نظرة مختلفة لقرار زيادة راتب الشؤون

 

• 

  د.محمد بن علي الكبيسي

نظرة مختلفة لقرار زيادة راتب الشؤون

   

وجه سمو الأمير المفدى توجيهاته لمجلس الوزراء الموقر لاتخاذ اللازم لزيادة معاشات المستحقين للضمان الاجتماعي. هذا الخبر، الذي تناقلته الوسائل الإعلامية، أدخل السرور المباشر إلى أكثر من 15 ألف مواطن ممن يستفيد من تلك المعاشات وغير المباشر لكافة المواطنين. وقام كل فرد من المجتمع، سواء المنتفع منهم أو غير المنتفع، بحمد الله وبشكره أن سخر لهم الله ولي أمر يحبهم ويهتم بشؤونهم. وكنت أعتقد أن هذه التوجيهات لن تخرج بهذه السرعة، ولكن وجدنا أنه في أقل من أسبوع خرج لنا قرار مجلس الوزراء رقم (46) لسنة 2014 بشأن تحديد قيمة المعاش المستحق للفئات المنصوص عليها في القانون رقم (38) لسنة 1995 بشأن الضمان الاجتماعي وقواعد منحه. وفي هذا نتقدم بالشكر الجزيل لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، الذي يحبنا ونحبه. والشكر موصول إلى معالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، لسرعة اتخاذ القرار لتنفيذ توجهات سمو الأمير.

ومع هذه الفرحة الغامرة، وكل هذا الخير العميم، بزيادة رواتب الضمان الاجتماعي، فإنه يجب علينا أن نوضح عدة نقاط بخصوص رواتب الضمان الاجتماعي: 1ـ الحمد لله والشكر له أن خرجت زيادة رواتب الضمان بهذا الشكل المرضي ولقد أملت أن تكون الزيادة أعلى وذلك حسب الدراسة الميدانية التي بينت أن المبالغ الشهرية التي تصرفها الأسرة القطرية الواحدة على مستوى الكفاف، وليس الرفاهية، تصل إلى حوالي 150ر6 ريال شهرياً (مع الغلاء المستمر ارتفع متوسط مصاريف الأسرة الواحدة في 2014 لتصل إلى 800ر7 ريال). وهذا يعني أنه مع هذه الزيادة، التي تبلغ حوالي 167 % من الراتب السابق، فإنه من المتوقع حدوث عجز في مقابلة بعض المصروفات لدى بعض تلك الأسر. (انظر الشرق 19 /6/ 2011). 2 ـ لقد لاحظت أن قرار مجلس الوزراء أدرج راتب للأرملة، والمطلقة، والزوجة المهجورة، ولكن القرار نسي، أو تناسى، أن الاحتمال الكبير أن يكون لهذه الفئات أولاداً، علماً بأن المادة (3) من قانون الضمان الاجتماعي لم تحدد أي أولاد لكل الفئات، ومع ذلك نجد أن قرار مجلس الوزراء اعترف بالأولاد لخمس فئات من المشمولين بالضمان الاجتماعي. وقد يقول قائل بأن أولاد هذه الفئات هم مشمولين بالنفقة من آبآئهم ونقول قروا عيناً ففي المادة (5) من القانون المذكور نص المشرع على أن "يصرف المعاش كاملاً إذا لم يكن له دخل، فإذا كان له دخل من مصدر آخر خفض المعاش بمقدار هذا الدخل". وهذا يعني لا يوجد فاقد. إن أولاد هذه الفئات، كغيرهم، يحتاجون إلى مصاريف وتكاليف مختلفة فحبذا أن يتم إرفاق تعديل للقرار ليشمل أبناء هذه الفئات. 3 ـ أن تنظر الحكومة بجد في تعديل القانون رقم (38) لسنة 1995 بشأن الضمان الاجتماعي ليشمل العاطلين عن العمل، والذين تبلغ أعدادهم حوالي 5000 مواطن. إن أكثر العاطلين، أو كما يسميهم بعض المسؤولين الباحثين عن العمل، هم من المواطنين العاطلين غصباً عليهم لأنه لم تتح لهم فرصة الحصول على أي عمل مهما كان شكله. وبما أن على هذه الفئة مصاريف حياة مختلفة فإنه من حقهم مساواتهم بغيرهم ممن يستحق راتب الضمان، أو على الأقل تصنيفهم بفئة العاجز عن العمل، حتى يتم تخصيص وظيفة لهم. أما في حالة أن أي واحد منهم لم يلتحق بالوظيفة التي خصصت له فإنه لابد، في هذه الحالة، من إلغاء راتب الضمان عنه. 4 ـ أن يتم تعديل القانون رقم (38) لسنة 1995 المشار إليه ليشمل زيادة سنوية في رواتب أصحاب الضمان الاجتماعي تتناسب مع زيادة التضخم والغلاء. إنه من المهم أن يشمل القانون مثل هذه الزيادة السنوية لأن الخوف أن ترتفع أسعار السلع والخدمات في السوق المحلي في حين يظل الراتب سنين طويلة قادمة في حالة جمود غير قابل للتعديل. 5 ـ لقد ذكرت المادة (8) من قرار مجلس الوزراء بأن القرار ينفذ ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية وهذا يختلف كلياً عن عبارة "وينشر في الجريدة الرسمية". وبما أن التنفيذ يرتبط بتاريخ النشر فإن ذلك يعني أن الزيادة مؤجلة إلى أمد غير محدود لأننا لا نعرف متى سيتم نشره بالجريدة الرسمية. نأمل من الجهات المختصة سرعة نشره بالجريدة الرسمية. 6 ـ أن تسهل الجهات المختصة عملية التقدم للحصول على الضمان الاجتماعي وأن يحترم من يتقدم لذلك وأن يرفع الموظفون عنهم نظرة الشك والارتياب والدونية لكل من يتقدم إليهم لأنهم في الأول والأخير هم مواطنون ويستاهلون كل خير.

وفي الختام، ومع كل ما ذكرناه، فإننا نبارك للشعب القطري على هذه الزيادات التي جاءت في وقتها وأفرحت جميع المواطنين. ومن المهم أن لا تفهم النقاط التي ذكرتها في مقالي بأنه، لا سمح الله، انتقاص من قرار مجلس الوزراء رقم (46) لسنة 2014 المشار إليه بل يجب أن تفهم هذه المقالة في سياق البحث عن الوضع الأمثل لفئة من المواطنين جعلتهم الظروف يندرجون تحت بند رواتب الضمان الاجتماعي.

والله من وراء القصد،،