الوكيل والخدمات المتردية

 

الوكيل والخدمات المتردية

جذب انتباهي تحقيق صحفي بعنوان: "وكلاء الماركات العالمية يتلاعبون بالزبائن"، وقرأته ووجدت أن ما نشر صحيح لأنه أصابني، من بعض هؤلاء الوكلاء، بعض التعديات غير الحميدة. فلقد قمت بشراء ثلاجة كبيرة للمنزل وذلك من ماركة عالمية معروفة. وذكر رجل المبيعات أن الشركة ستقوم بتوصيل الثلاجة إلى المنزل في اليوم التالي. ولأن الثلاجة بها وصلة لعمل مكعبات الثلج فسألت رجل المبيعات قبل شرائها: من سيوصل المياه للثلاجة؟ فقال وبكل ثقة: سيقوم فنيو الشركة بتوصيل الثلاجة بأنابيب المياه. وعلى ذلك تم شراء الثلاجة. وجاء اليوم الموعود ووصلت الثلاجة إلى المنزل في الموعد، وتم وصلهما بالكهرباء، وطلب مني الفني بالتوقيع على استلامهما فقلت: لكن الثلاجة لم يتم توصيلها بالماء. فقال: إنه ليس لنا علاقة بتوصيلها بأنابيب المياه فشوف لك "بايب فيتر" من السوق يوصلها. فطلبت منه أخذ الثلاجة وإرجاعها إلى مصدرها وإرجاع أموالي. فقام الفني بالاتصال مع مديره الذي طلب مني ترك الثلاجة في مكانها ووعدني بأنه سيرسل غداً فني آخر لتوصيلها. ووقعت على الأوراق وكتبت بخط واضح "بأنني استلمت الثلاجة ولكن تركيبها غير مكتمل". وتراكضت الأيام ولم يصل الفني حسب وعدهم. فقمت بالاتصال بأخي سعادة الشيخ جاسم بن جبر آل ثاني، مدير إدارة حماية المستهلك، وشرحت له الوضع فقام بالاتصال مشكوراً مع الشركة الوكيل وجاءوا إلى المنزل. فقال الفني: قم بإيصال وصلة المياه إلى جنب الثلاجة ونحن سنقوم بالباقي. (على فكرة.. أقرب نقطة مياه للثلاجة تبعد متراً واحداً فقط). وحادثة أخرى قريبة وليست بعيدة عندما توقف أحد المكيفات عن العمل وطلبت من الوكيل فحص المكيف فقال: إن الكمبريسور يطلبك البيحة (يعني هلك). قلنا كويس خذوه واستبدلوا الكمبريسور لأن ضمان الخمس سنوات لا يزال باقي عليه ثلاث سنوات ونصف السنة. فرد الفني قائلاً: سيكلفك استبداله وصيانته 780 ريالاً بالإضافة إلى 150 ريالاً للتنظيف. فقلت: ولماذا الضمان الذي توفرونه للزبائن؟ فقال: الكمبريسور مضمون ولكن هذه الفاتورة عن غاز المكيف وليس الكمبريسور.. سبحان الله وهل يعمل الكمبريسور بدون غاز. فقلت له سلمني الكمبريسور وسوف أركبه بمعرفتي (التركيب والغاز والتنظيف خارج الوكالة يكلف 220 ريالاً فقط). فرد إذا كنت تريد أن تأخذ الكمبريسور عشان تركبه عند غيرنا فعندها لا بد من دفع ثمنه. أما أغرب الحوادث فهي حادثة قطع غيار السيارات. فقد عطلت إحدى السيارات "الأمريكية" وتطلب تصليحها قطعة غيار غير متوفرة لدى الوكيل فوعدني أنه سيطلبها من دبي وستصل في غضون يومين إثنين وأن تكلفتها في حدود 700ر3 ريال قطري. ومر اليومان ومن ورائهما عدة أسابيع والقطعة لم تصل بعذر أن الوكيل في دبي ليس لديه القطعة وأنه طلبها من المصنع في أمريكا. وفي إحدى زياراتي للإحساء بالمملكة العربية السعودية زرت وكيل نفس السيارة وسألت عن قطعة الغيار فقال موجودة. فاشتريتها بقيمة 630 ريالاً سعودياً وأخذتها معي إلى الدوحة وتم تصليح السيارة بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من الكذب الصريح من الوكيل.
هذه فقط ثلاثة نماذج يتضح فيها كيف أن وكلاء السلع يتلاعبون بالزبائن وإنه من المهم البحث عن الطرق الصحيحة لإيقافهم عند حدهم لأن ما حدث معي فإنه يحدث، في كل لحظة، مع غيري ممن ربما يبلع الضيم أو الظلم ولا يتكلم. ومما سبق يتضح أن هم الوكيل هو البيع وليس الخدمة وبخاصة خدمة ما بعد البيع. وأصبح الوكيل يتمادى في عمله لأنه لا توجد جهة تردعه عن هذه الأفعال.
إن التقصير، من وجهة نظري، يقع على وزارة الاقتصاد والتجارة فهي صمام الأمان في الاقتصاد والتجارة في قطر. فكيف تسمح الوزارة للوكيل بفتح منافذ بيع دون ضمان حقيقي مما يضر بحقوق المستهلك؟ إن على الوزارة القيام بالحد من تلاعب الوكلاء التجاريين بالزبائن عن طريق إجبار كل وكيل أن:
1. يفصح لجميع الزبائن عن سياسة خدمات ما بعد البيع ضمن عرض البيع حتى تتيح الفرصة للزبون بالموافقة أو الرفض. 2. بتوفير ورشة متكاملة بفنيين أكفاء لعملية الصيانة في قطر بها معظم إنْ لم يكن كل قطع الغيار اللازمة. 3. يكون من حق الزبون إرجاع السلعة مع إرجاع كامل المبلغ إذا لم تكن تلك السلعة بالمواصفات التي ذكرها رجل المبيعات. 4. يشمل الضمان العالمي تلك السلعة حتى ولو تم شراؤها من الخارج بدون تحميل الزبائن أي رسوم إضافية. 5. أن يحدد الوكيل مدة الصيانة الشاملة وأي فترات أخرى للصيانة الجزئية. 6. أن يكون من حق الزبون، في حالة تلف السلعة بفترة الضمان، الحصول على سلعة مشابهة أو التعويض الكامل ولا يتم خصم أي جزء من التعويض.
وفي الختام نقول إن ما ينطبق عليهم مصطلح وكيل في الاقتصاد القطري هم قلة قليلة من الشركات أما الغالبية من الوكلاء هم من فئة البائعين أكثر مما هم من فئة الوكلاء. ولو أن وزارة الاقتصاد والتجارة أجبرت كل وكيل بما ذكر بالفقرة السابقة لرأيت تهافت التجار سينخفض في مسابقات الحصول على الوكالات التجارية. أما دور إدارة حماية المستهلك فيجب أن يتطور ليشمل مراقبة ومتابعة أعمال مثل هؤلاء الوكلاء وأخذ حقوق المستهلكين منهم.
والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع