كأس "ج"

 

كأس "ج"

قناة "ج" من القنوات المحذوفة من الريسيفر في المنزل وذلك من مدة ليست بالقصيرة. ولكن أحد الأصدقاء اتصل وطلب مني أن أشاهد قناة "ج" وبالأخص برنامج يسمى كأس "ج". وحتى لا أغير نظام الريسيفر قمت بمشاهدة القناة من خلال البث المباشر على الإنترنت. ومن موقع أخبار كأس "ج" عرفت أن القناة دعت الدول العربية لإجراء منافسات بين مدارس المرحلة الابتدائية (طلاب الفئة عمرية من 11 إلى 12 سنة)، ولم يستجب لهذه الدعوة سوى 10 دول عربية وهي قطر وعمان والبحرين والكويت والأردن والسودان ولبنان وتونس والمغرب وفلسطين. وتنافست مدارس تلك الدول، فيما بينها، منافسة جادة حتى وصلت مدرسة واحدة من كل دولة لتتأهل للبطولة النهائية التي أقيمت في قطر، تحت رعاية كريمة من الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني حرم سمو أمير البلاد المفدى، وذلك في الفترة من 1 إلى 10 فبراير 2015. وكانت النتيجة النهائية هي فوز فريق مدرسة المنصورة التونسية. ومن متابعتي لجزء من المباريات النهائية التي عقدت في قطر وجدت: 1. لعب حماسي جداً، وتمريرات فنية خطيرة لا يؤديها إلا كبار المحترفين. 2. لعب نظيف يتسم بالنزاهة والروح الرياضية واللعب بعزيمة وإصرار. 3. كشفت المباريات عن العديد من المواهب التي من المتوقع أن يكون لها مستقبل مبشر في عالم كرة القدم خلال السنوات المقبلة. 4. تنافس قوي وشريف يتحول المتنافسون بعد صافرة الحكم النهائية إلى مجموعة من الإخوة والأصدقاء. ولقد أعجبني التفاني الكبير من قناة "ج" في الإعداد والترتيب لكل الأنشطة. فالتصوير كان قمة في الحرفية بل تفوق، من وجهة نظري، على ما يقوم به تلفزيون الجزيرة الرياضية في نقل مباريات الدوري الإسباني. أما المعلقون والمحللون الرياضيون فقد بلغوا القمة في الأداء لتعيش بأجواء بطولة كأس عالمية. إن بطولة كأس "ج"، كما أراها، هي خطوة ممتازة لصقل مواهب الأطفال الصغار، واكتشاف عدد من النجوم والمواهب الذين سيكون لهم مستقبل كبير في السنوات القادمة، وفي نفس الوقت، ستعمل على التقارب بين الأشقاء العرب، التي عجزت السياسة في التقريب بينهم.
وتعتبر هذه المبادرة من قناة "ج" هي المبادرة الأولى من نوعها لتنظيم بطولة لأطفال المدارس في العالم العربي، وهي مفيدة للأطفال في ضوء الإهمال الحاصل للرياضة المدرسية، وهي فرصة جيدة لتنشئة جيل المستقبل بشكل جيد يحثهم على التنافس الرياضي الشريف. وبلا شك فإن كأس "ج" منحت المواهب فرصة للتألق والظهور. ولقد أعجبني حراس مرمى كل من تونس وسلطنة عمان، أما المهاجمون التونسيون والأردنيون فقد برعوا بشكل كبير. وأعتقد أن الطالب أحمد بن سعيد المهندي وغيره من لاعبي مدرسة الخور النموذجية سيكون لهم مستقبل باهر لكأس العالم 2022 إذا تمت العناية بهم من الآن.
ومن خلال مشاهدتي لهذه البطولة تأسفت على ما وصلت إليه الرياضة في المدارس بدولة قطر، فالمشاركة من المدارس في هذه البطولة لم يتعد 8 مدارس فقط. وهذا يعطي مؤشرا خطيرا وصورة قاتمة على ما وصلت إليه الرياضة بمدارسنا. ولهذا لم يكن مستغرباً حلول الفريق الممثل لقطر في آخر المجموعة "ب". فالمنهج التربوي القديم كان مبنيا على أساس إعداد الرياضيين من المواطنين، ولذلك كانت الرياضة تمارس يومياً من خلال حصص الرياضة ومن خلال الفرصة "الفسحة" حيث كانت تجرى مباريات يومية بين طلاب الصفوف. أما الرياضة في المنهج الحالي فهي مهملة ولا تتعدى حصة واحدة مرة أو مرتين في الأسبوع، وعندما يحدث تأخر في منهج أي مادة عن المخطط فإن إدارة المدرسة أول ما تلغي فإنها تلغي حصة الرياضة وهذا استثمار غير سليم للرياضة في المدارس القطرية. ونجد الوزارة في المنهج القديم تشجع المنافسات بين المدارس في جميع الألعاب، وبخاصة الألعاب الجماعية مثل القدم واليد والطائرة والسلة، ومن خلال هذه المنافسات على مستوى المدارس، خرج لنا جيل لا يعرف المستحيل، وخرجت أفواج من الرياضيين لا تزال أسماؤهم تردد حتى الآن. وبعد أن تم العبث المؤسف بمنهج التربية الرياضية وجدنا موقف الدولة سلبيا لأبعد الحدود، فقد أعطت ظهرها لأي تطوير في هذا المجال، وقامت باستيراد اللعيبة الأجانب وإعطائهم الجنسيات القطرية دون وجه حق، في حين أنها بدلاً من ذلك كانت تستطيع وبسهولة بالغة أن تعيد أمجاد الكرة القطرية بسواعد المواطنين من خلال تطوير المناهج التربوية بالمدارس أو على الأقل إعادة المناهج القديمة. فالرياضة هي الأساس في تنمية شخصية الطالب وتغرس فيهم أهمية التشاور والتفاهم المتبادل، كما تدعم شخصياتهم بما يلاقونه من تحديات، وما يقابلهم من مشاكل، وما يتحملونه من مسؤوليات، كما تعينهم على تذوق قيمة الجهد والعمل الجماعي.
وفي الختام أوجه الشكر لقناة "ج" على هذه الفكرة المبدعة، ولسمو حرم أمير البلاد المفدى على رعايتها الكريمة لهذه البطولة التي تمثل بداية الاهتمام بجيل المستقبل مما سيعود بالنفع لأوطانها. وأسأل الله العلي القدير أن يلهم حكومتنا الاهتمام بمناهج التربية الرياضية لتخرج لنا مجموعة من الشباب المواطن نستطيع أن نطلق عليهم منتخب قطر الوطني. وفي نفس الوقت أطالب وبقوة مساندة هذه البطولة والمساهمة في استمرارها. وبصدق كنت أتمنى أن يحضر منافسات كأس "ج" جميع لاعبي منتخبنا الوطني لكي يتعلموا من الأطفال كيف يكون لعب كرة القدم على أصولها.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع