تأييد خاطئ لقرار خاطئ

 

تأييد خاطئ لقرار خاطئ

منذ أن نشر مقال "حماية المستهلك ووكلاء السيارات" والتعليقات المؤيدة والمخالفة لم تتوقف. وأطرف تعليق وصلني على "تويتر" من ع. ح. ذكر فيه "آسف يا دكتور .. لكن لم توفق هالمرة في مقالك .. دفاعك عن الوكالات غريب". وأضاف "الله يصلحك دكتور حسستني أني اناقش (ض. خ.) مب دكتور محمد". أما صفحات الإيميل فلقد أتت بأغرب من ذلك، ففي رسالة لأحدهم قال "لا تنسانا من العمولة التي ستأخذها من الوكالات ..". وحوى الإيميل دعوة من إحدى وكالات السيارات لزيارتهم بهدف الاطلاع على ما يحدث لسياراتهم من أول ما تصل الباخرة إلى ميناء مسيعيد حتى تسلم للزبون.
والذي دعاني للكتابة عن الخطأ الجسيم من قيام إدارة حماية المستهلك بإغلاق أربع وكالات للسيارات لمدة شهر هو: 1. علاقتي الوثيقة، التي أفتخر بها، مع إدارة حماية المستهلك وبالأخص مع مديرها سعادة الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني، وهذه العلاقة هي التي شجعتني على انتقادهم، وإثبات أن ما قامت به الإدارة هو في الأساس خطأ. 2. الرد على أحد أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر الذي كان يردد عبارة "يستاهلون". إنه من المحزن أن يسعد أحد أعضاء الغرفة بالضرر الواقع على أربعة من أعضائها الذين يدفعون اشتراكاتهم السنوية للغرفة، بدلاً من قيامه بتكليف مستشاري الغرفة القانونيين، الذين يفقهون في القانون أكثر مني، بدراسة قرار الإدارة لإثبات صحته أو بطلانه. إنه من المفروض أن تكون الغرفة واجهة الشركات المنتسبة في علاقتهم بالحكومة، ومثل هذا القرار كان يجب ألا يخرج بتلك الصفة دون فعل معاكس من الغرفة لحماية منتسبيها. 3. إن مقالاتي مخصصة، في المقام الأول والأخير، للدفاع بالحق وفي الحق عن الوطن والمواطنين. ووكلاء السيارات، إذا أنتم تناسيتم، هم جزء من المواطنين.
وللمتشككين في أهداف المقالة أقول لهم "عينوا خير"، فلقد درجت على أن أكتب ما أقتنع به وليس لأحد سلطان عليّ فيما أخطه من كلمات سوى المخافة من الله. وعندما ناقشت موضوع إدارة حماية المستهلك وقرارهم بإغلاق وكالات السيارات ناقشت الموضوع من الجانب القانوني الذي على أساسه تتحرك الإدارة ولم أتجنَّ عليهم بتاتاً فيما ذكر من حقائق. فالقانون هو الذي عرّف "العيب" في السلعة، وحدد ما يطلق عليه كلمة "غش" في البضاعة. وبمراجعة مدلول الكلمتين في القانون المذكور (انظر مادة (1) ومادة (6) من قانون رقم (8) لعام 2008 بشأن حماية المستهلك) نجد أن وكالات السيارات لم تسلم سلعة بها عيب أو مغشوشة إلى الزبائن، وبذلك ينتفي عنهم صفة الغش والاحتيال الذي ألصق بهم. وقمت بالاتصال مع الدكتور محمد بن سيف الكواري، وكيل الوزارة المساعد لشئون المختبرات والتقييس بوزارة البيئة، الذي أكد أن كل سيارة دخلت إلى الدولة مطابقة للمواصفات القياسية المقررة من هيئة التقييس الخليجي. وقمت، في وقت لاحق، بتلبية دعوة إحدى وكالات السيارات (ممن لم تتشرف بزيارة أفراد حماية المستهلك لهم حتى الآن) وقاموا بتسليمي عدة كتيبات لسيارات تم بيعها، ومسجل عليها جميع البيانات التعريفية، ونتائج الفحص الإلكتروني لكل جزء من السيارة، ونتائج فحص الهيكل الخارجي، وماذا قاموا بعمله على السيارة، بالتكاليف، وذلك منذ استلامها من ميناء مسيعيد حتى نهاية فترة الضمان الرسمي الممنوح من الشركة. فقلت للمسؤول: ما أهمية ما تكتبونه؟ فقال: لا بد من إعداد سجل كامل للسيارة لأن هذه هي شروط المصنع الذي هو، في نفس الوقت، متكفل بدفع كل تكاليف ما نقوم به من إجراءات حتى نهاية الضمان الأساسي على السيارة، وتذهب نسخة للمصنع ونحتفظ بنسخة أخرى في ملفات الشركة. وسألت: هل هذه إجراءات خاصة بشركتكم؟ فأجاب: كل الوكالات في دول العالم شرقه وغربه، حتى تلك التي تعمل ببلد المنشأ، تعمل بهذه الإجراءات. فسألته: هل مسموح لي، كمشتر، بالاطلاع على الكتيب؟ فقال: إذا طلب المشتري الاطلاع على الكتيب قبل إتمام عملية البيع فهذا من حقه.
إن الإجراء الصحيح الذي كان من المفروض أن تقوم به إدارة حماية المستهلك، بدلاً من الإغلاق، هو إصدار تعميم لوكلاء السيارات بإلزامية حصول الوكيل على توقيع الزبون على الكتيب الخاص بالسيارة ليكون على علم بما تم على السيارة من أعمال مختلفة، وإن عدم وجود توقيع الزبون يمكن أن يفسر بأنه تدليس، وليس غشا، ويعاقب، في هذه الحالة، الوكيل العقاب المناسب، مثل: 1. خصم خاص للزبون من قيمة السيارة. 2. تحرير مخالفة للوكيل بمبالغ تتزايد مع التكرار. 3. إغلاق أعمال الوكالة، وليس "الكراج"، لمدة تبدأ من أسبوع وتتزايد مع التكرار. وفي حالة عدم نجاح هذه الإجراءات فإنه يتم إخطار الشركة الأم بالإغلاق الكلي لعلامتهم التجارية، وعدم السماح لهم بممارسة الأعمال بدولة قطر.
وفي الختام أقول إنني مع إدارة حماية المستهلك في عملها ونشكرها على ما قامت به من أنشطة وما تقوم به من جهود لصالح المستهلك، وفي نفس الوقت، لا أختلف مع الكثير من المنتقدين لمقالة الأسبوع الماضي بأن خدمات ما بعد البيع لوكلاء السلع هي في الحضيض ولقد تضررت شخصياً من أعمال مثل هذه الوكالات (انظر الشرق 18/1/2015)، ولكن كل هذا يجب ألا يعمي عيوننا عن قول الحقيقة، التي ربما يراها البعض، وبخاصة من الغرفة، أنها حقيقة مرة. وسوف أستمر في الكتابة على نهج الحقيقة إلى ما شاء الله.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع