حماية المستهلك ووكالات السيارات

 

حماية المستهلك ووكالات السيارات

لقد تصدرت القرارات الأخيرة لإدارة حماية المستهلك، بوزارة الاقتصاد والتجارة، وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر والواتس أب)، وبخاصة عندما قامت بإغلاق صالات عرض لأربع وكالات للسيارات. وذكرت الإدارة في تقريرها أن "سبب الإغلاق هو أن تجار السيارات حاولوا غش المشترين لبيعهم مركبات مصلّحة على أنها جديدة، وتم اتخاذ قرار الإغلاق بناء على البند 18 من القانون رقم (8) لعام 2008". وحتى يكون المستهلك على علم بما يحدث، فلا بد من الخوض في مناقشة القانون رقم (8) لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك.
عرف القانون المذكور في المادة (1) العيب في السلعة بأنه "كل نقص في قيمة أي من السلع والخدمات أو نفعها بحسب الغاية المقصودة منها يؤدي إلى حرمان المستهلك كلياً أو جزئياً من الاستفادة بها فيما أعدت من أجله .." وبحسب هذا التعريف فإنه لا يوجد نقص في السيارات موضوع المشكلة، وليس هناك حرمان للمستهلك من الاستفادة من السيارة فيما أعدت له. أما المادة (2) من حقوق المستهلك فقد نصت على حق الزبون في: 1. الحصول على المعلومات والبيانات الصحيحة .. 2. الاختيار الحر للسلع والخدمات التي تتوافـر فيها شروط الجودة المطابقة للمواصفات. 3. الحصول على المعرفة المتعلقة بحماية حقوقه ومصالحه المشروعة. 4. الحق في رفع الدعاوى القضائية. وبمراجعة هذه الحقوق نجد أن الوكالات أعطت الحق الكامل للزبون بالاطلاع على السلعة المراد شراؤها ومن ثم فحصها وهو حر في الشراء من عدمه. في حين أن الغش الذي استندت عليه الإدارة في قرارها قد ذكر في المادة (6) بهذا النحو " وتعتبر السلعة مغشوشة أو فاسدة إذا كانت غير مطابقة للمواصفات القياسية المقررة أو كانت غير صالحة للاستعمال أو انتهت فترة صلاحيتها". وما حدث للسيارات فهي غير مغشوشة لأنها مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة من هيئة التقييس والمواصفات القطرية والخليجية، وهي أيضاً صالحة للاستعمال، وتم نفي ما قد ينظر إليه أنه عدم إعلام الزبائن بالتصليحات أن الزبون قد عاين السيارة من جميع الجوانب معاينة شخصية نفت الجهالة. وعند مراجعة التزام المزود في حال بيع السلعة لم نجد أن ما ذكر بالمادة (15) أي مؤشر يلزم الوكيل بالإفصاح عن تصليح تم للسيارة على هيكلها الخارجي، ولو كان فإن المعاينة الشخصية للسلعة ينهي الأمر.
لقد درجت وكالات السيارات، يا سادة يا كرام، على فحص السيارة قبل التسليم Pre Delivery Inspection، أو ما يعرف اختصاراً (PDI)، وهو إجراء يتم من قبل الوكلاء في جميع أنحاء العالم وليس في قطر فقط. وفي هذا الفحص يقوم الوكيل بفحص السيارة لتسليمها للزبون في شكلها النهائي. فالوكيل قد يجد، على سبيل المثال، أن البطارية قد انتهت صلاحيتها فيقوم بتغييرها، أو أحد الإطارات به عيب فقام باستبداله، أو مساحات الزجاج قد انكسرت فقام بتركيب مساحات جديدة، أو جزء بسيط من الهيكل الخارجي به خدوش أو تجريح فقام بإصلاحه وطلائه. ويجب ألا ننسى أن السيارة ليست من الإنتاج المحلي بل هي تخرج من المصنع في بلد المنشأ ويتم نقلها للميناء وبعد ذلك يتم تحميلها على سفن شحن وبعد وصولها يتم تخزينها في المخازن حتى يتم شراؤها، وهذه تأخذ الكثير من المناولة، وعلى عدة أشهر، ولا يعقل ألا يحدث شيء عليها. وما قام به الوكيل لم يغير من طبيعة السلعة، ولا من شكلها، وفي نهاية المطاف سمح للشاري بأن يعاين السيارة معاينة تنفي الجهالة بكل جوانب السيارة. أما المادة (18) مكرر فهي تنص على جواز قيام مدير الإدارة المختصة بقرار إداري مسبب بإغلاق المحل أو المكان الذي وقعت فيه المخالفة، وذلك بصفة مؤقتة لمدة لا تزيد على شهر عن الواقعة الأولى. يعني أن القانون حدد الحد الأقصى للمرة الأولى ألا تزيد على شهر وهنا يتبادر سؤال بريء: بما أن الإدارة تدعي أن ما قامت به الوكالات غش واحتيال، بعكس ما أراه شخصياً، وأن هذه هي المرة الأولى لكل وكالات السيارات، فلماذا تم تطبيق الحد الأقصى لهذه العقوبة؟ إلا إذا كانت هناك أسباب نجهلها والإدارة لا تريد الإفصاح عنها.
إن قرار الإغلاق لمدة شهر لوكالات السيارات يختلف عن إغلاق ملحمة أو خباز أو حتى مطعم حيث نجد لهم البديل المناسب في أماكن أخرى من المدينة، أما وكالة السيارات فليس لهم بديل. فعملية إغلاق الوكيل ينتج عنه: 1. ضرر بزبائن هذا النوع المحدد من السيارات، وبخاصة من هو حاجز وينتظر استلام سيارته. 2. ضرر بالوكيل الذي عليه دفع الإيجارات ورواتب العشرات من الموظفين دون أن يكون له عائد يغطي هذه المصاريف، ولا ننسى السمعة السيئة التي ستلتصق به. 3. ضرر بالعامل الذي سيحرم من حصوله على بدل عمل إضافي، أو العمولات المتنوعة التي تحسب له من بيع السيارات.
وفي الختام نقول إنه لن نتكلم عن موظفي الضبط القضائي، ولا عن الدورات والإعدادات التي حصلوا عليها لممارسة المهنة، ولا حتى مؤهلاتهم، ولكن نقول إنه من المعيب أن يطلق على وكالات السيارات كلمة "غش واحتيال" ببيعهم مركبات مصلّحة، وهي حسب رأيي ليست كذلك، علماً أن بعض هذه الوكالات له تاريخ طويل امتد لعشرات السنين من العمل المخلص، وكان الأحرى أن يكون العقاب، إذا ثبت ذلك، غرامة مالية يذهب جزء منها للزبون المتضرر.
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع