احتكار سوق النقل

 

احتكار سوق النقل

وافق مجلس الوزراء في اجتماعه العادي بتاريخ 4/12/2013 على مشروع قانون، تقدمت به شركة مواصلات (شركة تفرض مشروع قانون على دولة ؟؟؟)، بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 2004 بمنح شركة المواصلات (شركة مساهمة قطرية مملوكة للحكومة) امتياز إدارة وتسيير سيارات الأجرة "كروة"، والتعديل هو إضافة مادة نصها "يجوز منح الشركة دعما ماليا سنويا من خزانة الدولة لتغطية الفرق بين التكلفة الفعلية التي تتحملها الشركة لخدمة النقل وما يدفعه الجمهور مقابل هذه الخدمة". وطبعاً أول ما وصل مشروع القانون لمجلس الشورى وافق المجلس على المشروع! وهذا يطرح تساؤلين، هل "كروة" مؤهلة لتتولى عملية الاحتكار؟ هل "كروة" فعلاً تعاني من الخسائر لتطلب دعماً مالياً من الدولة؟ للإجابة على السؤال الأول نقول إن عملية الاحتكار في أي بلد تخضع لثلاثة شروط، ويجب أن تتواجد مجتمعة وليست منفصلة، وهذه الشروط هي، أن تغطي الخدمة حاجة السوق بالكامل أو تزيد، أن تكون الخدمة المقدمة بجودة الخدمات المقدمة في الدول المشابهة أو أعلى، أن تكون الأسعار المقدمة بنفس أسعار الخدمات المقدمة في الدول المشابهة أو أقل، ولن أحلل مدى توفر هذه الشروط بل أترك الأمر للقارئ الكريم ليقارنها بالوضع الحقيقي الماثل أمامه، أما الإجابة عن السؤال الثاني فنقول إن "كروة" قامت وبطريقة مبتكرة وجديدة للتخلص كلياً من المصروفات، وتحقيق الأرباح العالية، عن طريق تأجير سيارات من وكلاء السيارات العاملين في قطر، يلتزم بها الوكيل بضمان صلاحية السيارات المؤجرة، أو تبديلها في حالة العطل، ومن بعدها قامت "كروة" بتأجيرها للوافدين القادمين على كفالتها للعمل كسائقين، والنظام الذي ابتكرته "كروة" هو أن يعمل الوافد كسائق رسمي معتمد لصالحه مقابل دفع مبلغ يومي يبلغ 265 ريالاً قطرياً، بغض النظر عما يحققه من عوائد من عملية التشغيل، ولحساب الربحية التجارية ل"كروة" = 265 ريال × 2 وردية × 26 يوم بالشهر = 780ر13 ريالا قطريا بالشهر، ولحساب الربح الصافي = 780ر13 ريالا – 400ر4 ريال إيجار السيارة من الوكيل شهرياً – 000ر2 ريال مصروفات شهرية من سكن ومأكل وإقامة وتذاكر كل سنتين = 380ر7 ريالا قطري، هذا فقط لسيارة تاكسي واحدة، ولو أضفنا أرباح جميع سيارات التاكسي، والأموال المتحصلة من عقود نقل الطلاب، ورسوم النقل العام، لوجدنا الأرباح تفوق التوقعات، وبهذا فهي ليست مؤهلة للحصول على دعم مالي من الدولة .
إن الاحتكار في الاقتصاد هو الحالة التي يكون السوق فيها عبارة عن شركة واحدة فقط تؤمن خدمة إلى جميع المستهلكين، بمعنى آخر، هذه الشركة الوحيدة تكون مسيطرة على كامل السوق، وفي هذه الحالة، تستطيع الشركة أن تفرض الأسعار كيفما تشاء لأنه لا توجد شركات أخرى لمنافستها، ولهذا ليس غريباً قيام "كروة"، وبدون موافقة وزارة الاقتصاد والتجارة، برفع أسعار فتح الباب (بداية المشوار) من 4 ريالات إلى 10 ريالات مرة واحدة، إن الاحتكار الذي أحدثته الشركة في النقل أدى إلى سوء الخدمة المقدمة في هذا المجال، وفرض الأسعار التي تناسبها، مستغلة انفرادها بالسوق، إنه من المهم دخول شركات أخرى، بدون هيمنة "كروة" عليها، وذلك لخلق تنافس شريف، وتقديم خدمات أفضل، وبأسعار معقولة، الأمر الذي سيدفع بالكثير من الناس للعزوف عن استخدام سياراتهم الشخصية مما سيؤدي إلى التخفيف من حدة الازدحام الشديد في كل الشوارع ويمكن أن ينهي أزمة مواقف السيارات، إن فتح باب المنافسة في قطاع النقل سيؤدي إلى تشغيل حافلات الأفراد والشركات التي كان محجما دورها في السابق، زيادة محطات الانطلاق لتخفيف الضغط على المحطة الحالية التي لا تليق باسم دولة قطر (أتمنى قيام معالي رئيس مجلس الوزراء بزيارة المحطة الواقعة على شارع حمد الكبير)، خدمة للاقتصاد الوطني حيث سيزيد الاستثمار والعوائد منها، فتح مجالات عمل جديدة أمام الباحثين عن عمل، فائدة كبيرة لطالبي الخدمة من ناحية الجودة والسعر، زيادة الأعداد المتوقعة من نظام قف واركب (Park & Ride) المطبق في جميع دول العالم المتقدم، إلى جانب فوائد أخرى عديدة.
إن إلغاء الاحتكار أصبح ضرورة ويمكن استبداله بوحدة تنظيمية بوزارة المواصلات (مع التحفظ الشديد) لتشرف على قطاع النقل، مع التأكيد على أن كل من سيدخل هذا النشاط، بشكل مباشر أو وسيط عن أفراد المجتمع، أن يعرض خطوط السير المحددة التي سيعمل عليها مبيناً مناطق الجذب المروري مثل الوزارات والمستشفيات والمجمعات التجارية، رسوم تخطيطية لمحطة النقل ويجب أن تكون مكيفة وتشتمل على وسائل الراحة والسلامة للركاب وأنظمة معلومات الرحلات وخدمات الإنترنت، حجم المواقف التي ستخصص للمحطة الرئيسية والفروع لنظام "قف واركب"، أنواع المحلات التجارية بالمحطة الرئيسية والفروع وكيفية تأجيرها، حجم الطاقة البديلة الممكن استخدامها بالمحطة الرئيسية والفروع.
وفي الختام نقول إن إلغاء احتكار النقل سوف يوفر فرصا هائلة وواعدة لرواد الأعمال من الشباب، وذلك من خلال ممارسة نشاط النقل مباشرة أو من خلال ممارسة الأنشطة الأخرى التي سوف تتولد كداعم لنشاط النقل، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، محلات التجزئة والخدمات في محطات الانتظار، ومراكز الخدمة السريعة والصيانة وقطع الغيار ويتم توزيعها على المناطق التي لاتوجد بها محلات أو خدمات، إن زوال الاحتكار سوف ينهي، على الأقل، معاناة البعض مع الخدمة القائمة حالياً .
والله من وراء القصد

Comments

  1. وجهة نظر جديرة بالإعتبار والمراجعة

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع