أبشر يا مواطن.. الداخلية معاك

 

أبشر يا مواطن.. الداخلية معاك

في البداية أفيد القراء الكرام علما بأني أعددت مقالة أقوى مما كتبته الأسبوع الماضي وذلك للرد على محاولة جريدة الشرق بتاريخ 24/9/2013 مهادنة هيئة التقاعد والمعاشات عن طريق تلطيف قانون التقاعد الجديد، بتكرار قولها بأن "مواد القانون تضمنت مرونة كبيرة" وقولها بأن القانون "سيتضمن العديد من المزايا للمتقاعدين" مع أن كل ما نشرته الجريدة يزيد النار سعيراً. ولكني عدلت عن تلك المحاولة احتراماً للمواطنين واحتراماً لجميع العاملين بالجريدة. وبعد هذا التوضيح فلننتقل معاً لمقالة هذا اليوم.

لقد كتبت في الشرق بتاريخ 26/12/2010 مقالة بعنوان "المواطن وصحيفة السوابق" وذكرت فيها أن السجن يعتبر من الأمور المفزعة للمواطن لخوفه على السمعة من التشهير ولكن صحيفة السوابق من أكثر الأمور إفزاعاً للسجين المواطن. ولو نظرنا إلى أسباب ارتكابهم للجريمة فإننا سوف نجد أن غالبيتها كانت لأسباب اقتصادية وبيئية واجتماعية أو إصدارهم شيكات لا يقابلها رصيد أجبرت كلاً منهم على دخول السجن. ولو تصفحنا الجرائد المحلية اليومية لعرفنا أن الأسباب الرئيسية، في السنوات الأخيرة، لدخول السجن ترجع إلى الديون المتعثرة والشيكات المرتجعة التي لا يقابلها رصيد قائم وقت الصرف. وذكرنا أن المشكلة الرئيسية للسجين المواطن لا تنحصر في تنفيذ عقوبة السجن ولكنه، وللأسف، ينال مزيداً من العقاب بعد خروجه من السجن، فيحرم من الاندماج المجتمعي، والحياة الكريمة بالرغم من تكفيره عن خطئه، ولا يتوقف الأمر على الرفض المجتمعي فقط، وإنما يسهم الرفض الحكومي في ممارسة هذا الدور العقابي فيفصل من وظيفته التي كان عليها ويحرم من الحصول على وظيفة أخرى لأن كل جهة تطلب بشكل إلزامي، شهادة حسن سير وسلوك من وزارة الداخلية. ومن هنا تحدث الانتكاسة لصاحب السوابق فيصبح حانقاً على هذا المجتمع الذي أغلق أبواب التوبة أمامه وقد يؤدي ذلك إلى العودة مرة أخرى إلى الزلل وارتكاب الجريمة. وطالبت من الدولة والحكومة القطرية أن تبادر إلى إلغاء صحيفة السوابق عن جميع المواطنين الذين اضطرتهم الظروف الاقتصادية، ليس عن سابق إصرار وترصد ولكن غصباً عليهم، إلى أن يرتكبوا جريمة وأن يكون باب التسامح هو الغالب على تصرفات المجتمع حتى نتيح لهم العيش الكريم والتوبة النصوحة إلى الله.

هذا ما ذكرناه في السابق ودارت الأيام وطلب مني أحد الأشخاص الأسبوع الماضي ممن عليه عدة قضايا شيكات بدون رصيد أن أشفع له للحصول على حسن سير وسلوك من الداخلية ليتمكن من الحصول على عمل. فوقعت في ورطة بسبب: 1. عدم قدرة رد من جاء يطلب المساعدة. 2. ولأني كنت أعتقد بأني أعرف الوضع. ولكني تشجعت وذهبت إلى إدارة الأدلة والمعلومات الجنائية بوزارة الداخلية وطلبت مقابلة مديرها العميد ناصر بن عبدالله آل محمود. ولم تمض سوى عدة دقائق يسيرة إلا وفتحت الأبواب وتم إدخالي إلى مكتب به شخص بشوش (الشخص لا أعرفه ولكن هذا هو خلق المسلمين). وبعد التحية والسلام ذكرت له أسباب مجيئي إليه متوقعاً أن يردني بقوله أن القوانين لا تسمح بذلك. ولكن الذي لم أتوقعه أن العميد ناصر بعد ما عرف أن مشكلة الشخص تتعلق فقط بشيكات مرتجعة وافق على الطلب ولكنه طلب مهلة لمراجعة ملف الشخص المعني.

إن موافقة العميد ناصر قد أذهلتني لأنه تطور في عمل الداخلية وإحساسهم بمشاكل المواطنين والتفاعل معها بشكل لم أتوقعه مما فتح نقاشاً حول موضوع لم تسبقهم إليه في العالم العربي، على حد علمي، سوى الجمهورية الجزائرية. وذكر العميد ناصر إنه، وطبقاً لتعليمات معالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، فقد قامت الإدارة، منذ عدة سنوات، بتذليل العقبات أمام المسجونين وأصحاب قضايا الشيكات المرتجعة لإعادة إدماجهم في المجتمع عن طريق منحهم شهادات حسن سير وسلوك والموافقة على تعيينهم في المجالات التي تبعد عن أساس مشكلتهم حتى إن الإدارة تسعى، في بعض الأحيان، لتوفير العمل الكريم وكل ذلك بهدف: 1. خفض نسبة الرجوع إلى ارتكاب الجرائم والمخالفات. 2. ستر حالهم وخلق مصدر رزق لهم. 3. تقليل الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والنفسية عليهم. 4. فتح أبواب التوبة الواسعة أمامهم دون افتضاح أمرهم. 5. تهدئة روع المواطن وعدم تشتيت أسرته.

إن أصحاب السوابق وأصحاب الشيكات المرتجعة وغيرهم ممن ارتكب أي نوع من الأخطاء التي يعاقب عليها القانون القطري هم أناس من أسر كريمة جعلتهم الظروف يقعون في الخطأ ويحاول غالبيتهم ترميم ما فات ولهذا يجب على المجتمع ككل مساندتهم وتوفير الظروف المناسبة لإعطائهم فرصة ثانية وهذا ما قامت به وزارة الداخلية القطرية. ولهذا نبارك للداخلية هذا الفعل الطيب ونبارك لهم وجود أناس يسعون فعلاً لتيسير حال الناس بشكل يحفظ كرامتهم ويدمجهم في المجتمع مرة أخرى. ولا شك أن من شأن هذه التعديلات التي قامت بها الداخلية على شهادة حسن السير والسلوك أن تفتح المجال أمام كل من أخطأ في حق المجتمع أن يعودوا أفراداً صالحين لهم كافة الحقوق والواجبات التي حددت بالدستور والقوانين المختلفة.

وفي الختام نشكر معالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لهذا التفاعل الإيجابي بالوقوف في صف المواطن ونقول وكلنا ثقة "أبشر يا مواطن.. الداخلية معاك وفي صفك" ونشكر معاليه مرة أخرى لاختياره مديري إدارات بالداخلية يمثلونه حق تمثيل.. اللهم استر حالنا وحال جميع المسلمين تحت الأرض وفوق الأرض وعند العرض.. اللهم آمين.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع