المتقاعد وضياع حقوقه

 

المتقاعد وضياع حقوقه

استبشر الناس خيراً عندما صدر قانون (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات ولكن لم يتوقع المواطنون أن هذا القانون سوف يقلب حياتهم ومستوى معيشتهم لأسفل سافلين. ومع ذلك قبل المواطنون الواقع وتعايشوا معه على أمل أن يرزقهم الله خيراً منه. وبعد مرور 11 سنة من الانتظار الممل وضياع حقوق الكثير من المواطنين بسبب ذلك القانون طلت علينا نسائم قانون جديد يعد له بالخفاء وبسرية مطلقة وفى جنباته ضياع أكبر لحقوق المواطن القطري. فالقانون الذى حاولت جريدة الشرق، على مدى أسبوعين كاملين، الدعاية له بمختلف الكلمات المنمقة لن يغير الواقع المر الذى سيطول المواطنين من أول يوم يتم اعتماده مع أن المادة رقم (119) من مشروع القانون السرى جداً تنص على أن يعمل به بعد سنة من نشره بالجريدة الرسمية.

انه ليس من العدل أو الانصاف، بعد سنين من العمل، القيام بحرمان المواطنين من حقوقهم المشروعة التى أتت من جراء الخصم، المباشر أو غير المباشر، من رواتبهم التى تعبوا فى تحصيلها. اننى لا أريد أن أرد على جريدة الشرق فى تحقيقاتها المدروسة جداً ذات التوجه الايحائى بقبول الواقع، ولا أريد أن أكرر ما جاء بمقالى الذى نشر بجريدة الشرق بتاريخ 22/9/2013 والذى حوى الحقائق المرة كما وردت بنص مشروع القانون ولكنى أريد فى هذه المقالة أن أناقش عدة نقاط وهي:

أولاً: من الذى يملك صناديق الهيئة؟ ورد فى القانون الحالى أو الجديد أن الاشتراكات الشهرية تدفع على أساس راتب المشترك. وذكرت القوانين أن الاشتراكات المسددة للهيئة تحصل من الأفراد بواقع الثلث وجهة العمل بواقع الثلثين (القانون الحالى 5 و10 أما القانون الجديد 6 و11 لكل طرف). ولكن فى الحقيقة أن تلك الاشتراكات يدفعها المشترك المواطن كاملة ولا تدفع جهة العمل أى نصيب منها وسبب ذلك يعود الى أن ما تدفعه جهة العمل (أو الحكومة للموظف المدني) هو مكافأة نهاية الخدمة الملغاة بقانون الموارد البشرية والتى تصل فى أعلاها الى راتب شهرين عن كل سنة عمل. ذلك يعنى بعبارة بسيطة أن الحكومة ألغت ذلك لتسدد لهذا. وعليه فان كل أموال الاشتراكات تؤخذ من ظهر المواطن فقط.

ثانياً: أين مجلس الادارة؟ بعدما عرفنا أن صناديق الهيئة هى ملك كامل وخاص للمواطنين المشتركين، نجد أن مشروع القانون الجديد مع القرار الأميرى رقم (48) لسنة 2009 بتنظيم الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية قد قاما بالغاء أى ذكر لمجلس الادارة الذى كان مسئولاً عن تسيير الهيئة وتم استبداله بوزير المالية. ومع احترامى الشديد لأخى وصديقى سعادة السيد على شريف العمادى وزير المالية، الذى قفز ببنك قطر الوطنى الى العالمية، الا اننى أرى أن الصندوق الذى يتم تمويله بالكامل من المواطنين يجب أن يشرف عليه مجموعة من أصحاب الاختصاص من المواطنين العاملين ومجموعة أخرى من المتقاعدين ولا مانع أن يكون مجلس ادارة الهيئة برئاسة سعادة وزير المالية. انه من المهم تمثيل أصحاب الصناديق فى هذه الجهات لأن القرارات التى تصدر تمس مصالحهم وأموالهم.

ثالثاً: أين غرفة تجارة وصناعة قطر من هذا القانون؟ نص مشروع القانون الجديد بالمادة (10) على الزام الجهات الحكومية (وزارات ومؤسسات وشركات) بالاصافة الى الشركات المساهمة بمطالبة شركات القطاع الخاص بأن تقدم شهادة من الهيئة بتاريخ طلب الخدمة مثبتاً بها أنها مسجلة بالهيئة وأنها قامت بجميع التزاماتها تجاهها (وهذا الأمر يشمل أيضاً الشركات التى لا تخضع للقانون) والا يجب أن تحرم من 1. تسلم مستحقاتها. 2. التقدم للمناقصات والمزايدات. 3. تجديد سجلها أو تعديله. 4. استقدام عمالتها من الخارج. 5. اقامة أى مشروع.. الى جانب أمور أخرى وكلها تؤدى الى حرمان شركات القطاع الخاص من حقوقهم التى كفلها لهم الشرع والقانون، وذلك فى حال لم يحضروا الشهادة المطلوبة (التى يجب أن تكون بتاريخ حديث) فى كل مرة من المرات التى يتقدمون بها. اننا نريد وقفة صادقة من الغرفة لحماية منتسبيها من هذه الدوامة التى يريد القانون الجديد ادخالهم فيها.

رابعاً: أين تذهب أرباح تشغيل أموال الصناديق؟ ذكر فى القانون أن موارد الصناديق (صندوق المعاشات المدنى وصندوق اصابة العمل والمرض المهني) تتكون من عدة موارد منها عائدات استثمار أموال الصناديق. وبما أن تلك الأموال سوف تحقق عوائد اضافية فمن حق المشتركين الحصول على جزء من تلك الأرباح لأن أموال الصناديق هى فى الأساس ملكهم. وفى هذا المقام فانى لا أنادى بتوزيع الأرباح على المشتركين ولكنى أنادى أن يمنح المتقاعد زيادة سنوية فى حدود 3 % الى 5 % على راتبه التقاعدي، أسوة بالموظفين، وذلك مقابل زيادة الأسعار المتوقعة للسلع والخدمات بسبب زيادة التضخم المحلى والعالمي. ولا ننسى أن تلك الأسعار التى تزيد على الموظف تزيد أيضاً على المتقاعد.

وفى الختام نقول ان المتقاعدين فى الأول والأخير هم مواطنون خدموا دولة قطر بكثير من الجهد، والبذل، والعطاء وليس من المنطق حرمانهم من أبسط حقوقهم. اننا نعلم علم اليقين بأن سمو أمير البلاد المفدى يبذل الغالى والنفيس فى سبيل رفعة الوطن والمواطن يعينه على ذلك معالى رئيس مجلس الوزراء، ولهذا فاننا على قناعة كاملة بأن ما سيخرج من قوانين ستكون لصالح البلاد والعباد. وأن من يحاول أن يشق الصف القطرى المتلاحم مع بعضه البعض سوف يبوء بالخسارة والخذلان.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع