صناديق الديون.. تساؤلات وإجابات

 

صناديق الديون.. تساؤلات وإجابات

في البداية أشكر الجميع على متابعتهم لكل ما أنشره من مقالات تصب في مصلحة الوطن والمواطن. وأشكر كل من علق سواء بالسلب أو الإيجاب على جميع المقالات بشكل عام ومقالة الحكومة والديون المتعثرة بشكل خاص (انظر الشرق 5 /1 /2014).. ولقد وردني، من خلال وسائل الاتصال المختلفة، مجموعة من التعليقات غالبيتها العظمى تتساءل عن: 1. العدالة والمساواة بين مواطن استدان وتقوم الدولة بتسديد مديونيته ومواطن لم يقترب من البنوك للاستدانة منها. 2. حجم المشكلة والخبرات القطرية في معالجتها. 3. نوع الآلية التي سيتم على أساسها عمل الصندوق.

لقد كان الوضع الاقتصادي، كما يعلم الجميع، ممتازاً، وكانت الإيجارات في ارتفاع مستمر لذلك توسع البعض في الاقتراض من البنوك، سواء للاستثمار العقاري، او المضاربة في البورصة. ولكن انفجار الأزمة المالية أثر على معظم المواطنين، وخاصة المقترضين، وباتوا غير قادرين على سداد الديون المستحقة عليهم. ومما زاد الوضع على المواطنين أن انخفضت رواتب البعض بعد تطبيق قانون الموارد البشرية، وهناك من أحيل للتقاعد القسري وفقد جزءاً من راتبه. كل تلك الأمور، وغيرها الكثير، جعلت المواطنين يعانون من ورطة حقيقية يصعب الخروج منها. وأرجع أحد الخبراء الماليين أن المسئولية الكبيرة تقع على عاتق مصرف قطر المركزي. وفي هذا فإنه لابد من الاعتراف بأن الأفراد والقطاع الخاص في حاجة كبيرة لأن تتدخل الحكومة في معالجة ديونهم المتعثرة، التي هي من نتاج نقص التشريع الحكومي في السياسة الائتمانية. وعندما نشرت المقالة السابقة فكر الكثير بأنني أطالب بإسقاط الديون عن المواطنين، ولكن كل المناقشات حول الديون المتعثرة، كانت عن تسديد الديون وليس إسقاطها. أي قيام الشخص أو الجهة بإرجاع الأموال مرة أخرى لحساب الدولة عن طريق الأقساط المريحة التي لا تثقل كاهل المواطن ولا تشتت أسرته. لذلك فلن يكون هناك تفضيل مواطن على آخر لأن جميع المبالغ التي سيتم صرفها، من خلال الصندوقين، ستعود مرة أخرى إلى خزينة الدولة. ولكن بهذا العمل فإن المواطن يصبح أكثر ولاءً للدولة على حسن الصنيع والتصرف بوقوفها معه في وقت الأزمة مما يقوي الجبهة الداخلية لدولة قطر في وقت نحن أحوج إلى ذلك مما سبق.

إن بنك قطر الوطني، كما يعلم سعادة وزير المالية، قام، في مرحلة سابقة، بجدولة حوالي 98 % من القروض المتعثرة لعملائه. وقام البنك بالتضحية بنسبة 40 % من أرباح البنك التي كانت ترحل كاحتياطيات داخلية مقابل تسوية تلك القروض. ولهذا فإن بنك قطر الوطني فضل القيام بتسوية الديون المشكوك بها على اللجوء إلى المحاكم وبه اكتسب رضا العملاء وجعلهم أكثر ارتباطاً وولاءً له. وأتذكر، في نفس الوقت، خطوات سمو الأمير الوالد لحل مشكلة شركة (..) التجارية المثقلة بالديون وكيف خرجت من المشكلة أقوى مما كانت بدون أن تدفع الدولة ريالاً واحداً. ولهذا فإن على حكومتنا الرشيدة اقتباس طريقة الحل الأمثل من الخبرات العملية لسمو الأمير الوالد، ومن بنك قطر الوطني، ومن بعض الدول المجاورة. وعلى ما سبق فإننا نقترح قيام الدولة بإنشاء صندوقين:

أولاً: صندوق استثماري بإدارة هيئة الاستثمار القطرية: وهو أن تقوم هيئة الاستثمار القطرية بالدخول كمستثمر في الشركات القطرية التي تعاني من الديون المتعثرة عن طريق إنشاء صندوق استثماري جديد بهدف إيجاد آليات لمواجهة أزمة السيولة والإقراض والاقتراض عبر شراء الدين لدى الشركات المتعثرة وتحويلها إلى وحدات فيها. فهذا كما نراه، استثمار في محله إذ أن من ايجابياته تحقيق نمو للاقتصاد وتنمية البلاد التي هي بحاجة أساساً إلى مشاريع تنموية وبحاجة أكبر لسيولة نقدية لشركات واعدة لو أتيح لها الانطلاق من جديد بعيداً عن الديون المتعثرة التي قد تجرها إلى مرحلة إعلان الإفلاس. إن من شأن هذا الصندوق أن يفسح مجالاً للعديد من المستثمرين المتعثرين، ويوفر مجالاً من السيولة لاسترداد أموالهم.

ثانياً: صندوق ديون الأفراد بإدارة وزارة المالية: وهو قيام وزارة المالية بشراء ديون المواطنين من الجهات المدينة (بنوك وشركات تمويل). ويقوم الصندوق بإبرام عقود التسوية مع العملاء المتعثرين موثقة من وزارة العدل ومشمولة بالصيغة التنفيذية. وبعد ذلك يقوم الصندوق بشراء أصل الدين من البنوك وشركات التمويل والذي سيتم تسديده للصندوق على أقساط شهرية بعد سداد المديونيات القائمة قبل الجهات الدائنة.

أما حجم المشكلة فهو، كما ذكر معالي رئيس الوزراء السابق في اللقاء التشاوري الرابع، "أن هناك أكثر من أربعة مليارات ريال شيكات بدون رصيد". وهذا التصريح يبين أن حجم المشكلة ليس كبيرا وهي قابلة للحل. أما آلية عمل الصناديق فهي سهلة وميسرة، ولكن كخطوة أولى يجب أن 1. يقوم مصرف قطر المركزي، الذي هو أساس المشكلة، بحصر جميع من لديه ديون متعثرة من الأفراد والشركات. 2. عمل قائمة بكل المسجونين على قضايا ديون أو شيكات لا يقابلها رصيد وعمل اللازم لإخراجهم من السجن. 3. تقوم الجهات الدائنة والعملاء المتعثرون عند إبرام التسوية بالتنازل عن أي دعاوي قضائية تنفيذية أو متداولة.

وفي الختام نقول إن إنشاء الصناديق سيكون له أثر إيجابي على تحسين أوضاع المواطنين وسيسهم في استقرار الأسر، وينهي معاناة شريحة كبيرة من الشعب القطري، وسيؤدي إلى خفض مخصصات البنوك لمواجهة الديون المعدومة ورفع قيمة السيولة لديها للمساهمة في تمويل المشاريع. كل ذلك سينعكس مباشرة وبشكل إيجابي على اقتصاد الدولة ويشجع الاستثمار المحلي والأجنبي في السوق المحلية.

والله من وراء القصد..

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع