مراجعة قانون التقاعد

 

مراجعة قانون التقاعد

اسمحوا لي، في البداية، أن احمد الله وأشكره الشكر الجزيل أن سخر لنا في هذا البلد المعطاء ولاة أمر يحبوننا كما نحبهم خصهم الله بالوفاء لهذا البلد وأهله. لقد علمت، بعد أن كتبت "حسبي الله على قانون التقاعد" (انظر الشرق 22/9/2013)، بأنه تم إنشاء لجنة خاصة لتعديل مشروع قانون التقاعد الجديد. والحقيقة فرحت بهذا التفاعل المشكور من طرف الحكومة. أما المواطنون فقد انقسموا إلى: 1. مجموعة تشكر وتؤيد الحكومة في مسعاها أن لا يخرج أي قانون يمس مصالح المواطنين إلا بعد مراجعته والتأكد منه وهؤلاء هم الأكثرية، وأنا منهم. 2. ومجموعة من الأقلية كانت تقول: خله يطلع وبعدين طالب بتعديله. ولهؤلاء نقول ان الحكومة جندت من الخبراء والمستشارين العدد الهائل، وإنه من حق الشعب أن يقوم هؤلاء، الذين يستلمون رواتبهم وامتيازاتهم من أموال الشعب، بمراعاة مصلحة المواطنين بتبني المشاريع والقوانين التي لا تنقص من حقوقهم. إن تعديل القوانين، لمن لا يعلم، يأخذ الكثير من الوقت والجهد وقد يصل، في أحسن حالاته، مدة لا تقل عن سنتين، وتخيلوا حجم ضياع الحقوق في هذه المدة من الزمن. إن مشروع قانون التقاعد الجديد به عدد من المزايا الجيدة ولكن هذه المزايا تتساقط عندما تكون الأسس التي بني عليها القانون غير سليمة. ومن واقع قراءتي له، وحتى لا نكون سلبيين ونتعاون مع الجهات المختصة، أقدم وجهة نظري بعدد من المواد التي من المهم تعديلها. والمواد هي:

مادة 10 ستؤثر تأثيراً سلبياً على أعمال القطاع الخاص لأنها ربطت بين التزامات الشركات تجاه هيئة التقاعد وبين نشاطها الاقتصادي. وبدلاً من التعقيدات المطلوبة وغير الواقعية فكان المفروض إيجاد آلية واحدة لمحاسبة الشركات غير الملتزمة تجاه الهيئة. إن النص المقترح هو "عدم تجديد السجل التجاري لأي شركة إلا بعد تقديم شهادة بأنها قد قامت بجميع التزاماتها تجاه الهيئة" وبهذه العبارة تضمن الجهات المسئولة عدم قيام الشركة بنشاطها إلا بعد تسديد ما عليها من التزامات.

عدة مواد تؤكد على عبارة "وذلك من راتب حساب المشترك في تاريخ العمل به". إنه من العدل والإنصاف استبدالها بعبارة "وذلك من راتب حساب المشترك على أساس مرتب كل شهر" لأن 6 % من الراتب الحالي قد تكون تعادل أكثر من 60 % مما كان يتسلمه في السابق وفي هذا ظلم للموظف وسرقة لأمواله.

أما مادة 37 فإن بها الكثير من التعقيدات والتي سينتهي المطاف منها بخسارة المواطن المتقاعد جزءاً ليس يسيراً من راتبه الذي كان يستلمه. إن التعديل المقترح هو أن تتم مراعاة مدة الخدمة بغض النظر عن السن. وأتمنى أن يقرأ التعديل كالتالي "يحسب المعاش على أساس 80 % من الحد الأدنى لسنوات الخدمة (20 سنة) وتزاد 2 % عن كل سنة تزيد عن ذلك حتى وصول المعاش إلى 100 % من الراتب"

مادة 42 يجب أن تقرأ الفقرة كالتالي "..ومع الأخذ في الإعتبار ما جاء بالمادة 37 يخفض المعاش بنسبة 2 % عن كل سنة من سنوات الفرق بين الحد الأدنى لسنوات الخدمة وسنوات العمل الفعلية".

والقانون في العديد من مواده لم يحدد أين تذهب أنصبة الأرملة أو البنت إذا ما تزوجن وكان من المفروض أن تشمل العبارات "انتقل نصيبهن إلى الورثة الآخرين المستحقين لمعاش المشترك المتوفى". أما مدى استحقاقهن للمعاش بعد الزواج فيسأل عنه أحد المختصين في علم المواريث.

إنه من المهم أن يتم ربط التقاعد بالمدة الزمنية لممارسة العمل وليس السن. ومن واقع دراسة الكثير من قوانين التقاعد ودراسة خصائص المجتمع القطري فإن التقاعد يجب أن يكون له حد أدنى متمثلاً بفترة 20 سنة وحد أعلى بفترة 30 سنة ولكن، ولندرة أعداد القطريين، يجب أن لا يكون التقاعد إجبارياً بل يحق للمواطن الاستمرار بالعمل طيلة استطاعته مباشرة متطلبات المهنة. النقطة الأخرى والتي لابد منها هي تخفيض سنوات العمل للمرأة، لطبيعتها الخاصة، بالمقارنة مع الرجل، ونقترح أن يكون الحد الأدنى لتقاعدها هو 15 سنة عمل والحد الأعلى 25 سنة عمل وأيضاً يجب أن لا يكون التقاعد إجبارياً.

والقانون تناسى كيفية حساب قيمة الاشتراكات المطلوب سدادها نتيجة زيادة عناصر راتب حساب الاشتراك (بدل السكن وطبيعة العمل) والتي قدرت على أساس مدة خدمة اعتبارية قدرها 15 سنة (يعني يتم الخصم عنها بأثر رجعي). ومن المفروض قيام الدولة بتسديدها عن المشتركين لسببين: 1. لأن الحكومة قامت بإلغاء بدل نهاية الخدمة لأقل من 20 سنة، دفعت منها ما يعادل شهر كاشتراكات واحتفظت لنفسها بشهر من حساب المواطن. 2. إن الحكومة استلمت أموالاً طائلة عن مدد خدمة المشتركين السابقة تزيد عن الراتب الفعلي الذي استلمه.

ومن الأمور المهمة، وحتى لا تصبح القرارات المصيرية التي تتعلق بأموال المواطنين في يد رجل واحد، هو عودة مجلس الإدارة ويكون تشكيله برئاسة الوزير وعشرة أعضاء من المواطنين نصفهم من العاملين والنصف الآخر من المتقاعدين ويكونون من ذوي الخبرة والاختصاص يتم اختيارهم وتحديد مكافآتهم بقرار من مجلس الوزراء الموقر.

وفي الختام نقول ان ما ذكر هو الحد الأدنى من التعديل المطلوب ليصبح به القانون مناسباً لمصلحة المواطنين ونحن على ثقة كبيرة بأن الحكومة تبحث عن الأفضل لنا. وإن شاء الله لا يتم خصم 1 % الإضافية من المواطنين بأثر رجعي.

والله من وراء القصد،،


Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع