الحقيقة والخيال في تحالف الشركات

 

الحقيقة والخيال في تحالف الشركات

كلنا يعرف أن الضرورة هي التي أباحت وجود شركات المقاولات الأجنبية في وقت ما، وهذه الضرورة لم يعد لها وجود الآن، وأن الاستمرار في الاعتماد عليها من شأنه أن يهدد كيان الشركات القطرية، التي لابد وأن تحظى بكل الدعم والمساندة على اعتبار أنها عصب قطاع يعد من أهم القطاعات الاقتصادية في قطر، بل ويعد خياراً استراتيجياً لتنوع مصادر الدخل القومي لها. ودولة قطر، في السنوات الأخيرة، انتبهت لدور الشركات القطرية الصغيرة والمتوسطة وأعدت العدة لدعوتها للمشاركه في تنفيذ الأعمال. ولكن مشكلة هذه الشركات أن حجمها صغير، وبهذا يستحيل عليها الدخول في المناقصات بشكل مباشر. وفي تاريخ 29/5/2010 باللقاء التشاوري الرابع لمعالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء السابق مع رجال الأعمال وغرفة صناعة وتجارة قطر قال معاليه "التعاون بين الشركات القائمة لاتخاذ التدابير اللازمة التي تمكنها من استغلال الفرص المتاحة للمشاركة في تنفيذ المشاريع الكبرى، والاستفادة منها، وذلك من خلال الدخول في شراكات، وتحالفات إستراتيجية فيما بينها". كلام مهم يصدر من مسؤول مهم. ولذلك قمنا، منذ ذلك التاريخ، بإنشاء شركة تهدف لجمع الشركات القطرية التي لها علاقة بإدارة وتنفيذ مشاريع الإنشاءات المدنية. وكل القصد من تلك الشركة هو أن تجمع خبرات وأصول وإمكانيات تلك الشركات تحت مظلة واحدة، وتكون كل شركة لها ملاكها واستقلاليتها الكاملة، الأمر الذي سيجعل منهم تحالفاً قوياً متخصصاً في مجال وفروع الأعمال الإنشائية المدنية، تمتلك من المعدات والآليات والعُدد ما يفوق ما تمتلكه أكبر الشركات الأجنبية، وتستطيع تنفيذ أي أعمال إنشائية مدنية مهما كان حجمها أو متطلباتها. وتكون كل مجموعة من الشركات متخصصة في مجال محدد، فمثلاً مجموعة الشركات المتخصصة بنجارة المسلح، وأخرى بأعمال الحديد، وثالثة بأعمال صف الطابوق.. إلى آخره. وحتى نسرع في العمل قمنا بإنشاء شركة خاصة ذات مسؤولية محدودة، وقمنا بالصرف عليها، وترتيب أوضاعها لتنجز المهمة المخطط لها. وبعد أن صار لها هيكل واضح المعالم، وحصلت على موافقة عدة شركات قطرية، توجهنا إلى الهيئة العامة للأشغال التي أكد رئيسها، في نفس اللقاء التشاوري المذكور، انه يتم حاليا إعادة النظر في أسس تأهيل الشركات المحلية لدخول المناقصات وآلية الإعلان عن عمليات التأهيل. وفي الحقيقة إننا نشك في مصداقية هذا التوجه لأن موظفي أشغال وموظفي العديد من الأجهزة الحكومية، وللأسف، وكما أراه، على اقتناع تام بأن كل ما هو قطري لا يرقى إلى أن يكون أداة لتطوير وتنفيذ المشاريع. ولهذا ليس بغريب قول أشغال: بأن هذا النوع من التحالفات لا تنطبق عليه أسس ومعايير اعتماد التأهيل. فقلنا لهم نورونا نوركم الله بهذه الأسس والمعايير حتى نحاول التوفيق بينها وبين هذا التحالف. قالوا: لا نستطيع مدكم بها لأن كل مناقصة تختلف عن الأخرى. وبعد ذلك توجهنا إلى شركة (...) العقارية لاعتماد التحالف من ضمن الشركات المدرجة ومع اقتناعهم بالتحالف وعلامات التفاؤل التي ذكروها لنا لكنهم قالوا بالحرف الواحد "أنه مع اقتناعنا بالتحالف فإننا لا نستطيع منحكم أية أعمال إلا إذا كنتم "مسنودين" من..." (ذكروا لنا عدة أسماء). عندها طلبنا منهم على الأقل تقديمنا لمقاوليهم الرئيسيين فربما استطعنا إقناعهم بتحويل أجزاء من المقاولة للتحالف. ومرة أخرى قالوا إنه "لا سلطة لنا عليهم، ومن المتوقع أن لا تستطيعوا أخذ أي عمل من الباطن إلا إذا التحالف حظي "بمساندة" من..." (ذكروا لنا عدة أسماء). وقام أحد المستشارين القانونيين بنصحنا بالتوجه إلى وزارة الاقتصاد والتجارة لاعتماد مثل هذا النوع من الشركات الذي هو عبارة عن شركة منسقة بين عدة شركات قطرية خاصة لا يجمعهم سوى العمل التنفيذي المشترك واحتارت الوزارة لأنه لا توجد أي مادة في قانون الشركات يستطيع هذا التحالف أن يعمل من خلالها. واتصلنا مع أحد كبار المسؤولين بوزارة الاقتصاد والتجارة الذي وعدنا بالنظر في القوانين لصالح الشركات القطرية لتطبيق مثل هذا التوجه الحميد الذي يرفع اداء الشركات عن طريق التخصص الدقيق في تنفيذ الأعمال.

والسؤال هنا: هل هناك مصالح خاصة تمنع زيادة حصة الشركات القطرية من المشاريع التي تنفذ على الأراضي القطرية؟ أم أن الأمر يتعلق بكفاءة وجودة الشركات الأجنبية وضعف أداء الشركات القطرية؟.. مع العلم بأن "الأجنبي" يستعين "بالقطري" في إنجاز الأعمال. وهذه الأسئلة وجهناها إلى معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء الحالي الذي ذكر "بأن دولة قطر مقتنعة بالشركات القطرية وهي تسعى جاهدة الى أن ترفع من مستويات آدائها عن طريق إكسابهم الخبرات المتنوعة في تنفيذ الأعمال" وبأنه "قام بتوجيه جهات الاختصاص بتعديل عقود المناقصات ليجبر الشركات الأجنبية وغيرها على إشراك الشركات القطرية الصغيرة والمتوسطة في تنفيذ أعمالها". وأضاف معاليه "أنه يتابع هذا الأمر شخصياً للتأكد من تنفيذه".

وفي الختام نقول: إن توجه معالي رئيسي مجلس الوزراء، السابق والحالي، واضح وجلي ولا يحتاج إلى مترجمين لفهم معناه ومدلولاته وهو توجه ينم على وطنيتهما الخالصة ولكن بين توجههما وسبل تنفيذه تقف حواجز كبيرة تمنع هذا التحرك بعضها قانوني والبعض الآخر عقلية بعض المتنفذين التي تحتاج إلى "سند".. إن على أشغال والجهات الأخرى أن تعمل على استحداث وتجريب مداخل جديدة للتنمية يكون أساسها المشاركة الوطنية الجادة والكاملة بهدف تحقيق وتغطية احتياجات التطور والتكامل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في دولة قطر.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع