الأوقاف وتحفيظ القرآن

 

الأوقاف وتحفيظ القرآن

من اختصاصات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: "العناية بالقرآن الكريم، وتعليمه، وإقامة المساجد، والترخيص بإقامتها، والإشراف عليها بما يكفل قيامها بأداء رسالتها على الوجه الأكمل". ومن مهامها الأساسية العمل على تشجيع تحفيظ القرآن الكريم وتجويده في المساجد. ولهذا أنشأت مراكز تحفيظ القرآن بهدف تعليم القرآن الكريم تلاوة وأداء وحفظاً، وبناء الشخصية القرآنية فهما وسلوكا وقدوة، وتعزيز المفاهيم الإسلامية التي تعزز مكانة القرآن في المجتمع، وتدريس اللغة العربية كعامل مساعد لحفظ القرآن. وفي 2007 تمت إعادة تعيين وافتتاح مراكز التحفيظ، ووضعت لوائح نظمت مراحل التعليم والدراسة في مراكز التحفيظ، وهذه اللائحة لم تترك شاردة ولا واردة إلا غطتها. وسمحت الوزارة للأئمة بالإلتحاق بالمراكز الخاصة بشرط الحصول على الموافقة المسبقة من الوزارة. ووافقت بجعل المساجد والجوامع منطلقاً لمثل هذا النشاط الرباني. وفي عام 2011 صدر القانون رقم (12) بشأن إنشاء وتنظيم المراكز الدينية الذي أكد في مادته (3) أنه لا يجوز استقدام أو تعيين العاملين بالمراكز الدينية بصفة دائمة أو مؤقتة إلا بعد الحصول على تصريح من الإدارة. وفي يوم 17/2/2015 أصدر وزير الأوقاف والشئون الإسلامية قراراً بتشكيل لجنة تطوير مراكز تحفيظ القرآن. واستبشرنا خيراً بهذه الخطوة التي تلتها خطوة بحصر كل من يقوم بالإدارة أو بالتدريس في هذه المراكز. ولكن فرحتنا لم تدم سوى لبضعة أيام فقد كان هدف الحصر هو إرسال خطابات إنذار لكل من يجمع بين العمل بالوزارة وبمراكز التحفيظ الخاصة مع التهديد بأنهم سيتعرضون للفصل من عملهم بالوزارة. وفي هذا الأمر نشرت الراية تحقيقاً بتاريخ 5/3/2015 ذكرت فيه أن الاف الطلاب سيتوقفون عن تدارس كتاب الله بسبب قرار الوزارة بحظر عمل الأئمة بالمراكز الخاصة. هذا الأمر قاد إلى تذمر شعبي كبير من المواطنين والمقيمين مما أجبر الوزارة على نشر نفي بتاريخ 8/3/2015. إن نفي الوزارة لما تسببت به يعتبر تأكيداً للخبر، وذلك راجع إلى:
1. ذكرت الوزارة أنها لم تغلق المراكز الخاصة، وهذه حقيقة، ولكن عندما تجبر أكثر من 90 % من العاملين بالمراكز الخاصة من أئمة الأوقاف بالتوقف وإلا تعرضوا للفصل، فهذا في حد ذاته إغلاق لهذه المراكز.
2. التعليل بالمادة (123) من القانون رقم (8) لسنة 2009 التي تحظر الموظف من "أداء عمل للغير دون إذن كتابي مسبق .." فهذا غير صحيح لأن جميع من يعمل بالمراكز الخاصة يجب أن يلتزموا بالمادة (3) من قانون إنشاء وتنظيم المراكز الدينية التي ذكرتها سابقاً. وهذا يعني أن الجميع لديهم موافقات مسبقة.
3. إن فترة 30 يوماً لتصحيح الأوضاع هي فترة مناسبة إذا كانت النية تصحيح الأوضاع. ولكن الإخطار الذي وصل إلى الأئمة هو التوقف عن العمل بمراكز التحفيظ الخاصة، وضرورة إحضار ما يفيد إخلاء طرفهم من العمل لدى تلك المراكز، وإلا فإنه سوف يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
4. إن التطمين الذي أوردته الوزارة لأولياء الأمور بأن جميع مراكز التحفيظ تعمل بصورة طبيعية فهذا صحيح، ولكنها تقصد مراكزها وليس المراكز الخاصة.
5. إتاحة المجال للمراكز بالعمل من خلال مساجد الدولة: إن العمل من خلال المساجد مخصص لمراكز الوزارة. أما المراكز الخاصة وحسب تعليمات الوزارة التي صدرت منذ سنتين، فإن عليهم شراء أو تأجير عقار خاص وتخصيصه كمركز للتحفيظ.
إنني لا ألوم الوزارة على إتخاذ هذا الموقف من المراكز الخاصة، لأنها وجدت نفسها (أي الوزارة) عاجزة عن مجاراتها وذلك لنجاح هذه المراكز في تخريج شباب متميزين حققوا أعلى المراكز في المسابقات الدولية للقرآن الكريم. ونجد أن هناك عدم رغبة من الأئمة بالعمل في مراكز الوزارة لأن مكافآتهم الشهرية تصل 800 ريال شهرياً، لمدة عمل تستمر من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء، في حين أن المراكز الخاصة تصرف مكافآت تزيد على 200ر1 ريال شهرياً، والعمل فيها من صلاة العصر إلى صلاة المغرب. وبسبب عزوف الأئمة عن العمل في مراكز الوزارة وجدت الوزارة نفسها بأئمة يحفظون القرآن، ولكنهم لا يتقنون العربية، مما أثر مرة أخرى على أداء مراكزها وجودة التحفيظ والتفسير فيها. إن على الوزارة أن تصحح المشكلة باستقدام أئمة يتقنون العربية، ويفضل أنهم من أصول عربية. وعليهم الاستفادة الكاملة من هؤلاء الأئمة لأن عملهم في الوقت الحاضر لا يتعدى الصلوات الخمس التي لا تتعدى ساعة واحدة في اليوم. وتستطيع الوزارة بما تملكه من قوة أن تفرض توحيد مبالغ المكافآت التي تصرف للعاملين بالمراكز العامة والخاصة.
وفي الختام أقول إن الوزارة تراجعت عن قرارها ولكن خوفي أنه تراجع مؤقت. إنه من المعيب على دولة قطر أن يحدث هذا الأمر في نفس الوقت الذي كان مدير إدارة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية يعد كلمته، للدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان، عن كفالة قطر لحرية الدين لغير المسلمين من خلال مجمع الأديان، والتأكيد على دعمها للكثير من المؤتمرات السنوية بما يسمى "حوار الأديان". إن مراكز التحفيظ الخاصة، يا مسؤولي الوزارة، مهمة وهي تدعم اختصاصات الوزارة بالمجان. وعلى الوزارة أن تدعم هذه المراكز بأن يعاد فتح المساجد للمراكز الخاصة، ليستفاد من بيوت الله في تدارس كتاب الله، ولا ننسى قوله تعالى "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ .." البقرة: 114. الصراحة .. أريد أن أفرغ نفسي يوماً كاملاً للبحث عن هؤلاء الـ 25 ألف مستفيد.
والله من وراء القصد.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع