هل الحكومة مفلسة؟

 

هل الحكومة مفلسة؟

كلما أسمع عن مليارات الفائض السنوي من الميزانية القطرية أستبشر خيراً، وأخاطب الجهات المسئولة لصرف مستحقاتي ومستحقات غيري من المواطنين في حقوق مكافأة نهاية الخدمة التي نصت عليها المادة (23) مكرر من قانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات بالنص التالي: ويستحق الموظف، أو العامل، الذي تزيد مدة خدمته الفعلية عن عشرين سنة مكافأة نهاية خدمة تتحمله جهة عمله .."، وقبل التقاعد خاطبت جامعة قطر بحقوقي فقالت "وزير المالية هو المسئول عن الموضوع"، وذهبت إلى سعادة وزير المالية السابق لسؤاله عن حقوقي فقال "نص المادة صريح فعليه لا تطالبني بأي حقوق، وخذ حقك من الجامعة وليس من وزارة المالية"، وذهبت للجامعة وقالت "أنت الآن متقاعد فخذ حقك من هيئة التقاعد والمعاشات"، وذهبت للهيئة فقالوا "إذا كانت مدة خدمة المشترك تزيد عن عشرين سنة، فإنه، أو المستحقين عنه، يحصلون على المعاش، بالإضافة إلى مكافأة قدرها شهرين عن كل سنة من السنوات التي تزيد على العشرين سنة وتدفعها جهة العمل"، يعني بعبارة أخرى ضاعت حقوقي، وحقوق غيري من المواطنين، بين الجهات الحكومية، وآخر محاولاتي كانت بإرسال خطاب إلى مجلس أمناء جامعة قطر بتاريخ 3/6/2014 طالباً منهم صرف مستحقاتي المالية وعدم تجميدها، فرد مجلس الأمناء، عن طريق رئيسة الجامعة، بأن صرف هذه المستحقات مربوط بصدور اللائحة التنفيذية للقانون، وبالرجوع إلى قانون التقاعد والمعاشات نجد أن المادة (54) نصت على أن "يصدر مجلس الوزراء، بناء على اقتراح الهيئة، اللائحة التنفيذية لهذا القانون"، وهنا نأتي للسؤال: ما هو الواجب اتباعه: القانون الذي أصدره ولي الأمر؟ أم اللائحة التنفيذية التي لم تصدر؟
إننا في قطر ننعم، والحمد لله، بالكثير مما حرم منه الكثير من شعوب العالم، وإننا في رفاهية مطلقة وذلك عائد بفضل من الله ومن ثم تدبير ولاة أمرنا على مر التاريخ، ولكن الذي نعرفه أننا كأفراد ملزمون بتنفيذ القوانين التي يصدرها ولي أمرنا لصالحنا ولصالح المجتمع، وبما أنه المطلوب منا أن ننفذ القوانين، وليس اللوائح، فإن على المسئولين القيام بما نقوم به، وهو تنفيذ تلك القوانين، إن عذر عدم صدور اللائحة التنفيذية هو- من وجهة نظري- عذر باهت وغير واقعي، لأن اللائحة ما هي إلا أداة لتفسير القانون، وبهذا فالقانون هو الأصل، وهو أقوى، لأن الذي أصدره هو ولي الأمر، سمو الأمير المفدى، وعليه فإنه من الواجب اتباعه سواء صدرت اللائحة التنفيذية، أو لم تصدر، إن القانون هو "أمر" صريح من ولي الأمر، ومن الواجب تنفيذه، وإن عدم تنفيذه هو في الأصل خروج من بيده تنفيذ الأمر عن طاعة ولي الأمر، وفي هذا خروج من الملة للأمر الصريح من الله -سبحانه وتعالى- في قوله "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ .." النساء: 59، ومع هذا الأمر الصريح بإطاعة ولي الأمر، ومع أن الوزراء، كل على حدة، أقسم بالله أمام سمو الأمير "بأن يكون مخلصاً للوطن وللأمير، وأن يحترم الشريعة الإسلامية والدستور والقانون، وأن يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة"، إلا أن بعضهم، ممن وثق بهم سمو الأمير المفدى لخدمة البلاد والعباد، يقومون بالتنغيص على المواطنين في حقوقهم التي كفلتها لهم القوانين، فأحدهم يتعذر بعدم صدور اللائحة التنفيذية (الجامعة)، والآخر يجعل من يصرف المستحقات بيد مجهول الهوية (منهم الجامعة)، والثالث سرق جزءا من أموال القطريين على شكل اشتراكات أولية في صندوق التقاعد (انظر الشرق 9/10/2011)، والرابع يسرق من راتب الموظف شهرياً لصالح الحكومة، أما الخامس، وهو الأخطر، يتقدم باقتراح أن تتغير عبارة مدة الخدمة من " خدمة المشترك تزيد على عشرين سنة " لتصبح " خدمة المشترك تزيد على ثلاثين سنة "، بمعنى آخر يريد أن تقوم الدولة بسرقة 10 سنوات من جهد وتعب المواطن، والعجيب أن كل ذلك يأتي من ضمن "رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة"، يا مسئولنا العزيز، إذا كان هذا تفكيرك في "رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة"، فالرجاء أن تبتعد عن رعاية مصالحنا، والله يغنينا عن رعايتك لها، وما نطلبه منك يا مسئولنا العزيز هو تنفيذ الدستور القطري من جهة، والقوانين التي يصدرها ولي الأمر -حفظه الله- من جهة أخرى، لقد حاولت، مراراً وتكراراً، أن أجد مبرراً لقيام الحكومة القطرية بمثل هذه الإجراءات ولكني لم أجد ما يماثلها من إجراءات، في العالم أجمع، إلا من قبل الحكومات المفلسة التي تفتش على الدرهم قبل الريال، ولا أعتقد، شخصياً، أن دولة قطر مفلسة إلى هذا الحد، فهي التي تساعد الدول الأخرى بمليارات الدولارات، وتقوم بالاستثمار في كل بقاع الأرض بكل الأشكال، وتوزع الأموال يمنة ويسرة ببذخ ليس له نظير، وفي كل سنة تصرح في الوسائل الإعلامية الأجنبية، قبل المحلية، عن الوفورات المليارية في ميزانية الدولة، كل ذلك، وغيره الكثير، لا يجعل من دولة قطر مفلسة، ولا يعطيها سببا لأن تقوم بتجميد حقوق المواطنين، ولا لسرقة جهدهم،
وفي الختام نقول إنه من المعيب على المسئول أن يمنع المتقاعدين المدنيين من حقوقهم في حين أنه يصرفها، وبسرور بالغ منقطع النظير، للمتقاعدين من العسكريين، والمشكلة أنه يرميها على الحكومة كأنها هي المقصرة، وعلى وزن العبارة التي تنسب لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- "لو كان الفقر رجلاً لقتلته" أقول "لو كانت اللائحة التنفيذية رجلاً لقتلتها".
والله من وراء القصد ،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع