تعدي الحكومة على حقوق المواطنين

 

تعدي الحكومة على حقوق المواطنين

وبدلاً من الدخول في الموضوع المخطط له وهو شركة الميرة وبناءً على طلب من ضاعت حقوقهم نعود لمواصلة موضوع مكافأة نهاية الخدمة.. وفي البداية أتقدم بالشكر الجزيل لجريدة الشرق التي أعطتني مساحة كبيرة من الحرية في نشر مقالاتي لصالح المجتمع القطري والشكر موصول للقائمين على برنامج وطني الحبيب صباح الخير، ففيهم الخير كل الخير، وهذا الذي تعودناه منهم وهو قول الحق والحقيقة لإيصالها لأعلى المستويات، بارك الله فيهم ونفع بهم رب العالمين البلاد والعباد. وأشكر الكم الهائل من أصحاب المكالمات والرسائل القصيرة والإيميلات الذين طالبوا بأن استمر في طرح الموضوع حتى يتم حله بشكل كامل، لدرجة أن اثنين منهم تبرعا بإعطائي نسبة مئوية من مكافأة نهاية الخدمة إن استطعت أن أثبت حقوقهما وصرفا المكافأة، ووافقت على ذلك بشرط أن يعطيا هذه النسبة لصندوق الزكاة وليس لي.

وقبل الشروع في الكتابة جلست ساكتاً فترة افكر من أين أبدأ، وفي هذه اللحظة دخلت ابنتاى وقالت الصغيرة منهما: ماذا بك يا أبي؟ قلت لها زعلان على وضع المواطن وعلاقته بالحكومة.. ردت علي بعفوية وتلقائية قائلةً: أريد أن أعرف يا أبي لماذا "الأجانب" الذين تصل أعدادهم إلى حوالي المليونين نسمة معززين ومكرمين في بلادنا وكل حقوقهم يأخذونها كاملة في حين أن المواطنين الذين لا تزيد أعدادهم على 300 ألف نسمة يعانون؟ أما ابنتي آخر العنقود فقد أضافت بقولها: احنا والحمد لله عايشين في خير ونعمة وعسى الله يديمها بس مثل هذه الأمور تحز في القلب أن تمد دولتنا الدول الأخرى بكل المبالغ الكبيرة وفي الأخير يسبونا في جرايدهم ومحطاتهم الفضائية في حين أن القطري اللي مالهم غيره وهو الباقي لهم يبخلون عليه في إعطائه حقوقه. قلت لهما: بارك الله فيكما.. لقد زدتما الهموم هماً فالرجاء كفاية ومع السلامة.

وبالرجوع إلى قانون التقاعد والمعاشات نجد أن المادة (54) نصت على أن "يصدر مجلس الوزراء، بناء على اقتراح الهيئة، اللائحة التنفيذية لهذا القانون". وحاولت معرفة هل تم تنفيذ هذه المادة من هيئة التقاعد والمعاشات أو من مجلس الوزراء ولكن جميعهم لا يعلمون، ولكنهم متأكدون بدرجة كبيرة أن اللائحة المقصودة لم تصدر حتى الآن. وحتى أبين أن عدم إصدار اللائحة هو أمر مقصود.. فقمت بالرجوع إلى القانون المذكور في نسخته الأصلية وفي النسخة التي تم تعديلها ووجدت أن المادة (5) في الأصلي تنص على التالي "تستقطع نسبة (5 %) خمسة في المائة من راتب الموظف أو العامل، وتتحمل جهة العمل ضعف هذه النسبة، وتلتزم بدفع هذه المبالغ إلى الهيئة في المواعيد ووفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون". وبقدرة قادر صدر قانون رقم (33) لسنة 2004 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات وفي هذا التعديل اختفت كلمة "في المواعيد ووفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون" من القانون الأصلي واستبدلت بكلمة "في ميعاد لا يتجاوز اليوم الخامس من الشهر التالي..". وهذا التعديل يخالف مبدأ دستوريا مهما وهو ".. لا يجوز طلب تعديلها (أي مواد الدستور) إلا في الحدود التي يكون الغرض منها منح مزيد من الحقوق والضمانات لصالح المواطن" (مادة 146 من الدستور). فإذا الدستور الذي هو أعلى من القوانين لا يعدل إلا لصالح المواطنين فما بالنا بالقوانين. إن تعديل هذه المادة وبهذا الأسلوب ما هو إلا نية مبيتة لهضم حقوق المواطنين لأنها بحد ذاتها، وفرت للحكومة الغطاء القانوني اللازم لممارسة تعديها على تلك الحقوق بدون أي مساءلة قانونية. والعجيب في الأمر كله أن المشرع القطري، في خلال أقل من سنتين، استطاع أن يصدر قانونا كاملا طويلا وعريضا لتعديل قانون التقاعد بهدف رفع العتب والمساءلة عن الحكومة حيث طال التعديل ما يقارب 50 % من القانون الأصلي، في حين أن المشرع لم يستطع، بما يملك من إمكانات، أن يصدر اللائحة التنفيذية لقانون التقاعد في فترة 11 سنة.

والحكومة قامت من قبل بتعديها على حقوق المواطنين عن طريق تفسير تكملة المادة (5) من قانون التقاعد على كيفها وبدون اللائحة التنفيذية حيث نصت المادة على "تخصم الاشتراكات المستحقة عليهم عن مدد خدمتهم السابقة من المكافأة المستحقة لكل منهم، أو الباقي منها بعد خصم القروض التي منحت بضمانها، ويؤدى إليهم ما تبقى منها، وعليهم أن يسددوا الفرق إن وجد" حيث قامت الجهات بتطبيق معادلة تعتمد على آخر راتب تسلمه المواطن في حين ان ولي الأمر حفظه الله لم ينص على هذه المعادلة في القانون بل ذكر "عن مدد خدمتهم السابقة" والمادة تعني أن يتم حساب فترة خدمتهم السابقة عن الرواتب الفعلية التي تسلمها المواطن كل شهر بشهره وليس آخر راتب تسلمه المواطن. وهذا الإجراء من قبل الحكومة أجبر المواطنين، وبدون وجه حق، على دفع مئات الآلاف من الريالات من أموالهم الخاصة لصالح هيئة التقاعد.

وفي الختام نقول اننا لا ننكر الخدمات المختلفة التي تقدمها لنا الدولة، ولا ننكر أننا نعيش في رغد ونعمة أحسن من غيرنا ولكننا لا نرضى أن يتم التلاعب بنا في حقوق ثبتها ورسخها لنا ولي الأمر حفظه الله في شكل قانون وليس في لائحة تنفيذية. وما نقول إلا أن يعين الله المواطن على قانون التقاعد الجديد.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع