التوجه الإسلامي لدولة قطر

 

التوجه الإسلامي لدولة قطر

حدثان متناقضان حدثا خلال هذا الأسبوع أحدهما خبر مفرح وهو تبرع مواطنة قطرية بجميع رصيدها في البنك وثلاثة أرباع راتبها الشهري دعما للأشقاء السوريين حتى تزول محنتهم (انظر الشرق 18 /3/ 2013) وفي هذا يقول رب العالمين ".. وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" الحشر: 9. أما الخبر المناقض، الذي انتقده العديد من المواطنين، فهو توزيع كوبونات للمشروبات الكحولية على بعض الحضور في أحد المؤتمرات المقامة للحصول على المشروبات الكحولية مجاناً من قبل اللجنة المنظمة للمؤتمر وهو أمر محرم في دولة إسلامية ولا يعد من العادات والتقاليد القطرية الأصيلة والمشكلة الكبيرة أنه تم على حساب اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر (انظر الشرق 17 /3/ 2013). وهنا تبادر إلى ذهني سؤال واحد: هل دولة قطر تسير على نهج إسلامي خالص؟ وبمجرد ورود هذا السؤال في ذهني رأيت صوراً مختلفة تقفز في ذهني وكان أوضحها بنوك المقاصة أو ما يسمى لدى البعض باسم البنوك الربوية (مع تحفظي على هذا المسمى) وعملية الاحتكار الذي تمارسه بعض مؤسسات الدولة.

إن تجنب الربا هو أمر رباني ويدل على تحريمه ما دل عليه القرآن الكريم، ودلت عليه السنة، وإجماع أهل العلم، ويعد من أكبر الكبائر ومن المحرمات المعروفة. وقال الشيخ ابن باز "ولا تغتر بكثرة البنوك الربوية، ولا بكثرة انتشار معاملاتها في كل مكان، ولا بكثرة المتعاملين معها؛ فإن ذلك ليس دليلاً على إباحتها، وإنما هو دليل على كثرة الإعراض عن أمر الله، ومخالفة شرعه". في السابق، وكما تعلمون، لم يكن على أراضي دولة قطر بنك إسلامي. وعندما بدأ مصرف قطر الإسلامي وبنك قطر الدولي الإسلامي بالعمل على الأراضي القطرية استبشر الناس خيراً. وانعكس هذا الاندفاع على الأرباح السنوية التي يحققانها مقارنة برأس مالهما. هذا الأمر شجع البنوك التقليدية إلى الخوض في مجال البنوك الإسلامية وأنشأت في هذا المجال فروعاً قائمة بذاتها تحمل اسمها المتعارف عليه مضافاً إليه كلمة "الإسلامي". ووصل الأمر إلى أن حصة البنوك والفروع الإسلامية من السوق القطري، كما أورده تقرير نشر بجريدة الشرق القطرية، وصلت إلى أكثر من 20 % وذلك في فترة بسيطة من الزمن. وعندما أصبحت غالبية معاملات البنوك إسلامية وانتشر مفهوم التمويل الإسلامي وجدنا مصرف قطر المركزي، المسؤول في قطر عن البنوك، بدلاً من تشجيع أسلمة البنوك ينقلنا إلى التعامل مع أسلوب المعاملات الربوية التي حرمها رب العالمين، وذلك بإغلاق وتصفية الفروع الإسلامية للبنوك التجارية التقليدية.

أما الموضوع الآخر وهو الاحتكار الذي تمارسه بعض مؤسسات الدولة. إن الإسلام الذي أعرفه، وكما بينه فقهاء المذاهب الإسلامية، قام بالحفاظ على ثروة الناس وأموالهم وقد حرم الاحتكار لأنه يراه جريمة ضد الإنسانية تستوجب الطرد من رحمة الله، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون". ويزيد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي بأن الإسلام حرم الاحتكار لكل ما يحتاج إليه الناس، وأنه لا يجوز لإمام المسلمين أن يعطي فرداً أو مجموعةً احتكار صنف بعينه، بحيث يقتصر تداول هذا الصنف بيعاً وشراءً على هذا الفرد أو هذه المجموعة. ودولة قطر كانت تتماشى مع هذا المبدأ الإسلامي ولهذا فقد أصدرت قانون (19) لسنة 2006 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. ومع هذا التوجه الإيجابي نرى أن هناك أيادي خفية دست ضمن القانون مادة (6) التي جعلت من القانون حبراً على ورق، حيث نصت المادة على أن هذا القانون لا يسري على الأعمال السيادية للدولة، أو على أعمال المؤسسات والهيئات والشركات والكيانات الخاضعة لتوجيه الدولة وإشرافها.

وفي الختام فإنه أسعدني، في فترة ماضية، كما أسعد الكثير من المواطنين، افتتاح جامع الدولة وتسميته باسم الإمام المحدث محمد بن عبدالوهاب. ومع أن هذا الحدث جعل من دول عديدة "تزعل" على قطر لإرتباط مفهوم تلك الدول بأن الوهابية هي التعصب الديني الأعمى، إلا إنه يؤكد التوجه الإسلامي لدولة قطر فهي دولة إسلامية وولي الأمر ذو توجهات إسلامية في تحركاته والشعب القطري مسلم حتى النخاع في كل تصرفاته. ولكن هناك فئة قليلة فرضت على دولة قطر غير ذلك وفي هذا فإن رب العالمين يحذرنا بقوله ".. فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" النور: 63. وعليه، وحتى لا تصيبنا فتنة أو عذاب أليم، فإن على الدولة حل هذه المتناقضات التي يواجهها المجتمع القطري المسلم.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع