سمو الأمير والصراحة

 

سمو الأمير والصراحة

بعد أن هدأت ثورة المطبلين وكما قال أخي عبدالعزيز بن محمد الخاطر عنها في مدونته "لا أعتقد أنها ترتقي إلى مستوى الخطاب ومضمونه، بل وتؤكد أن مجتمعنا الصغير خال من المحللين مكتظ بالمطبلين". نأتي اليوم لتسليط الضوء على واقع خطاب سمو الأمير المفدى في افتتاح دور الانعقاد الرابع والأربعين لمجلس الشورى الذي يركز على عدة أمور مهمة، ولكننا، وبسبب المساحة المتاحة لنا من الجريدة، سنناقش هذا اليوم: 1. الاهتمام بالمواطن القطري. 2. محاربة الفساد والإهمال. وسوف نناقش المواضيع الأخرى، التي ركز عليها الخطاب، في مقالات قادمة إن شاء الله. إنني، وكما قال سموه في خطابه "سأتحدث إليكم بكل صراحة وموضوعية".
أولاً: الاهتمام بالمواطن القطري: لا أقول في هذا الموضوع سوى بارك الله في سموه على هذا الاهتمام بالمواطن. إن كلمات سموه فيما يتعلق بالاهتمام بالمواطن القطري واضحة ومباشرة ويجب أن تكون نبراس عمل لكل الأجهزة الحكومية والخاصة. إننا لا ننكر أن هناك الكثير من الإنجازات قد تحققت للمواطن، ولكن من جهة أخرى نجد أن المواطن يحارب من المسؤولين ومن سار في ركبهم. فقد بلغت، على سبيل المثال، أعداد من أحيل للتقاعد من المواطنين، حتى 2012 (آخر إحصائية استطعت الوصول إليها في بلد يريد أن ينمو !!)، 655ر14 مواطنا منهم "51 فقط" لبلوغهم السن القانوني، و567ر1 بسبب الوفاة (يعني المستحقون فعلاً للتقاعد هم 618ر1 مواطنا)، أما 037ر13 مواطنا فقد أحيلوا قسراً لهيئة التقاعد وهم في ريعان شبابهم. والعجيب أن الأجهزة الحكومية عجزت عن إيجاد حوالي 000ر6 وظيفة لمواطنين عاطلين (تقديرات لعدم وجود إحصائيات دقيقة)، في حين أن العمالة الوافدة قد تجاوزت 6ر1 مليون نسمة. وإمعاناً في محاربة المواطنين نجد أن جهات حكومية تشيع في تقاريرها الرسمية المنشورة أن القطريين لا يعملون كما يعمل الوافد، ومثل هذه التقارير جعلت حتى "المدير الوافد" لا يتحمس أصلاً في تعيين المواطن. أما إذا أردنا التحدث عن الخدمات الحكومية المختلفة التي تقدم للمواطن فهي نفسها، إلا ما ندر، أصبحت محل تندر وسخرية من الجميع. وغيرها الكثير والكثير. إنه من المستحيل أن يكون المواطن مفيداً لبلده ومجتمعه وهو مكبل لا يستطيع التحرك.
ثالثاً: محاربة الفساد والإهمال: إن دولة قطر سنت الكثير من القوانين الرادعة، ولو كانت قطر فعلاً دولة المؤسسات والقانون، ولو أن القوانين تطبق على الكل بنفس الدرجة، لما تجرأ أي إنسان في قطر على خرق القانون. ولكن ضعف الرقابة وضعف المسؤولين شجع على الفساد والإهمال. حتى أساليب إدارة الجهات الحكومية هي نفسها تشجع على الفساد والإهمال، فغالبية موظفي الجهات الحكومية لم تحدد مهامهم وواجباتهم، حتى إننا نجد تداخلا كبيرا في الاختصاصات بين الجهات نفسها، وبالتالي تصبح المسؤولية مفرّقة بين أكثر من شخص، وأكثر من جهة. إنه من المعيب أن تقوم الدولة برصف شارع جديد وفي أقل من شهر من الانتهاء تأتي المعدات لحفر نفس الشارع. وفي هذا لا بد من محاسبة إما المسؤول عن تخطيط الشارع لأنه لم يبلغ الجهات المختلفة لتقديم احتياجاتها، أو محاسبة المسؤول الذي أمر بحفر الشارع بعد الانتهاء منه لأنه لم ينسق مع الجهة الأولى، أو لأنه تأخر لعدم درايته باحتياجات عمل جهته. حتى أجهزة الرقابة تشجع على الفساد والإهمال. فالرقابة والتفتيش المالي والإداري في الجهات الحكومية وهي رقابة تمارسها الحكومة على نفسها عن طريق إدارات متخصصة داخلها وهذا يؤثر على استقلاليتها (أي هي الخصم والحكم) مما يخالف مبادئ الرقابة السليمة. والملاحظة الأخرى أن تقارير تلك الأجهزة الرقابية مفروض عليها سرية تامة تمنع المواطن من الاطلاع عليها وبه يفقد دوره الرقابي على عمل تلك الأجهزة. وبه أقول للفاسدين والمفسدين والمهملين: أبشروا فإنكم لن تحاسبوا إذا استمر العمل بهذا الأسلوب الحالي.
وفي الختام أقول إنني لا أشك مطلقاً في توجهات سمو الأمير لرفعة شأن البلاد وأهلها، ولا أشك أيضاً في صدق وتفاني معالي رئيس مجلس الوزراء في العمل، ولكن ما يقوم به بعض المسؤولين من تجميل الواقع للحصول على رضا ولي الأمر هو الذي دمرنا. وبدلاً من سؤال المواطن ماذا أعطيت لبلدك ومجتمعك؟ ليتم توجيه نفس السؤال للمسؤول. وأختم كلامي بالتحدي الذي طرحه سمو الأمير المفدى عندما قال: "إن العناوين التي ذكرتها هي أهداف، يمكن الوصول إليها بخطة عمل واضحة مع مؤشرات ومعايير واضحة تقيس نجاح التنفيذ". وفي هذا أتحدى العديد من المسؤولين معرفة ماذا قصد سمو الأمير المفدى من هذه العبارة.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع