جامعة قطر وإلزامية الاعتذار

 

جامعة قطر وإلزامية الاعتذار

لاحظت من لقاءات قياديي الجامعة بالصحافة المحلية والإيميلات ذات المصدر الجامعي، انها تؤكد وتصر أن قرار تعديلات سياسات الإنذار الأكاديمي وطي القيد صدر من جامعة قطر. وخرجت علينا بعض المقالات تشكر إدارة الجامعة على هذا القرار. ولنا في هذا الأمر وقفة. إن هذا القرار الذي صدر ليس بجديد، لأنه كان من الممارسات السابقة بالجامعة منذ أن كنت عميداً لشئون الطلاب واستمر بممارسته عميدان لشئون الطلاب من بعدي. فإذا صدق الأمر وأن القرار من الجامعة، فإنه يترتب عليها القيام بالاعتذار الرسمي لجميع الطلبة الذين تضرروا من تغيير السياسة التي كانت موجودة بسياسة أضرت بالكثير منهم وفي الأخير تراجعت عنها. ومسألة اعتذار الجامعة هو موقف حضاري، لأن المؤسسات الجامعية إذا اتخذت قرارات خاطئة وتسببت بخسائر للطلبة واتضح أنها كانت مخطئة وتراجعت عنها، فعليها أن تعتذر بشجاعة لا أن تتجاهل كل الاجراءات الخاطئة التي اتخذتها، وتتصرف كأن الأمر وليد اللحظة وأنها تتكرم به على الطلبة.. ويجب عليها، في الوقت نفسه، أن تؤمن بالتراجع وتضع له الأرضية المناسبة للتطبيق.

لقد حذرت في مقالة سابقة من أن الجامعة قد تسعى لقتل القرار في مهده (انظر الشرق بتاريخ 26 /5 /2013).. وها هي المؤشرات بدأت تتضح. لقد أعلنت الجامعة على موقعها الإلكتروني أن هذا القرار سيشمل جميع الطلبة المقيدين في الجامعة. والإعلان بهذه الطريقة أفرح كل الطلبة وأولياء أمورهم.. ولكن، يا فرحة ما تمت، تعود الجامعة في موقعها وتذكر أن القرار سيطبق من فصل ربيع 2013 وما بعده وهذه هي الطعنة الأولى للقرار. وتستمر الجامعة في توجيه الطعنات للقرار من خلال نظام التطبيق بقولها "لا يمكن إلغاء الإنذارات الأكاديمية التي حصل عليها الطالب في فصول سابقة من سجله الأكاديمي. وسيبدأ تطبيق هذا القانون على الطلبة الذين لم يجتازوا 24 ساعة مكتسبة بنهاية ربيع 2013 حيث لن ينذروا في ربيع 2013 وما بعده قبل استكمال 24 ساعة مكتسبة". معروف أن الإنذارات في السجل الأكاديمي للطالب لا تلغى ولكن يلغى أثرها الذي يؤدي إلى طي القيد إذا تناسب الوضع مع القواعد المقرة. إن هذا الفعل سوف يؤدي بلا شك إلى فصل الطلبة المنذرين على فصل ربيع 2013. ولكن الجامعة المجبرة على تطبيق القرار تعود وتذكر أنه "يمكن لجميع الطلبة الذين سيتم طي قيدهم في نهاية الفصل الدراسي ربيع 2013 (لاحظوا أنهم لم يفصلوا حتى الآن) التقدم بتظلم خلال 10 أيام من صدور النتائج النهائية في الفصل الذي بنهايته تم طي قيد الطالب، أو بطلب إعادة الالتحاق بالجامعة بحد أقصى خلال سنة واحدة من تاريخ استلام إخطار طيّ القيد".. أو كما قال نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب أنه على المفصولين "تقديم استرحام ستدرسه لجنة مختصة". سبحان الله، ما دام الأصل إرجاعهم لماذا سيتم طي قيدهم، إلا إذا كانت اللجنة المختصة التي سيقدم لها الطلبة "استرحام" عندها تعليمات مبطنة "بعدم استرحام" من تم طي قيده بإيجاد الأعذار المناسبة لعدم إرجاعهم، مثل أن لا تقل عدد ساعاتهم عن 100 أو أن لا تقل معدلاتهم عن 1.95 أو ما شابه ذلك من الأعذار المعروفة في المجتمع الأكاديمي. إن توجه الجامعة لقتل القرار واضح وجلي وذلك من خلال إعلانها بأنه "سوف يمنح الطالب فصلين دراسيين لتحسين المعدل الأكاديمي، وفي حال لم يتمكن من رفع المعدل إلى (2.0/4.0)، فسيتم طي القيد مرة أخرى وفي هذه الحالة لا يحق للطالب التقدم بطلب إعادة القيد لمرة ثالثة". ولو كانت النية المبيتة من الجامعة طيبة لطلبتها لقالت: طيلة ما حافظ الطالب على المعدل الفصلي أعلى من 2.0، لأن الطالب مهما أوتي من قوة وجهد لن يستطيع رفع المعدل التراكمي في فترة فصليين دراسيين وبالأخص لدى أولئك الطلبة المكتسبين ساعات تزيد على 60 ساعة مما سيترتب عليه حتمية فصلهم من جديد وبدون رجعة.

أما سياسة إعادة المقررات فهي قضية أخرى.. فكما ذكرت الجامعة "يمنح الطالب فرصة لتحسين معدله التراكمي من خلال احتساب الدرجة الأخيرة في حال إعادة مقرر رسب فيه الطالب أو حصل فيه على درجة D أو D+، ويزال تأثير الدرجة السابقة عن المعدل التراكمي" وهذا كلام طيب وهو الذي لابد أن نرى تطبيقه بالجامعة بحسب القرار الذي صدر، ولكن الجامعة المجبرة على تطبيق القرار أضافت "في حال كانت الإعادة في الفصل الدراسي ربيع 2013 وما بعده". وحتى تتأكد الجامعة أن رسالتها قد فهمت ذكرت أنه "في حال إعادة الطالب للمقرر قبل الفصل الدراسي ربيع 2013 فلن يتم إلغاء تأثير درجة الرسوب عن المعدل التراكمي للطالب". أي بعبارة أخرى سيتم إلغاء تأثير درجة الرسوب عن المعدل التراكمي لجميع المحاولات السابقة في حال قام الطالب بإعادة المقرر فقط في فصل ربيع 2013 او ما بعده، أما محاولات الطالب التي قام بها قبل ذلك لا يعتد بها وتحسب عليه.

وفي الختام نقول: بما أن الطالب لا يزال مقيداً بالجامعة، وبما أن القرارات، كما صرح نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب، لدعم الطلبة معنوياً وتحفيزهم لتقديم أداء أفضل، فلماذا يتم التفريق بين الدراسة قبل وبعد ربيع 2013؟! بل من المفروض أن نجعل القرار يعمل لصالح كل الطلبة المقيدين بالجامعة، وكفاية تضييع سنين إضافية من عمر الطلبة.

والله من وراء القصد..

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع