حقوق المواطنين ومماطلة الحكومة

 

حقوق المواطنين ومماطلة الحكومة

نشرت مقالة بعنوان "حرمان القطريين من أموالهم" (انظر جريدة الشرق بتاريخ 2/10/2011) وفيها كنت أتساءل عن الأسباب التي أدت إلى قيام الجهات الحكومية بتجميد وعدم صرف حقوق المواطنين المالية، وذلك بتجاهل نص المادة (23) مكرر من قانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات والتي تنص على أنه ".. ويستحق الموظف أو العامل الذي تزيد مدة خدمته الفعلية على عشرين سنة مكافأة نهاية خدمة تتحملها جهة عمله.." علماً بأن القانون قد حدد مكافأة قدرها شهرين عن كل سنة من السنوات التي تزيد على العشرين سنة وتدفعها جهة العمل.

لقد قمت، في فترة سابقة، بالتحدث إلى المسئولين بالهيئة العامة للتقاعد والمعاشات للحصول على جواب شاف لعدم صرف مكافأة نهاية الخدمة وكانوا صريحين للغاية بأن قالوا انه من حق الموظف الحصول على تلك المكافأة بواقع شهرين عن كل سنة من السنوات التي تزيد على العشرين سنة خدمة وذكروا بالحرف الواحد بأن جهة العمل هي المسئولة عن صرفها. وأخذت أوراقي وذهبت لجهة العمل وهي جامعة قطر واجتمعت مع مسئوليها الذين استقبلوني بكل حفاوة وتقدير وطالبت بالمكافأة المقررة بالقوانين فذكروا أن مادة (23) مكرر من القانون المذكور، وبحسب تعليمات وزارة الاقتصاد والمالية، مجمدة حتى صدور اللائحة التنفيذية للقانون، وأضافوا أنه إذا لديك أي استفسار أو مطالبة حول هذا الموضوع، فيمكنك مواصلة الأمر مع سعادة وزير الاقتصاد والمالية. وطبعاً أخوكم أخذ الأوراق واتصل مع مكتب الوزير للقيام بزيارته والتحدث إليه عن همومي وهموم الآلاف من المواطنين الذين ضاعت حقوقهم. ورد مدير المكتب قائلاً بأن سعادته على وشك المغادرة إلى المطار للقيام بمهمة رسمية خارج البلد وأضاف أنه بمجرد عودته سوف يتصل معي لتحديد موعد مع سعادته. وطبعاً الأيام والأسابيع والشهور مرت ولم أتلق الاتصال الموعود من مدير مكتب سعادته، علماً أنني، خلال تلك الفترة، التقيت مع سعادته عدة مرات في مناسبات كثيرة ولكني آثرت ألا أكلمه بشئون العمل إلا في موقع العمل. ولكن المدة لما طالت قمت بالتحدث إليه وذكر سعادته بأنه ليس له مصلحة في تأخير مصالح الناس ولكن اللائحة التنفيذية من جهة لم تصدر وإن عليك إقناع جهة عملك بصرف مستحقاتك من جهة أخرى. وذهبت مرة أخرى للجامعة واستمعت لنفس العبارات السابقة. وبعد ذلك ذهبت إلى القوات المسلحة القطرية متسائلاً هل تقومون بدفع مكافأة نهاية الخدمة لمنتسبيكم عند إحالتهم للتقاعد؟ فكان الجواب وبثقة مطلقة "نعم". وبدوري قمت بالاجتماع مع عدة مستشارين، من عدة جهات حكومية، وكلهم أجمعوا بأن صرف هذه المكافأة أو عدم صرفها بيد وزير الاقتصاد والمالية وعلى طريقة تفسيره لمواد القوانين المنظمة لذلك. وخرجنا صفر اليدين من هذه الدائرة التي لها بداية ولكنها وللأسف ليس لها نهاية.

إن القوانين القطرية وما تحويه من مواد تصب في صالح الاف من المواطنين المتقاعدين أو من المحالين للتقاعد ، ولكن هناك أيدي تلعب ضد مصالح المواطنين تحت أعذار باهتة غير حقيقية بهدف حجب حقوقهم عنهم. إن من أصدر تلك القوانين هو سمو الأمير المفدى، أو سمو ولي عهده الأمين، ولا تساورني نقطة شك في حبهم للبلد وللشعب القطري، ولا أعتقد أنهم في يوم من الأيام يفرقون بين المواطن المدني والمواطن العسكري إلا بحسب طبيعة عملهما. ولكن السؤال البريء كيف سمح للجهاز العسكري بصرف حقوق المواطن بعد التقاعد ولم يسمح للجهاز المدني بعمل نفس الشيء للمتقاعدين؟ وبعد مدة من التفكير عرفت الجواب بأن الجهاز العسكري له كامل الاستقلال المالي والإداري بعيداً عن هيمنة وزارة الاقتصاد والمالية (مع العلم بأن جامعة قطر هي الأخرى لها كامل الاستقلالية المالية والإدارية) ولكننا نجد أن الفرق الوحيد بين المدني والعسكري هو أن القائمين على شئون الجهاز العسكري أوفياء لاخوانهم المنتسبين لهم ويعملون بجد لإيصال جميع الحقوق والامتيازات لهم سواء كانوا على رأس العمل أو ممن أحيلوا للتقاعد. ونحن بدورنا نقدم الشكر الجزيل للجهاز العسكري لوقوفهم مع المواطنين المنتسبين لهم.

إن ما تقوم به الجهات الحكومية المدنية عمل غير دستوري، ومن المعروف، أن ما يخالف الدستور من قوانين ومراسيم وقرارات يعتبر في حكم الباطل. وإن هذا الفعل يعني الالتفاف على الدستور وتفريغه من محتواه. إن العدالة من جهة وتعليمات الدستور من جهة أخرى هي أن تصل الحقوق لأصحابها. إن ما أقدمت عليه الجهات الحكومية المدنية، كما أراه واعتقده، هو نوع من أنواع الاستغلال في حق المواطنين باستخدامهم عذر عدم صدور اللائحة التنفيذية لهضم حقوق المواطنين وهو عذر غير مقبول إطلاقاً. ويجب أن نتذكر أن القانون هو الأصل وأن اللائحة ما هي إلا أداة لتفسير للقانون وليست القانون بحد ذاته، وأن عدم إصدارها حتى الآن يترك المجال مفتوحاً لتفسير القانون بما يحقق المصلحة العامة للمواطنين وليس العكس.

وفي الختام نقول للحكومة "إننا لا نريد سوى حقوقنا التي كفلتها لنا مواد الدستور والقوانين ".. بعبارة أخرى يا حكومة.. "نبغي فلوسنا"

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع