قطر وذوي الاعاقة

 

قطر وذوي الاعاقة

صادف يوم 3 ديسمبر الماضي اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة. وخصص هذا اليوم، منذ 1992، من قبل الأمم المتحدة بقصد دعم ذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق توعية المجتمع بقضايا الإعاقة لضمان حصول المعاقين على حقوقهم، وهي دعوة لإدخال المعاقين في الحياة الاقتصادية والثقافية. وفي قطر تم الاحتفال باليوم العالمي لذوي الاعاقة تحت شعار "كلنا سوا"، وشهد احتفال هذه السنة معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. ولكن المحزن أنه تمت دعوة فئة مختارة بعناية جداً من أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة لحضور هذا الحفل وذلك ليشهد معاليه مدى تطور حالتهم. وإمعاناً في التدليس فقد أقيم الاحتفال بأحد الفنادق حتى لا يطلع معاليه على الحالات الأخرى. وفي الاحتفال ألقت مسؤولة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، كلمة قالت فيها "إن دولة قطر أولت اهتماماً كبيراً لرعاية الأشخاص ذوي الاعاقة". ولا أعرف السبب الذي جعلني أتذكر فيلم "الحدود" لدريد لحام الذي فقد جواز سفره بين حدود دولتين ولم يستطع دخول الدولة التي كان ذاهباً لها، ولا العودة للدولة التي قدم منها، وعقدت له مهرجانات تضامنية حضرت له وفود من جميع الدول، ومع ذلك ظل عالقاً بين الحدود. والسؤال: هل فعلاً تم الاهتمام بهم؟
إن المتتبع لخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة يجد أن الدولة التي غطت مساعداتها المعلنة وغير المعلنة دول العالم كافة، لم تستطع توفير سوى مركز واحد لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو مركز الشفلح. أما المركز الثاني، وهو معهد العوسج، فهو مخصص للذين يعانون من صعوبات التعلم فقط. ولقد وصل عدد الطلاب الملتحقين بالشفلح إلى 640 من سن ثلاث سنوات وحتى 20 عاماً. وهذا العدد لا يعني أي شيء بالنسبة لعدد سكان دولة قطر الذي وصل تقريباً إلى 5ر2 مليون نسمة (تصل النسبة العالمية للتوحد 4 % من مجموع عدد السكان). ولهذا ليس بغريب أن تصل قوائم انتظار طلاب الاحتياجات الخاصة بالمئات. والمشكلة أن المسؤول بالشفلح يعترف بوجود قوائم انتظار، ولكنه بدلاً من التفكير في حلها يقول إن "مركز الشفلح يعتبر الوحيد من نوعه في قطر وأن قوائم الانتظار أمر طبيعي في ظل تزايد الحالات وجودة الخدمات الطبية والتعليمية المقدمة من المركز" وكأنه فرحان بمكانة المركز متناسياً المشاكل التي يعاني منها ذوو الاحتياجات الخاصة بعدم وجود مكان مناسب لتلقي التعليم والتدريب ولممارسة أنشطتهم المختلفة في دولة هي الأولى على العالم في دخل الفرد. ومبنى الشفلح رائع بكل المواصفات ولكنه لم يخصص أي جزء من أرضه الكبيرة جداً لإنشاء حديقة ألعاب يمارس فيه الأطفال نشاطهم الزائد. وفوق كل ذلك نجد أن الشفلح يضم جميع فئات الإعاقة (العقلية بجميع درجاتها والحركية والتوحد) وفي هذا خطر على كل فئة من الفئات الأخرى. أما المراكز الخاصة، والتي بدأت تنتشر في قطر بدون رقابة، فإننا نجدها تبتز أولياء الأمور بالرسوم الشهرية العالية جداً مع تردي الخدمات المقدمة لهم. ولقد قمت بزيارة أحد المراكز الخاصة ووجدت أنهم يربطون الأطفال على الكراسي بالحبال لضمان السيطرة عليهم. أما فيما يتعلق بالمجلس الأعلى للتعليم فهو لم يقصر في تدمير شخصية أصحاب الاحتياجات الخاصة حيث يدمجهم في الصفوف العادية، فلاهم يستطيعون مجاراة الطفل العادي، ولا المنهج الطويل الذي يكابد منه الطالب السوي. وحلاً للموضوع قام المجلس بوضع درجات تعويضية لهؤلاء الطلاب وهذا يعني نجاح الطالب صورياً. حتى الكوبونات التعليمية، التي تمنح للطلاب الأسوياء للالتحاق بالمدارس الخاصة لا تمنح لأصحاب الحاجات الخاصة للالتحاق بالمراكز المتخصصة التي تناسب حالتهم.
وحاولت أمهات أطفال التوحد، بهدف المطالبة رسمياً بحقوق أطفالهم، إنشاء جمعية، على غرار ما هو معمول به في كل دول الخليج العربي، ولكن وجود وزارة العمل والشؤون الاجتماعية المسؤولة عن إنشاء الجمعيات حال دون ذلك فقرار المنع يسبق الموافقة. فكيف توافق الوزارة على إنشاء جمعية تكون الرقيب على أعمالها؟. وفي الأخير تخرج مسؤولة من الوزارة وتضحك علينا بقولها "أن الدولة أولت اهتماماً كبيراً برعايتهم". أي اهتمام هذا الذي تقصدونه وأكثرهم "مرميين" بالبيوت لا يجدون مكاناً يتلقون فيه أبسط الرعاية والاهتمام. أي اهتمام وبعضهم يتم ربطه بالحبال على الكراسي!! أي اهتمام وجميع من يبلغ منهم 20 سنة يتم طرده للشارع ولا تقبله أي جهة للالتحاق بها!! ولو نعدد ما يعاني به هؤلاء الأطفال لعجزنا.
وفي الختام نقول للجهات المسؤولة اتقوا الله في أصحاب الاحتياجات الخاصة فهم لا يملكون القدرة على المطالبة بحقوقهم، وانقلوا، لوجه الله تعالى، الصورة الحقيقية لولي الأمر حتى يستطيع اتخاذ القرار المناسب لصالحهم.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع