مفاجأة .. أنت غير مواطن

 

مفاجأة .. أنت غير مواطن

انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة سحب الجنسية عن مواطني بعض الدول الخليجية، وهذا يجرنا للتساؤل: هل يجوز لحكومة قطر سحب الجنسية من مواطنيها؟ وللإجابة عن هذا التساؤل فلابد من الاطلاع على قانون الجنسية القطري.
إن قانون رقم (38) لسنة 2005 بشأن الجنسية القطرية، وحسب المادة (41) من الدستور القطري، له الصفة الدستورية، أي لا يجوز التعديل فيه كالقوانين العادية، بل يجب أن يتم التعديل به، إن أريد ذلك، بنفس نمط تعديل مواد الدستور.
لقد قسم القانون القطريين إلى قسمين: 1. قطري أساسي. 2. قطري بالتجنس. ووضع شروطاً لكل فئة للحصول على الجنسية (انظر المادتين (1) و(2) من القانون). وحتى طريقة سحب الجنسية فرقت بين القطري الأساسي والقطري بالتجنس. ففي المادة (11) من القانون المشار إليه نص على أنه يجوز بقرار أميري إسقاط الجنسية القطرية عن القطري (الأساسي) في الحالة التالية: 1. إذا التحق بالقوات المسلحة لدولة أخرى وبقي فيها رغم صدور أمر إليه بتركها. وفي هذا فإنه من حق الدولة حماية أمنها، ووجود قطري في جيش أي دولة أخرى قد يؤدي إلى إفشاء بعض الأسرار التي ربما يكون بعضها خطيرا. 2. إذا عمل لمصلحة أي دولة في حالة حرب مع قطر. وهذا، كما أراه، فيه خلط، لأن العمل في الوظائف المدنية يختلف عن العمل في الوظائف العسكرية. 3. إذا عمل لمصلحة أي هيئة أو منظمة أو جمعية أو تنظيم يكون من أغراضه تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لقطر. وهذه العبارة لم تحدد نوع التقويض المعني. 4. إذا أدين بحكم نهائي في جريمة تمس ولاءه لقطر. وهذا أمر لا خلاف عليه إذا أدين فعلاً من خلال محكمة مدنية عادلة. 5. إذا تجنس بجنسية دولة أخرى. وهذا أمر لا غبار عليه، فقد نص عليه في المادة (18) "يحظر الجمع بين الجنسية القطرية وأي جنسية أخرى إلا بقرار من الأمير". إن ما ذكر من أسباب لا تؤدي لسحب جنسية المواطن إلا في السبب الأول فقط، أما الأسباب الأخرى فإنه من المفروض تقديمه للمحاكمة، وإذا ثبت عليه ذلك، فإنه من الواجب سجنه وليس سحب جنسيته، أما السبب الخامس فإن المواطن يخيَّر بين الاحتفاظ بجنسيته أو بالجنسية الأخرى. ولكن المحير بالمادة أنه ذكر في نهايتها بأنه يجوز بقرار أميري إعادة الجنسية القطرية لمن فقدها طبقاً لأحكام "الفقرة السابقة"، فهل هذه العبارة تشمل بنود المادة (11) كلها أم فقط الفقرة الخامسة التي سبقتها.
أما المادة (12) فقد نصت على أنه يجوز بقرار أميري سحب الجنسية القطرية من القطري المتجنس إذا توفرت بشأنه حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة (أي المادة (11)، أو إحدى الحالات التالية: 1. إذا كان قد منح الجنسية القطرية بطريق الغش، أو بناءً على أقوال كاذبة، أو لإخفائه معلومات جوهرية، أو ساعد غيره على اكتساب الجنسية القطرية بطريق الغش. وهذا الأمر لا غبار عليه، لأن ما بني على باطل فهو باطل. 2. إذا أدين بحكم نهائي في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة. وهذا السبب يعتبر مشكلة أمام المتجنس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". فكيف يتم سحب الجنسية من المجنس وقد مرت عليه، على سبيل المثال، عشرات السنين وهو يحمل الجنسية القطرية وقطع صلته الكاملة بموطنه الأصلي. وبحسب قانون العقوبات، فإنه لا يجوز أن تترتب على أي جريمة، عقوبتان. (عقوبة الجريمة وعقوبة سحب الجنسية). 3. إذا فصل من وظيفته العامة بحكم أو قرار تأديبي نهائي لأسباب تتصل بالشرف أو الأمانة. وهذه لم تفصل بين الحكم التأديبي الذي يصدر من المحاكم أو اللجان التأديبية وبين القرار التأديبي المبني على حكم الشخص، سواء كان رئيس القسم أو مدير الإدارة أو الوزير المختص. 4. إذا انقطع عن الإقامة في البلاد مدة تزيد على سنة دون مبررات مشروعة. من يحدد المبررات سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، فالحكم الشخصي للمبررات قد تتبعها مشاكل لا حصر لها. أما الخطر الحقيقي أمام المتجنس هو ما نص عليه في آخر هذه المادة وهو "وفي جميع الأحوال يجوز، بناءً على اقتراح وزير الداخلية، سحب الجنسية القطرية من المتجنس بها، لدواعي المصلحة العامة، إذا وجدت مبررات قوية تقتضي ذلك". والسؤال من يحدد دواعي المصلحة العامة؟ هل يتم الاقتراح من الوزير شخصياً أم يجب أن يكون من خلال لجان محايدة، وما الحدود الفاصلة بين المصلحة العامة، والمصالح الأخرى، ومن يحدد بأنها مبررات قوية من عدمه.
وفي الختام نقول إنه من المعيب أن توجد عقوبة تسمى "سحب جنسية"، لأن الجنسية الأصلية هي حق مكتسب بواقعة الميلاد على أرض الوطن من والدين مواطنين وبالتالي لا يجوز للحكومات سحبها، بل يجب عليها في حالة وجود مخالفه أو تجاوز فرض العقوبات المناسبة والمنصوص عليها في قانون العقوبات. إن سحب الجنسية، كما يذكره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، هو نوع من الاضطهاد الذي يجرم. وفي كل الأحوال، وكما نص عليه الدستور، (مادة 41)، "لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل به، والعقوبة شخصية..". يعني أنها لا تشمل جميع أفراد الأسرة.
والله من وراء القصد

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع