أهل الشؤون والحظ العاثر

 

أهل الشؤون والحظ العاثر

كتبنا من قبل عن رواتب الشؤون الاجتماعية والتي تشمل كلا من المطلقة، والزوجة المهجورة، والأرملة، وأسرة السجين، وذوي الاحتياجات الخاصة، والعاجز عن العمل، واليتيم. وقلنا فيما سبق إن ديننا الحنيف يؤكد على أهمية مراعاة جبر خواطرهم والتلطف والتعطف بهم، والاجتهاد في إيصالهم كفايتهم بطيب نفس، والإسراع إلى مساعدتهم ومعاونتهم عند حاجتهم، وإيثارهم في الإحسان والصدقة والهبة على من سواهم. ولابد من تذكر قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "والذي بعثني بالحق لا يقبل الله صدقة من رجل وله قرابة (كلنا في قطر أهل قرابة) محتاجون لصلته ويصرفها لغيرهم.. والذي نفسي بيده لا ينظر الله إليه يوم القيامة" (انظر الشرق 22/8/2010). وفي مقالة أخرى (انظر الشرق 19/6/2011) ذكرت أنه بعد دراسة وجدنا أن المبالغ الشهرية التي تصرفها الأسرة القطرية الواحدة على مستوى الكفاف وليس الرفاهية بلغت حوالي 150ر6 ريال شهرياً (في 2014 مع الغلاء ارتفعت لتصل إلى 800ر7 ريال)، في حين أن رواتب الشؤون الاجتماعية هي 2250 ريالاً قطرياً (هي الوحيدة الثابتة). ولولا مساعدات الخيرين من أهل البلد والمقيمين وبعض المؤسسات الخيرية لأصبح انكسار صحن أو كوب شاي من الكوارث الكبيرة التي لا تستطيع بعض الأسر القطرية تحملها. وعندما نتحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة أو ما يطلق عليهم في الإسلام بالزَّمني (الذين أصيبوا بأمراض مزمنة تعجزهم عن العمل) فإنه تصيبنا الدهشة بأن رواتبهم التي تصرف لهم هي أقل من رواتب الفئات الأخرى (1200 ريال بالإضافة إلى 800 بدل خادم) مع العلم بأن التاريخ الإسلامي يكشف الاهتمام البالغ للخلفاء الراشدين ومن بعدهم أمراء المؤمنين بهذه الفئة المغلوبة على أمرها (انظر الشرق 3/7/2011). وكنا متوقعين أن يشمل أهل الشؤون القرار الأميري رقم 50 لسنة 2011 بزيادة الرواتب الأساسية والعلاوة الاجتماعية والمعاشات للموظفين والمتقاعدين القطريين من المدنيين والعسكريين في الدولة ولكنه وللأسف تناساهم وتجنبهم ولم يذكرهم كأن هذه الفئة من المواطنين وصمة عار على جبين الدولة النفطية التي عم خيرها الكثير من دول ومواطني العالم قاطبة. وهنا نأتي للأسئلة البريئة:

السؤال الأول: هل المسؤول الذي كلفه ولي الأمر برعاية تلك الفئات، بالنيابة عن سموه، مقصر في عمله ولم يتقدم باقتراح لزيادة رواتب الشؤون الاجتماعية والمطالبة بحقوقهم؟

ونحن نقول إنه بمقابلة وزراء الشؤون الاجتماعية وعدد من مديري الإدارات المتعاقبين على الإدارة المختصة يتبين لنا أن هناك عدة تقارير خرجت من الوزارة المعنية إلى ولي الأمر توصي بتعديل أوضاع أصحاب الشؤون الاجتماعية والمشكلة التي تواجه هذه التقارير أنه:

1. لا توجد متابعة من المسؤول مع مكتب سمو الأمير المفدى للاطلاع على آخر المستجدات بالموضوع، وعدد من المسؤولين ذكر لي أن مهمتهم انتهت برفع التوصيات لمكتب سمو الأمير، ألا يعلم هؤلاء المسؤولين بأن آلاف التقارير والطلبات تصل من مختلف الجهات والأفراد إلى مكتب سمو الأمير يومياً.

2. إن هناك بعض التصريحات الصحفية من بعض المسؤولين بأن رواتب الشؤون تكفي أصحابها، إن عدم المتابعة من جهة والتصريحات غير الصحيحة من جهة أخرى تعمل على تشكيك سمو الأمير بجدية التوصية ويقوم بحفظها.

السؤال الثاني: هل هذا المسؤول يتلقى تعليمات من ولي الأمر بألا يقدم أي اقتراحات لصالح تلك الفئات وإبقاؤهم تحت خط الفقر وذل السؤال؟

ومن معرفتنا بولي الأمر الأكيدة، نعلم علم اليقين بأن سموه لن يعارض قيام الدولة بتعديل أوضاع تلك الفئات وذلك من مبدأ محبة سموه للمواطنين ورغبته في توفير سبل العيش الكريم للمواطنين. ولهذا نجد أن المواطنين عامة وأصحاب الشؤون خاصة يحبون سمو الأمير المفدى محبة خالصة وهم على ثقة بأنه لو تعرض حالاتهم على سمو الأمير بصدق وإخلاص فإنه لن يقصر مع أهل قطر لأن أياديه البيضاء التي تصل إلى خارج قطر لن تبخل بالعطايا داخل قطر.

السؤال الثالث: هل هناك حلقة مفقودة بين ولي الأمر والجهة المسؤول عن تحسين أوضاع أهل الشؤون؟

من معرفتنا عن كيفية اتخاذ سمو الأمير القرار فإننا نقول: نعم.. إن هناك حلقات وليست حلقة واحدة تمنع سرعة اتخاذ القرار لصالح أهل الشؤون. فعندما تصل أي توصية إلى مكتب سمو الأمير فإن سعادة مدير مكتب سموه يبادر في تحويلها لجهة الاختصاص ليتمكن من عرضها على سموه مكتملة الجوانب. فالجهات المشتركة في هذا الموضوع هي: 1.الأمانة العامة لمجلس الوزراء. 2. وزارة المالية. 3. مصرف قطر المركزي. 4. وزارة العدل (في السنوات الأخيرة تم سحب التشريع من الوزارة). وفي كل جهة تنشأ لجنة لبحث الموضوع. وتخيل حجم المراسلات بين هذه الجهات وذلك لعدم وجود تنسيق بينهم إلا من خلال الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وتفرج على الكتب الصادرة من تلك الجهات وهي تركز على أنه بالإشارة إلى كتابكم وبالإشارة إلى كتابنا وضاع الوقت كله بالإشارات. وكل تأخير في إفادة أي جهة يترتب عليه تأخر في الجهات الأخرى.

وفي الختام نقول إن بلادنا في خير كثير ومن المحزن أن نجد فئة من المواطنين في مستوى من العيش يشابه إلى حد كبير معيشة الأفراد في الدول الفقيرة. إن أهل قطر "يستاهلون" الخير والمساندة من ولي الأمر وحكومته الرشيدة ومهما زادت رواتب الشؤون فإنها لن تؤثر على ميزانية الدولة. إن أسوأ شيء في الوجود هو أن يشعر المواطن داخل بلده بالحرمان.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع