هبوا لنصرة تركيا

 

هبوا لنصرة تركيا

شرفنا الأسبوع الماضي، في زيارة رسمية للبلاد، الرئيس رجب طيب أردوغان، الرئيس الثاني عشر للجمهورية التركية. والسيد أردوغان من خريجي مدارس "إمام خطيب" الإسلامية الدينية، وهو أول رئيس أعاد لتركيا هيبتها الإسلامية، لدرجة أن خصومه اتهموه صراحة بأنه "يعيد تركيا للإسلام"، وهي تهمة، في نظرهم، خطيرة جداً ويجب أن تحارب. في البداية حاولت جهات إسقاط طائرة روسية مدنية على الأراضي التركية ولكن رب العالمين حمى تركيا من هذه المكيدة. وفي الثانية دخلت طائرة عسكرية المجال الجوي التركي فما كان من هذه الجمهورية الحرة والمعتزة بنفسها إلا أن وجهت النيران، بعد التحذير، لهذه الطائرة وأصابتها على الأراضي التركية ولكنها سقطت على أرض سورية قريبة من الحدود التركية. وهنا وجد سليل أحد قواد الحروب الصليبية الفرصة سانحة لضرب تركيا المسلمة، ولكن ليس عن طريق الحرب ولكن عن طريق المقاطعة. وهنا وقعت روسيا في الخطأ، فهذه الحركة قد تعاني بسببها روسيا اقتصادياً. فروسيا هي المحتاجة لتركيا وليس العكس، فهي تستورد من تركيا الخضراوات والفواكه (نسبتها 66 % من صادرات تركيا لروسيا) يليها الملابس والجلود والدجاج ومواد البناء. وروسيا بحاجة إلى تركيا لتصريف غازها الطبيعي بعد مقاطعة أوروبا لها وقطع طريق إمداد غازها عبر أوكرانيا (تستورد تركيا 55 % من إجمالي حجم الغاز الطبيعي الروسي المنتج) ولا ننسى أن تركيا مهمة لروسيا لأنها هي المنفذ الوحيد لمشروعها الذي يهدف لتصريف الغاز الروسي إلى بلدان شرق أوروبا. ومع المقاطعة وتأزم الموقف بين روسيا وتركيا انطلقت الأبواق الداعمة لموقف روسيا وإجراءاتها ضد تركيا، بل وتمادى بعض المغردين في تويتر، من دولة شقيقة، بتحريض روسيا لضرب تركيا وقطر بالقنابل والصواريخ. ووجدت إحدى الدول العربية الفرصة سانحة للنكاية بتركيا لمواقفها المشرفة لنصرة حق الشعوب فأبدت استعدادها لتزويد روسيا بالمنتجات التي كانت تستوردها من تركيا. وغاب عن كل أولئك أن تركيا ليست دولة عاجزة، فلديها خطط بديلة في حال قررت روسيا تنفيذ تهديداتها بمقاطعة تركيا. فعلى مستوى الغاز الطبيعي فإن تركيا ستقوم برفع حجم وارداتها من غاز أذربيجان والجزائر وقطر. أما فيما يتعلق بالصادرات التركية إلى روسيا فإن الحكومة التركية عازمة على فتح أسواق بديلة للبضائع التركية في الشرق الأقصى وفي الأسواق الأوروبية. أما السياحة فمن المتوقع أن تقوم تركيا بعمل حملات ترويجية للسياحة في تركيا بأسعار تفضيلية بحيث تنتعش السياحة التركية وتسد العجز الذي قد ينتج عن المقاطعة الروسية (في عام 2014 زار تركيا 3.3 مليون سائح روسي). ويتضح مما سبق كله أن الاقتصاد الروسي غير قادر على استبدال الصادرات التركية إليه، وأن التبادل التجاري بين البلدين يعود بالربح على الاقتصاد الروسي أكثر من نظيره التركي.
إن تركيا ليست في حاجة لمساعدة أحد في التصدي لحماقة الرئيس الروسي وتهوره، وهي لا تعاني عجزاً مالياً لتطلب الصدقات من الغير، فاقتصادها قوي ورجالها أشداء، إلا أنه من المهم لنا كمسلمين أن نهب لمساعدة أو تسهيل مهمة تركيا في البحث عن الأسواق البديلة وألا نتركها وحدها في الأسواق العالمية. إننا نعرف أن دول الخليج (حكومات وأفراداً) لم يقصروا في إغاثة الشعب السوري النازح من بلاده بسبب البراميل البشارية فقاموا ببناء المآوي العديدة ووفروا المأكل والمشرب لسكانها النازحين وعملوا على تزويدهم بالملبس وهنا يجب على تلك الجهات (حكومات وأفراداً وجمعيات خيرية) أن يستمروا، من قبيل شكر الله تعالى على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، بإعانة إخوانهم السوريين من خلال شراء الخضراوات والفواكه والملابس النسيجية والجلدية ومواد البناء وكل ما يحتاجون إليه في تلك الملاجئ من التجار الأتراك. وفي نفس الوقت فإنه يجب علينا، كعرب ومسلمين، أن نشجع دولنا على استيراد مختلف ما تحتاج إليه من سلع وخدمات من تركيا، وبهذه الطريقة ننصر تركيا ونخفف عليها مشقة البحث عن الأسواق البديلة.
وفي الختام نقول اتقوا الله في تركيا فهي لا تُحارَب بسبب المغامرات غير المحسوبة بل تُحارَب بسبب تحولها من دولة علمانية إلى دولة إسلامية. ونتساءل، كما تساءلت أختنا إبتسام آل سعد (انظر الشرق 1/12/2015)، أين الخليج وحكوماته مما يجري في هذا السيناريو الذي يستحق وقفة حازمة من دول المنطقة للوقوف بجانب تركيا المسلمة ضد روسيا القاتلة للشعبين السوري والعراقي. وتضامناً مع دعوة الأخت إبتسام فإني أشهد الله أنني أعلن وقوفي وتضامني مع تركيا قلباً وقالباً. ورداً على المقاطعة الروسية للبضائع والمنتجات التركية فإنني سأدعم، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، كل بضائع تركيا.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع