المعرض المهني وكذبة أبريل

 

المعرض المهني وكذبة أبريل

في البداية فإنني أتقدم بالشكر والتقدير لمن اختار أول أبريل موعداً لإقامة المعرض المهني لعام 2013 لأنه وببساطة لخص وجهة نظري بتوجهات هذا المعرض بالتاريخ العالمي للحدث الذي يكرهه ربنا ولا يرضاه لنا ألا وهو "الكذب".

إنه من المعروف أن دولة قطر تنتج المواد الطبيعية الهايروكربونية (النفط والغاز) بكميات كبيرة جداً بالمقارنة مع حجمها وعدد سكانها وبرامج التنمية التي تمر بها وهذا الأمر أتاح لها فوائض مالية جعلها تمارس دور المنقذ لدول العالم التي تعاني من الظروف الطبيعية أو الاقتصادية سواء عن طريق مساعدات مباشرة أو الاستثمار بتلك الدول. ومع هذه الثروة الكبيرة فقد قامت دولة قطر بتطوير البنية التحتية واعتماد خطط تنموية أخرى وبما أن هذه الخطوات تتطلب عمالة متنوعة وبسبب العدد المحدود من القوى العاملة المواطنة فقد تطلب توفير الحاجة من العمالة من الأسواق الأجنبية سواء عربية أو غيرها. وبسبب توافر تلك العمالة بمختلف مستوياتهم التعليمية وخبراتها المهنية فقد بدأت الحماسة في تعيين المواطن تقل بشكل خطير. وتنبهت الدولة لهذا الأمر فقامت في السبعينيات من القرن الماضي بإنشاء لجنة لتقطير الوظائف. ولكن كلما أعيد تشكيل اللجنة تقتل في مهدها كأن هناك أيادي خفية لا تريد الخير لقطر ولا لشعبها بل لها أهداف وطموحات تختلف عن تلك الأهداف المرسومة من الدولة. ومع السعي الدؤوب لإفشال عمل اللجنة تم إقرار قانون التقاعد والمعاشات وقانون الموارد البشرية اللذان طبقا على المواطن القطري فقط ولم تمس بهما العمالة الوافدة. وقام البعض من المسؤولين يدفعهم بذلك بعض المستشارين بتطبيق القانونين تطبيقاً سيئاً. ومع توقف برامج التقطير وجدنا زيادة في تحويل المواطنين إلى البند المركزي أو إلى هيئة التقاعد والمعاشات وهم في مقتبل أعمارهم. في حين وقف المسؤولون وقفة قوية في عدم تشغيل المواطنين والتوسع في تعيين الوافدين. وتنبهت الدولة لهذا الأمر فقامت بإنشاء المعرض المهني وجعلت الجهات الحكومية والمشتركة والخاصة تتنافس في توظيف المواطنين. وفعلاً وجدنا الجهات تتنافس في المشاركة بالمعرض المهني ولكن ليس لتعيين الموطنين بل لإرضاء ولي الأمر الذي كرس نفسه لخدمة شعبه.

إن المعرض المهني، وكما خطط له من ولي الأمر، يهدف إلى توفير فرص التوظيف والتدريب والتطوير والارشاد الوظيفي واستقطاب الكوادر القطرية من الخريجين والخريجات لخوض سوق العمل والاستفادة من طاقاتهم في دفع عجلة التنمية داخل الدولة. وفي هذا فقد ذكر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الأمين "إنه من المعروف أن جميع الدول التي تقدمت إنما نهضت بفعل رأس المال البشري الذي كونته من مواطنيها". وللأسف إن توجه الدولة وولي أمرها وأهداف إنشاء المعرض المهني قد تم تحويرها من المشاركين إلى عرض لا يسمن ولا يغني من جوع، وكل هدفهم هو التفاخر أمام ولي الأمر من خلال مراسم الافتتاح والتغطية الصحفية المصاحبة بأنهم يعرضون وظائف للمواطنين الشباب في مختلف القطاعات. ولنبين هذا التفاخر نورد بعض إحصائيات المعرض المهني لعام 2011

• قبول 2.124 طلب توظيف في 90 جهة حكومية من أصل 34.402 طلب.

• قبول 434 طلباً للحصول على فرص تعليم ومنح من أصل 8.516 طلباً.

• قبول 1.768 طلباً للحصول على فرص تدريب من أصل 4.819 طلباً.

والملاحظ أن جميع التصريحات كانت تركز على كلمة "طلبات" وليس كلمة "توظيف" هذا يقودنا للتساؤل هل جميع "طلبات" التوظيف تم "توظيف" أصحابها؟ وكمحاولة للإجابة على هذا التساؤل فقد قمت بزيارة بعض كبار المسؤولين من أصحاب البشوت وطرحت عليهم هذا السؤال فأجمعوا بأنهم أعلنوا عن الوظائف المطلوبة وقاموا بتجميع طلبات التوظيف ووضعوها في كراتين وهي لا تزال في الحفظ والصون من أول معرض اشتركوا فيه. وعند سؤالهم لماذا؟ ركزوا إجاباتهم بأن الجهة المسؤولة عن استحداث الوظائف لم تلب طلباتهم. فقمت بدوري بسؤال الأمانة العامة لمجلس الوزراء عن أسباب عدم تلبية الاستحداثات المطلوبة من الجهات الحكومية فذكر أحدهم بالأمانة ان طلبات الجهات تدرس حسب الهيكل الوظيفي للجهة وفي أغلب الحالات تتم الموافقة على طلباتهم.

وفي الجانب الآخر لننظر إلى إحصائيات العاطلين، ففي 2007 بلغ عدد العاطلين من القطريين حوالي 2050 غالبيتهم ممن يحمل الشهادة الثانوية والجامعية. وكنا نتوقع أنه بوجود المعرض المهني فإن أعداد العاطلين سوف تتقلص ولكننا صدمنا بأن عددهم في عام 2011 وصل إلى 3037 مواطنا عاطلا. طبعاً هذه الأرقام لم تشمل: 1. أولئك الذين لم يسجلوا للبحث عن وظيفة بسبب اليأس والإحباط. 2. الذين تم تحويلهم للتقاعد القسري. ويجب ألا ننسى أن العمالة الوافدة لا تزال تأتي بعشرات الآلاف سنوياً وتجد لها وظائف شاغرة بعكس المواطنين بل ويحصلون على تدريب مع أنه من المفروض أنها عمالة جاهزة إلا أن المتدربين منهم في عام 2011 بالجهات الحكومية وشبه الحكومية فقط وصل إلى 29 ألفا من مجموع 41 ألف متدرب.

وفي الختام ومع أن أعداد القطريين قليلة والوظائف كثيرة إلا أننا فشلنا في قضية تقطير الوظائف أو على الأقل تعيين العاطلين من المواطنين، وفشلت الجهات الحكومية وغيرها في ترجمة حب سمو الأمير المفدى وولي عهده الأمين لشعبهما. أما المواطن المسكين الباحث عن أي عمل في بلاده والمحولين إلى التقاعد القسري فنقول لهم كما قال رب العالمين "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا {5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا {6}" الشرح

والله من وراء القصد،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع