لمن غرفة التجارة والصناعة؟

 

لمن غرفة التجارة والصناعة؟

في البداية لابد من الإشادة بالمجهود الكبير الذي يبذله، على جميع المستويات، أخي سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني، رئيس مجلس إدارة الغرفة، ونقول جزاه الله كل خير على ما يقوم به. إن المشكلة مع الغرفة هي أن الكثير من الحقوق التي تأتي إليها تختفي قبل وصولها والبركة طبعاً لبعض المتنفذين بها. إن مهمة الغرف في العالم هو منفعة منتسبيها عن طريق إعداد الدراسات والبحوث، أو تقديم الاقتراحات بشأن حماية منتسبيها من المنافسة الأجنبية، لدرجة وصلت عند دولة شقيقة بمنع دخول أي منتج له ما يشابهه عندهم حتى ولو كان خليجياً (لا وجود لمصطلح خليجنا واحد في هذه المسألة). ونجد بعض الغرف الأخرى تقوم بإبلاغ الأعضاء المنتسبين بالقوانين والقرارات والأنظمة، والتي فيها مساس بالأمور التجارية والصناعية، قبل صدورها. أما عندنا في قطر فإن المادة (4) من قانون رقم (11) لسنة 1990 بإنشاء غرفة تجارة وصناعة قطر حددت اختصاصات الغرفة بأنها وكالة استشارية حكومية مهمتها تبدأ وتنتهي بإبداء الرأي الذي تطلبه الحكومة، بالإضافة إلى إصدار الشهادات والتحكيم في المنازعات. فلهذا ليس غريباً أن يحتوي مشروع قانون التقاعد الجديد على أمور مؤثرة على نشاط الشركات والحكومة حتى لو لم تطلب رأي الغرفة. والغرفة لم تدافع ولم تحرك ساكناً عندما رفعت وزارات الاقتصاد والتجارة والداخلية والعمل رسومها، والأخطر من ذلك عندما أزيلت المناطق التجارية الحيوية من مدينة الدوحة لم يقدموا النصح للحكومة بأن هذا الإجراء سيؤثر على حالة الاقتصاد والتجارة بالبلد وكل همهم ماذا يريد ولي الأمر فقط.
وشخصياً لا أعرف كيف تستطيع الغرفة حماية منتسبيها أمام الزحف القادم من خارج الحدود حيث ان أهدافهم نصت على "أن ننظم المصالح التجارية والصناعية والزراعية ونمثّلها وندافع عنها ونعمل على تعزيزها" وطبعاً في هذه الأهداف لم يحددوا مصالح من بل تركت مشاعاً. أما رؤيتهم فقد نصت على "أن تكون الغرفة نقطة الاتصال الأولى لجميع المؤسسات والجهات من "كافة أرجاء العالم" متى أرادت أن تطّلع على مجتمع الأعمال القطري وأن تؤسس وتمارس العمل في الاقتصاد الأكثر ديناميكية في العالم." فبالله كيف تدافع عن مصالح منتسبيها وهي تدعو الشركات الأجنبية لمنافستهم بممارسة العمل بالدولة. وها هو نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة يتحدث باسم دولة قطر بقوله "ان دولة قطر على استعداد لدعم الشركات العمانية ورجال الأعمال العمانيين في تنفيذ الكثير من مشاريع البنية التحتية المقرر إقامتها بدولة قطر". ومع احترامنا لأهلنا في عمان الذين نتمنى لهم كل الخير، أليس من المفروض دعم الشركات الوطنية للحصول على تلك المشاريع التي ترسى على الشركات الوافدة بطريقة الممارسة أكثر من طريقة المناقصة. وها هو رئيس لجنة النقل بالغرفة يؤكد ترحيبه بإقامة تحالفات مع المستثمرين السعوديين للعمل في تطوير قطاع النقل في قطر متناسياً أن شركات النقل القطرية والتي تدفع اشتراكها للغرفة تعاني، وبدون حماية من الغرفة، من المنافسة غير الشريفة وحرق الأسعار من قبل الجنسيات الباكستانية والسورية، بل وتزيد من معاناتهم بدعوة الشركات من خارج الحدود. وفي نفس الوقت لم استطع تفسير كلمة رئيس مجلس إدارة الغرفة في الاحتفالية، التي لم يدع لها سوى عدد مختار بعناية وبدون الرجوع لرجال الأعمال في قطر الذين انتخبوه ليمثلهم، عندما قال أمام سمو الأمير المفدى "اليوم، وبعد نصف قرن، أستطيع أن أقول إن العلاقة المتميزة بين القطاع الخاص والحكومة هي أساس بناء اقتصاد قوي ومتوازن ومتنام يحقق الخطط التنموية للبلاد وفي الوقت نفسه يلبي طموحات ورؤى وأهداف قطاع عريض من المواطنين". كيف قال سعادته هذا الكلام وهو الذي يعرف أن غالبية القطاعات الاقتصادية المهمة ذات العائد الاقتصادي الكبير هي حكر على القطاع الحكومي، في حين أن المستثمرين من القطاع الخاص يجبرونهم على الولوج في قطاعات عديمة الجدوى أو أن أرباحها لا تعادل الجهد المبذول. أين الاقتصاد القوي الذي يحقق الخطط التنموية للبلاد وسعادته يعلم بأن شركات القطاع الخاص تتعرض للافلاس ويعرض أصحابها على المحاكم لتأخر الدفعات المستحقة لهم. أين تلبية طموحات قطاع عريض من المواطنين وهم يرون أن شركاتهم مع ربحها معرضة للخسائر بسبب الإيجارات المرتفعة التي أوجدتها أعمال الحكومة.
إن الغرفة وللأسف ابتعدت عن أهدافها الحقيقية لتصبح، وبقوة القانون، مجرد جابٍ للأموال من القطاع الخاص بدون تقديم أي خدمة حقيقية تساعد في رفعة منتسبيها وتحميهم.
إن غرفة تجارة وصناعة لندن، على الجانب الآخر، قامت بتصميم خدمات مجانية عديدة لمنتسبيها منها، على سبيل المثال، استشارات قانونية على مدار 24 ساعة طيلة السنة، وتخصيص خبراء للإجابة عن أي استفسار، وخصم 50 % على شهادات التصدير، وخصم 20 % على أسعار غرف بعض الفنادق، وخصم 30 % على أسعار تأجير السيارات. كل ذلك وغيرها الكثير من الخدمات لقاء اشتراك سنوي يبلغ أقل من 500، 1 ريال قطري فقط لا غير.
وفي الختام نقول إنه من المهم إعادة النظر في الكثير من أنشطة الغرفة بهدف أن تدافع بشكل حقيقي عن التجار لرفع مشاركتهم في خلق اقتصاد محلي قوي بدلاً من اهتمام مجلس الإدارة بالسفر وبدلات السفر، التي زادت هذه الأيام، على حساب التجار، لحصول أعضاء المجلس على الوكالات. إن تغيير دور الغرفة ليكون أكثر ديناميكية حلم يراود الكثير ممن ينتسب لها.
والله من وراء القصد.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع