الحقائق ولجنة تقصي الحقائق

 

الحقائق ولجنة تقصي الحقائق

لقد نشرنا مقالة عن الأمطار ودعاء الاستصحاء (انظر الشرق 13 /4 /2014)، وذكرنا تخوفنا من عدم محايدة اللجنة المشكلة لتقصي الحقائق حول مشكلة تجمع مياه الأمطار في أنفاق طريق سلوى. وأن هذه اللجنة ستقوم، حسب وجهة نظري، بطمس الحقائق والخروج بنتائج بعيدة عن الواقع. ولأن اللجنة لا تريد أن تظهر بلا فائدة فقد قامت، بعد ثلاثة أسابيع من تشكيلها، بالإعلان عن تقريرها الذي أتى، كما ذكروا، من مبدأ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة التي تتبناها دولتنا العزيزة (انظر الشرق 23 /4 /2014). وبعد قراءتي لتقرير الشفافية المزعوم وجدت أن اللجنة، حسب اعتقادي، قامت بطمس الحقائق. ولننظر إلى ما توصلت إليه اللجنة:

1. ضعف مستوى التنسيق بين الإدارات المعنية بأشغال والاستشاري ومدير المشروع: تتشكل اللجنة، حسب القرار الوزاري رقم (39) لسنة 2014، برئاسة سعادة وزير البلدية وعضوية عدد من الخبراء الفنيين المختصين. ألا يعلم هؤلاء "الخبراء"، بحكم خبرتهم، أن الاستشاري ومدير المشروع لديهما مخططات معتمدة من الجهات الرسمية يتم تنفيذها ولا يستطيعون الخروج عنها، وأن التنسيق معهما، مهما كان ضعيفاً أو قوياً، ليس له علاقة من قريب أو بعيد، بما هو مرتبط بما وراء المشروع من أمور غير مرئية، مثل عدم وجود شبكة تربط نهاية المشروع بمشاريع أخرى غير مكلفين بها.

2. تقصير الإدارات المعنية بالهيئة فيما يتعلق بمتابعة المشروع والتشغيل والصيانة، والتأكد من مدى فاعلية نظام الصرف لمياه الامطار: وفي هذا نجد أن هناك جانبين للموضوع؛ الأول هو التقصير في متابعة المشروع والتشغيل والصيانة. وهذا في حد ذاته، ضحك على الذقون.. لأن المشروع ينتهي بنهاية خطة تنفيذ الطريق ولا يتعداه إلى مواقع أخرى مثل عدم وجود شبكة لصرف مياه الأمطار بعيداً عن الطريق. أما الشق الثاني منهما فهو متعلق بمدى نظام الصرف لمياه الأمطار، وهذا عجيب وغريب فكيف تقوم الإدارات المعنية بالتأكد بمدى نظام الصرف في حين أن النظام المشار إليه لا يوجد على أرض الواقع.

3. تتحمل أشغال وإدارة مشروع طريق سلوى مسؤولية التقصير بشأن ما حدث بتاريخ 26 /3 /2014 بأنفاق طريق سلوى: إن إدارة مشروع طريق سلوى لا تتحمل، من وجة نظري، أي مسئولية تقصير لأن عملهم ينتهي عند بداية إدارة المشاريع الأخرى. ولكن التقصير أتى من مجلس إدارة أشغال، وهم المحاسبون على التقصير، لقيامهم باعتماد استراتيجية مبنية على أخطاء كبيرة.

4.عدم وجود نظام للطوارئ وإدارة الازمات بالهيئة: لقد تعجبت من هذه العبارة. وفي هذا لنسأل سعادة الوزير عن دور لجنة طوارئ الأمطار التي يرأسها والتابعة لوزارة البلدية، والتي بها الكثير من مديري إدارات شؤون الخدمات بكل بلدية بدولة قطر (لمعرفة مهام هذه اللجنة انظر القرار الوزاري رقم 96 لسنة 2006م). أما إذا كان القصد هو رمي الأخطاء على الجهات الأخرى فهذا من حق اللجنة التي بها "عدد من الخبراء".

5. عدم وجود تنسيق بين الهيئة ومركز القيادة الوطني (NCC) في حال الطوارئ: والعبارة التي من المفروض أن تكتب هي عدم وجود تنسيق بين لجنة طوارئ الأمطار بوزارة البلدية والتي يصرف لأعضائها مكافآت والجهات الأخرى.

إن التوصيات التي خرجت بها اللجنة هي في حد ذاتها توصيات تحاسب عليها اللجنة أكثر من محاسبة الجهات التي ذكرت في التقرير. فوضع نظام دائم للطوارئ وإدارة الأزمات أمر موجود حالياً متمثلاً بلجنة طوارئ الأمطار بالبلدية ومركز القيادة الوطني بقوات الأمن الداخلي (لخويا). أما ما ذكر بوضع نظام بالهيئة لمراقبة قنوات التصريف فهذا كأنه دعوة لإلغاء إدارة الصرف الصحي. أما الدعوة لمحاسبة إدارة مشروع طريق سلوى، ومحاسبة شؤون قطاع الأصول وشؤون البنية التحتية بالهيئة، فهي دعوة باطلة لأن الخطأ ليس منهم بل من مجلس الإدارة الذي اعتمد استراتيجية غير مناسبة بالاعتماد على خزان "غير نافذ"، ومن كميات الأمطار التي تجاوزت سعة ذلك الخزان.

إن المشكلة مرتبطة بشبكة تصريف الأمطار غير المكتملة والمتوقع إنهاؤها، حسب خطة أشغال، في الربع الثاني من عام 2019. والعجيب في الأمر أن اللجنة تعترف بعدم وجود مصب نهائي لتصريف مياه الأمطار والمياه الجوفية والمياه السطحية الأمر الذي أدى إلى امتلاء قنوات الصرف، وتعود مرة أخرى إلى ذكر عدم وضع آلية لتصريف قنوات المياه بشارع سلوى ومسيمير. فكيف تناقض نفسها بعدم وجود مصب وتذكر بعدم وجود آلية للصرف. أما الجانب الخطير، الذي ذكر في تقرير الشفافية المذكور، هو اعتماد الهيئة على قناة مسيمير كخزان ضخم "غير نافذ" بسعة تبلغ 29،235 مترا مكعبا لتخزين مياه الأمطار بطريق سلوى بشكل مؤقت، وذلك لحين اكتمال شبكة تصريف المياه النهائية. ولا أعتقد أن الاعتماد تم من أي مدير في أشغال بل الواضح أن هذا يعتبر جزءاً من استراتيجية تم إقرارها من مجلس الإدارة. ولأنه خطأ استراتيجي، فإن المجلس "وخبراءهم الاستراتيجيين" هم المحاسبون عليها أولاً وأخيراً. أما إذا كانت المسألة من مبدأ لنرمي المسئولية على غيرنا، فهذا أمر غير مقبول إطلاقاً في دولة المؤسسات.

وفي الختام، وبحسب قوانين دولة قطر، فإن على الجهات المسئولة بالدولة القيام بمحاسبة اللجنة لأنها قامت بالتدليس وبإدلاء معلومات غير صحيحة، لتغطية إخفاقات لجنة طوارئ الأمطار بوزارة البلدية، وإخفاقات مجلس إدارة أشغال بوضع استراتيجيات غير صحيحة. ويجب على الحكومة تعويض المتضررين من الأمطار، وبخاصة أصحاب السيارات التي تعرضت للغرق داخل الأنفاق، لأن شركات التأمين تبرأت من تعويض أصحابها..

والله من وراء القصد.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع