مفتشو الضبطية القضائية

 

مفتشو الضبطية القضائية

لقد تناقشت مع بعض المغردين في تويتر حول موضوع الضبطية القضائية، ولأن الموضوع مهم جداً فآثرت طرحه في مقالة هذا الأسبوع، ولكني أطمئن شركة المواد الأولية بأني سأعود، الأسبوع القادم، إن شاء الله، التحدث عن الشركة وكيف نشأت وتطورت وكيف خرجت عن أهدافها.
في قطر، وكما تعلمون، عدة جهات أمنية تقوم بواجبها خير قيام، ونحن بدورنا نشكرهم على هذا العمل الذي لولاه لما نعمنا بالنوم الهنيء تاركين الأبواب مفتوحة ليلاً ونهاراً. ولكن في هذه الجهات كلها يتواجد أفراد ممن غرتهم القوة القانونية الممنوحة لجهتهم وأصبحوا يرون أنفسهم فوق القانون، وأنه لهم الحق في ممارسة أي عمل يقومون به حتى ولو بشكل تعسفي خال من القانون أو روح القانون. وهناك آخرون متنفعون يرون أن السلطات الممنوحة لهم هي فرصة ويجب أن يستغلوها لمصلحتهم الشخصية. وهناك فئة خطرة جداً وهي فئة الشباب محدودي التعليم الذين يرون أنه بتسليمهم هذا النوع من العمل أنهم يعرفون أكثر من غيرهم، وعليه فإنهم يمارسون مهام عملهم بجهل مطبق، ويرون أنهم على صواب، وكما قال تعالى ".. وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" الكهف: 104
إن الذي دعاني لكتابة هذه المقالة هو أن أحد الأصدقاء دائم الشكوى من مفتشي الضبطية القضائية، من مختلف الجهات الحكومية، ممن كانوا في زيارة مستمرة ومتتابعة لموقع عمله، والعجيب أنهم كانوا يخالفونه بدون أن يرتكب أي مخالفة. وكنت دائماً أعتقد أن صديقي يبالغ في الأمر حتى بلاني الله ببعض تلك النوعية من البشر الذين يحملون صفة الضبطية القضائية. ومع أن الأمر شخصي، وكنت قررت عدم الخوض فيه والكتابة عنه، إلا أن الكتابة عن موضوع الضبطية القضائية جرني لعرض هذه التجربة الشخصية، التي أتمنى ألا تتكرر.
إن سمو الأمير المفدى وحكومته الرشيدة، وكما يعلم الجميع، يبذلون الجهد الكبير في تحسين صورة دولة قطر في المحافل الدولية، ولكننا نجد أن هذا الجهد الخلاق يقابل من البعض أو من جهاتهم، بسوء تقدير مما يشوه صورة قطر لدى الغير. ففي يوم 8/6/2015 قام أفراد من قوة الأمن الداخلي "لخويا" بمداهمة موقع الشركة، وعندما سألت عن الأسباب، قيل لنا ان أحد المفتشين من إحدى الوزارات هو مقدم بلاغ بتواجد أشخاص يعملون لدى الغير. شخصياً أعتب على إخوتي في قيادة "لخويا" لتصرفات أفرادهم التي لا تليق باسم ومكانة قوة "لخويا" في المجتمع القطري الذي يكن لهم كل تقدير واحترام لما يقومون به من جهود جبارة محلياً وخارجياً، ولكني، في نفس الوقت، ما ألومهم لأنهم مأمورون بتنفيذ طلبات كل شخص يحمل صفة الضبطية القضائية. ومرة أخرى قام المفتش بتقديم بلاغ بمركز شرطة مسيمير، يتهم الشركة بسبعة اتهامات وكلها اتهامات باطلة ومردود عليها بالوثائق والبراهين تبين مدى جهل هذا المفتش بما كلف به من عمل، وبما أقسم عليه أمام النائب العام لدولة قطر. والحمد لله أن دولتنا فيها مسؤولون ورجال قانون يميزون بين الصح والخطأ. إنه لعجيب أن تمنح الحكومة القطرية كل هذه الصلاحيات لأشخاص يسيئون بتصرفاتهم لدولة قطر بشكل عام ولحكومة قطر بشكل خاص. وفي الحقيقة إنه لعجيب أمر هذا المفتش الذي نشط فجأة بعد أن مكثنا نعمل بهذا الموقع، بموافقة الجهات الرسمية، لسنوات طويلة وهو يعلم بذلك. وعجيب أمر هذا المفتش الذي رأى موقعاً لا عمل فيه بتاتاً وأدعى عكس ذلك. وعجيب أمر هذا المفتش الذي يكن لنا العداء دون سبب، ولكن ربما تكون هناك أسباب، يعرفها المفتش شخصياً، ولكننا لا نعرفها.
إنه لا يهمني أمر هذا المفتش بأي شيء، ولكن الذي يهمني هو لماذا منحه المدعي العام الضبطية القضائية وهو لا يحمل أبسط شروطها. ولماذا عينته جهته في هذا العمل وهو لا يملك المؤهل للقيام بذلك. إن الدول التي تحترم مواطنيها وأنشطتهم المختلفة تقوم بتعيين أناس مؤهلين علمياً ومهنياً للقيام بكل أعمال الضبطية القضائية بل وتفرض عليهم بين فترة وأخرى، الخضوع لاختبار القدرات واختبارات نفسية متنوعة لضمان عمل وخلق هذا المفتش أو ذاك في تعامله مع مختلف فئات المجتمع. إن العمل الذي يمارسه من يحمل صفة الضبطية القضائية هو عمل أمني في الدرجة الأولى، ولهذا فإنه لابد من خضوعهم لنفس نظام التدرج الوظيفي لرجال الأمن. فعندما يتم تعيين شخص لا يملك من الخبرات مثقال ذرة لابد من تصنيفه "متدرب" ولا يعطى أي نوع من الصلاحيات لفرض المخالفات بل يمرر ما يشاهده لرئيسه الذي يقرر كيفية التعامل مع المخالفة إن وجدت. وبعد أن يكتسب خبرة كافية، وتكون تقاريره السنوية ممتازة تتم ترقيته إلى الدرجة الأعلى ثم الأعلى مع استمرار الرقابة على تصرفاته. إن ما تقوم به تلك الجهات المختلفة في تعيين مثل هؤلاء الأشخاص هو تدليس ليظهر المسؤول في تقاريره المنمقة التي يرسلها للأعلى بأنه حقق ما لم يحققه غيره بتعيين عدد كبير من المواطنين، ولكنهم بهذا فإنهم يسيئون لدولة قطر أكبر إساءة. فالكثير من المستثمرين القطريين والأجانب خرجوا من البلاد وقاموا بالاستثمار في بلاد تحترم المستثمرين وتقدر مجهودهم.
وفي الختام نقول إنه لا يجوز البناء في طرف والقيام بتكليف أشخاص غير مؤهلين لهدم كل ما تم إنجازه في طرف آخر. وأقول إنه يجب وأؤكد على كلمة "يجب" بان يتم وضع حد للتصرفات التي تحركها مصالح غير معروفة ضد الوطن والمواطنين
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع