تعالت الأصوات.. "قطر كبيرة"

 

تعالت الأصوات.. "قطر كبيرة"

قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان". ومن الإيمان حب الوطن، فها هو رسولنا الكريم يقول لمكة "ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك" ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب وطنه لما قال هذا القول. وعندما كتبت الأسبوع الماضي مقالي بعنوان "قطر كبيرة" ومن باب قوله تعالى "هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ" الرحمن: 60، أتت الأصوات المؤيدة من كل مكان في الخليج والوطن العربي لما ذكرته في المقالة، ولكن حفنة من الأفراد ذكروا بأن المقالة فيها مجاملة ومحاباة. ولمعلومات من شكك في أهداف المقالة فإني أقول: بأن دولة قطر هي دولة مسلمة، أخلصت في اعتناقه وقامت حكومتها على الإسلام، وأن المؤمن الصادق هو الذي يعرف قيمة وطنه ويعلي انتماءه له فوق كل انتماء.

إن حب الوطن ـ للذين يجهلونه ـ ليس ترفاً أو رفاهةً، وليس مجرد شعارات ولا عبارات شكلية، بل هو واجب شرعي، كما أن الدفاع عن الوطن ضد المعتدين واجب شرعي أيضاً. ومن حق الوطن علينا:

• الإخلاص لله عز وجل، لأن حبنا لوطننا جزء من حبنا لله ولديننا الإسلامي الحنيف.

• السمع والطاعة لولي الأمر واحترام النظام وعدم خيانة الوطن.

• احترام الوطن وعدم تحقيره وامتهان كرامته أمام الآخرين.

• الدفاع عن الوطن والتصدي لكل أمر يترتب عليه الإخلال بأمن وسلامة الوطن، ومنها الشائعات المغرضة، والرد على ذلك بمختلف الوسائل والإمكانات الممكنة والمتاحة.

• احترام النفس واحترام الآخرين وخلق جو من التآلف والتآخي والتآزر مع أبناء الوطن لمواجهة الظروف المختلفة.

• الإسهام الفاعل والإيجابي بالقول والعمل والفكر في خدمة الوطن ورفعته، والمساهمة في تنميته.

ما ذكر هو جزء يسير من حق الوطن علينا، وما كتبته الأسبوع الماضي ليس مجاملة بل هو جزء أساسي من حب الوطن، وأنا آسف جداً لوجود أناس في قطر وفي الوطن العربي ليس لديهم هذا الشعور بالوطن والوطنية، وهم ـ والحمد لله ـ قلة قليلة جداً، وربما يعود ذلك ـ والله أعلم ـ لضعف حبهم لله ولتعاليم دينهم الحنيف.

إن الأقلام المأجورة ـ كما هو معروف ـ تتواجد في كل المجتمعات وهي تهدف ـ في المقام الأول ـ إلى الحصول على الكسب المادي الدنيوي، وليس مصالح بلدانهم، والله عارف بأهدافهم ومقاصدهم فقال تعالى: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ" إبراهيم: 42. وأولئك هم الذين يتوعدهم رب العالمين بقوله: "وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" الرعد: 25. ونحن في قطر ـ والحمد لله ـ نملك القدرة على الرد ولكن الذي يمنعنا من ذلك هي أخلاقنا وتربيتنا الإسلامية التي تربينا عليها. وعندما كتبت ما كتبت، فإنها كانت محاولة مني لكي أمنع فتنة أكبر من أن تحل بين الدول العربية بشكل عام والدول الخليجية بشكل خاص. والتاريخ الإسلامي به الكثير من النماذج على قولي. فعلى سبيل المثال، فقد قام اليهودي شاس بن قيس بمحاولة إشعال نار الفتنة بين الأوس والخزرج (كأنه في يومنا الحاضر بين دولة ودولة أخرى) وكادت خطته أن تنجح، وقام من ينادي بالتعصب للأوس وآخر بالانتماء إلى الخزرج، جاء النبي صلى الله عليه وسلم وحكم على هذا التصرف بأنه مناقض للدين فقال: "دعوها فإنها منتنة، أبدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم". وعليه فإنه يجب على عقلاء هذه الأمة التي كرمها رب العالمين بالإسلام التصدي للإشاعات الكاذبة المغرضة بالدعوة إلى الخير لقوله تعالى: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" آل عمران: 104. وليكن التصدي للإشاعات بعقلانية وبالقول الحسن، لأن القول الفاحش دائماً يؤدي إلى قول أفحش منه.

وفي الختام، فإن مكانة قطر كبيرة وستظل كبيرة ومشاهدة الوطن العربي قوياً عزيزاً وأفراده سعداء يجمعهم الحب الصادق في الله هو أكبر، وأسأل رب العالمين أن يعم هذا الشعور وهذا الإحساس على جميع الأفراد سواء في قطر أو في خارج قطر.

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع