الأخطار الداهمة على الخليج

 

الأخطار الداهمة على الخليج

كنت أتصفح اليوتيوب وبالصدفة شاهدت مقابلة أحد المسئولين الاماراتيين الكبار وهو يكيل الاتهامات لدولة قطر ويصفها بأنها حاضنة الإرهاب ويدلل على كلامه بتواجد أكاديمية التغيير في قطر وفي نفس الوقت دعمها للإخوان والجزيرة. وللأسف أن هذا المسئول الكبير يتكلم في علم لا يفقهه كثيراً ويعتقد انه على صواب وغيره هم على خطأ. بل ويطلب من عقلاء قطر التدخل لإرجاع قطر لتكون إمعة، ليس لها قرار ولا إرادة. ونقول له ولغيره أن أهل قطر، والحمد لله، كلهم عقلاء وحكماء، ويتبين هذا من بيان مجلس الوزراء القطري المتزن، الذي أصيغ في فترة وجيزة جداً، بالمقارنة مع البيان المشترك للدول التي سحبت سفراءها، والذي استغرق فترة إعداده شهوراً طويلة، وطلعت أخطاءه غير المنطقية في كل سطر. وهنا نسأل أين عقلاء الإمارات من هذا الدعي؟؟.

ولنبدأ بالحديث عن الأكاديمية التي يعتقد هذا المسئول بأنها، وحتى هذا التاريخ، لا تزال في قطر. لقد تأسست هذه الأكاديمية في لندن عام 2006، وافتتح مكتب الدوحة في سبتمبر 2009، بترخيص تجاري، كما هو حال كثير من المعاهد الدولية. وقبل مرور عدة أشهر على تفعيل نشاط هذه الأكاديمية تم إبلاغ المسئولين برغبة قطر في تجميد أنشطتها، وهذا الذي جعلهم، في مايو 2010، ينقلون مكتبهم إلى فيينا. وفي يونيو 2010 تم تجميد نشاط الأكاديمية بالكامل في قطر. وبعد انتهاء صلاحية السجل التجاري لم يجدد وعليه فقد أغلق نهائياً في يونيو 2012. هذه الحقيقة يا من تدعي أنك على علم بها.

ولنأتي إلى موضوع الإخوان المسلمين الذين، حسب زعمه، ترعاهم قطر. إن أهل قطر، بغض النظر عن المذهب، بلاد المسلمين، وحتى عندما سئل سمو الأمير الوالد في أمريكا عن إسلامه قال وبشكل صريح ولم يجامل أنه مسلم وهابي. وهذا المذهب، كما يصفه الإخوان المسلمون، هو أشد مغالاة في اتباع التعاليم الإسلامية من مذهبهم. وعندما تم الانتهاء من بناء جامع الدولة اختير له مسمى الامام محمد بن عبدالوهاب. أما إدعاؤهم بأن الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي محرض على الفتنة ويسب بعض الدول لمواقفها، فاسمحوا لي أن أسرد لكم مثلاً شعبياً، وانتوا بكرامة، "العنز ما تشوف شقها تشوف شق غيرها". فالكثير من مسئولينهم الرسميين، وعلمائهم الدينين، تناسوا تعاليم الدين، وقاموا بسب وتجريح قطر ورموزها، ومع ذلك لم تقدم قطر أي احتجاج، لأي جهة، لأنها لا تهتم بمثل هذه الأمور السخيفة، بل اهتمامها منصب على بناء قطر، ونصرة من طلب النصرة في الدين، لقوله تعالى ".. وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ.." الأنفال: 72. وحتى سلطنة عمان لم تسلم منهم فقد اتهموها في مذهبها، بل إن بعضهم كفر أتباع المذهب الأباضي الذي يعد من أقدم المذاهب "المعتدلة".

ونأتي للخلاف على الجزيرة. فقد ذكر هذا المسئول، وغيره من مسئولي بعض الدول العربية، أن الجزيرة تؤجج الصراع بين الشعوب وقيادتهم، وخلقت الكثير من بؤر الصراع في مناطق عربية كثيرة، مع التركيز على مصر، مع أن الجزيرة، وهم يعلمون ذلك، تستضيف الرأي والرأي الآخر. والمشكلة أنهم لا يرون أفعال قناة العربية، الممولة من خزائنهم والتي دأبت على نقل الأخبار، مع القيام بتحويرها، وتلفيق البيانات، لخلق إعلام مضاد للجزيرة، والتركيز على ما يحدث وما لا يحدث في قطر. ولم تقدم دولة قطر أي احتجاج على هذا الأسلوب الوضيع، الذي لم يخف على جميع فئات المشاهدين، لدرجة أنهم حوروا اسم "القناة العربية" إلى "القناة العبرية". إن المشكلة في عدم تصديق المشاهد العربي لقناتهم ليست مشكلة قطر بل هي مشكلة منهجية قناتهم. وإذا كان هناك خوفاً من بعض الدول من الجزيرة فلا نقول لها سوى "عدلوا أنفسكم ومنهاجكم".

إن العلاقات بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر مرت في السابق بأحداث جسام، مثل حادثة مركز الخفوس الحدودي وغيرها العديد، ومع ذلك لم تسحب أي دولة سفيرها من الدولة الأخرى. فلماذا تغيرت سياسة السعودية الآن؟ إن الأخطار التي تعصف بالمنطقة الآن غير بسيطة. ولنتخيل معاً خارطة شبه الجزيرة العربية. فمن الوهلة الأولى تبين لنا أن العراق، الذي كان في السابق يفصل إيران عن سوريا، وحزب الله في لبنان، قد انتهى، وحل محله عراق يأتمر بأمر إيران. وبه أصبحت شبه الجزيرة العربية محاصرة من الشمال وبشكل كامل بالمد الإيراني، وبدأت نواة أخرى جديدة في الظهور، وهي الحوثيين في اليمن. إن مصر مهمة، ولا أحد ينكر ذلك، ولكن من باب أولى على السعودية ودول الخليج أن يهتموا بالأهم وليس المهم وهو تقوية جبهتهم، بدلاً من تمزيقها. والمشكلة أن الإمارات، بهذا الأسلوب، تؤجج هذا التوجه وهي لا تعلم، أو ربما تعلم، أنه متى سقطت السعودية فهذا هو نفسه سقوط الدول الخليجية الأخرى، وسينتج عن سقوطها خطر داهم على شعوب المنطقة لا يعلم مداه إلا رب العالمين. إن هذا هو الخطر الحقيقي وليس الخطر فيما يحدث: 1. على أرض مصر. 2. من الإخوان المسلمين أهل السنة والجماعة المسالمين والمتواجدين في برلمانات الدول الخليجية والعربية الأخرى. 3. من قناة الجزيرة التي تأتي بالرأي والرأي الآخر.

وفي الختام أقول إن دولة قطر من الدول التي يهمها بقاء السعودية قوية لأنه بهذا الشيء تظل هي وبقية دول الخليج قوية. إننا في الخليج لا نريد أن نتبع إبليس وأعوانه كما وردت نصاً في القرآن الكريم (انظر الآية 48 من سورة الأنفال).

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع