى فرض رسوم جديدة على المواطنين والمقيمين. وبهذا يتحقق لها تنفيذ مشاريعها بالكامل بدون أن تصرف ريالاً واحداً من مواردها.
إن سمو الأمير المفدى كان أكثر إيجابية ممن طالب برفع الرسوم وإيجاد رسوم جديدة على المواطن والمقيم، فقد حدد سموه في آخر خطاباته أصل مشكلة العجز بقوله "ومنها النزوع إلى الهدر في الصرف، وبعض الترهل الوظيفي في المؤسسات، وعدم المحاسبة على الأخطاء في حالات كثيرة، لأن توفير المال قد يستخدم للتغطية على الفشل في بعض المؤسسات". ولهذا، فبدلاً من رفع قيمة الرسوم الحالية، فإن سمو الأمير يرى "أن نحوِّل ضبط الانفاق الاضطراري في هذه المرحلة إلى فرصة لمواجهة تلك السلبيات. ولا يجوز أن نفوت هذه الفرصة". ولهذا فإن على الحكومة، بدلاً من التفكير في رفع أو فرض رسوم حكومية، فإن عليها، كما حدده سموه بـ"ضرورة سد الثغرات في إطار التخطيط، وتحسين التنسيق على مستوى القطاع، وبين القطاعات المختلفة، والتركيز على المخرجات والنتائج"، وبهذا يتحقق للحكومة الاستخدام الأمثل للايرادات لمواجهة المصروفات، ولن تحتاج إلى تحميل المواطنين والمقيمين أكثر من طاقتهم.
وفي الختام نقول للحكومة: كم من مبالغ هذه الميزانية، والميزانيات السابقة، خصصت للمواطن القطري؟ وعندما تعرف الحكومة الحل الأمثل لهذا السؤال، فإني أؤكد أنه لن يصبح عندها أي عجز في الميزانية الحالية. يا حكومة قطر.. اتقي الله في الشعب القطري.. لماذا تحملونه نتائج انخفاض أسعار النفط العالمية؟
والله من وراء القصد،،

Comments

  1. وفقك الله في ماتصبو إليه يادكتور

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع