من يشوه سمعة الوزراء ؟

 

من يشوه سمعة الوزراء ؟

لقد وردتني تظلمات مالية وإدارية عديدة من موظفي إحدى الوزارات مدعين أنها وقعت عليهم. ولأني لا أكتب حتى أتأكد من الموضوع، فقد قمت بالإتصال بالوزير مبدياً رغبتي بزيارته والتحدث إليه. وفي الموعد المحدد ذهبت إلى سعادته وأوضح لي أن الشكاوى هي بسبب تنفيذ أوامر سعادة كل من وزيري المالية والتنمية الإدارية وليست منه شخصياً. والصراحة أقنعني كلامه، وقبل الخروج قلت له: إن ابني عندما عرف بموعدي مع سعادتكم طلب أن أذكرك بطلبين قديمين قدمهما في آخر فترة الوزير السابق ولم يتسن له النظر فيهما، والطلبان أحدهما يخصه، والآخر يخص ابن خالي. فقال: وصلت خير. فطلب مني الذهاب لأحد مديري الإدارات لإستخراج الطلبات من الأرشيف الإلكتروني ليتسنى له التوقيع عليهما بالموافقة. فذهبت وطلبت من الشخص المعني ما طلبه الوزير. وبعد عدة أيام ذهبت معتقداً أن الوزير قام، حسب وعده لي، بالموافقة على تلك الطلبات. ولأول مرة أعرف أن هناك وزراء ليسوا على قدر كلمتهم، وربما هذا يرجع إلى: 1. محاولة منعي عن الكتابة عما يحدث في الوزارة التي يقودها لأنني لو كتبت أي شيء سينسبها لحقدي عليه لعدم تحقيق مصالح شخصية، وفي هذا ذكاء منقطع النظير من سعادته. ولكن سعادته لا يعرف أنني صريح وشفاف للغاية، فقلمي يخط ما عليّ قبل أن يخط ما على غيري. 2. إعطاء المراجع نوعاً من المخدر بأن الوزير مهتم بموضوعه ولكنه يحتاج وقتاً لتنفيذ مطالبه وربما يطول هذا الوقت حتى مغادرته منصبه الوزاري ليحمل تلك المطالب من يليه. 3. إن الوزير عبارة عن ديكور لا يملك أية صلاحيات في مجال عمله. 4. عدم إدراك الوزير أن ما يقوم به هو مخالفة صريحة للقسم الذي أداه أمام سمو الأمير المفدى قبل توليه منصبه. ولنترك جانباً "مصالحي الشخصية"، ولكن عدم صدق الوزير معي جعلني أشك في كلامه الذي أقنعني به عن عدم مسئوليته عما أصاب موظفي الوزارة من ظلم. وحتى لا أظلمه فقد قمت بزيارة أحد مسئولي وزارة المالية وسألته عما ذكره الوزير. فقال بالحرف الواحد "صحيح أن عندنا إجراءات ترشيدية على بعض بنود الموازنة ولكن الحكومة برئاسة معالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني واضحة كل الوضوح في عدم التعرض لحقوق الموظفين المالية، أو حتى القيام بتأخير صرف تلك الحقوق لأي سبب كان". ومن بعدها سألت وزارة التنمية الإدارية فنفوا كل ما ذكره الوزير. وهذه طامة أخرى، فكيف ينسب تصرفاته تجاه موظفي الوزارة إلى الغير؟ وكيف يقوم بتشويه صورة وعمل إخوانه الوزراء الآخرين؟
يا سعادة الوزير الموقر: إن المادة (119) بالدستور القطري نصت على أن "يؤدي رئيس مجلس الوزراء والوزراء أمام الأمير قبل توليهم مناصبهم اليمين التالية: أقسم باللّه العظيم (1) أن أكون مخلصاً للوطن وللأمير، (2) وأن أحترم الشريعة الإسلامية والدستور والقانون، (3) وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة. (4) وأن أؤدي واجباتي بأمانة وذمة وشرف، (5) وأن أحافظ محافظة تامة على كيان البلاد وسلامة إقليمها". وبمراجعة القسم يتضح لنا (1) أن الإخلاص للوطن هي مسألة نسبية تعتمد على نظرته الخاصة لطبيعة ونوع هذا الإخلاص. أما الاخلاص لسمو الأمير فهو إخلاص، ربما يكون حسب ما أعتقد، مبني على الخوف، لأن اللي جابه يقدر يشيله، ولا ننسى خوفه أن لا يحقق الامتيازات التي يحلم بها مثل حصوله على مزرعة وشاليه وأراض .. الخ. أما (2) الاحترام للشريعة الإسلامية فأعتقد أن الشريعة تحارب مثل هذا الأسلوب، فقد قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم" مِنْ عَلامَاتِ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ". وتبعاً لذلك فمن لا يحترم الشريعة الإسلامية فإنه لا يحترم الدستور ولا القانون. أما (3) رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة لا تأتي بالكذب على موظفي الوزارة. فرعاية الشعب تتم من خلال موظفين مخلصين. والإخلاص لا يأتي سوى عن طريق حصول الموظف على حقوقه كاملة. فالموظف الناقم سيحول نقمته على المراجعين من المواطنين والمقيمين. أما (4) تأدية الأعمال بأمانة وذمة وشرف فهي مسألة نسبية تعتمد على إدراك وفهم الوزير لمعاني الأمانة والذمة والشرف. أما (5) المحافظة على كيان البلاد فهي تعتمد اعتماداً كاملاً على تنفيذ العدل والمساواة بين الموظفين، فتفصيل الامتيازات الوظيفية على موظفين محددين يثير المشاكل والقلاقل داخل الوزارة مما ينعكس أثرها على المجتمع. إن مسيرة الإصلاح والحداثة وتحقيق رؤية قطر 2030 تحتاج إلى رجال أصحاب قرار وعادلين. إنني هنا لا أقيم عمل الوزير فالذي يستطيع تقييمه هي جهات أعلى مني، ولكن معظم الموظفين في تلك الوزارة يلمسون مدى التردي الحاصل في أعمال الوزارة منذ أن استلم سعادته أمر قيادتها.
وفي الختام نذكرك يا سعادة الوزير بكلمة سمو الأمير المفدى التي يقول فيها "لا يجوز أن يعتبر أحد أنه له حق أن يتعين في منصب أو وظيفة عمومية دون أن يقوم بواجباته تجاه المجتمع والدولة". وهذا النبراس يجب أن يكون حاضراً في جميع الأوقات، فعلى أساسه تقوم وتنهض المجتمعات والدول. وتذكر، يا سعادة الوزير، أنك في خدمتنا ولسنا في خدمتك وحتى تخدمنا بشكل صحيح وفعال فعليك بالصدق مع موظفي الوزارة وإعطائهم حقوقهم كاملة بدون نقصان لأن الذي ستفعله مع الموظفين سينعكس أثره على المراجعين. وإن شاء الله لنا عودة في هذا الشأن.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع