الدستور والتعليم والتسول

 

الدستور والتعليم والتسول

عنوان غريب وحتى نصل لفهم واضح للواقع فإنه من الواجب ـ في البداية ـ شرح العنوان قبل التحليل:

أولاً: الدستور القطري: روعي في الدستور القطري عند إعداده ليكون حافظاً لكرامة المواطن والمقيم ممن يعيش في دولة قطر. فالمادة 18 نصت على: "أن المجتمع القطري يقوم على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق". في حين المادة 20 أكدت على: "إلزام الدولة بالعمل على توطيد روح الوحدة الوطنية، والتضامن والإخاء بين المواطنين كافة". أما المادة 34 فقد ذكرت أن: "المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة". ونأتي إلى المادة 36 فقد شملت كل من يقيم على هذه الأرض ونصت على أن: ".. لا يعرض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويعتبر التعذيب جريمة يعاقب عليها القانون". في حين أن المادة 54 حددت أن: "الوظائف العامة خدمة وطنية، ويستهدف الموظف العام في أداء واجبات وظيفته المصلحة العامة وحدها". ولذلك من واجب الدولة من خلال الحكومة، العمل على تحقيق هذه المقومات الأساسية، التي تزيد من تلاحم الشعب الذي هو مصدر السلطات مع قيادة الدولة المتمثلة بسمو الأمير المفدى.

ثانياً: التعليم: وخصص الدستور مادتين للتعليم، ففي المادة 25 أكد على تكفل الدولة للتعليم وترعاه. وفي المادة 49 جعل لكل مواطن الحق فيه وعلى الدولة السعي لتحقيق إلزاميته ومجانيته. أما المادة 4 من القرار الأميري رقم 14 لسنة 2009 الخاص بتنظيم المجلس الأعلى للتعليم، حيث نصت على أن هدف المجلس هو الارتقاء بمستوى التعليم بما يكفل تلبية احتياجات الدولة من الموارد والكفاءات البشرية المتميزة في مختلف المجالات، وذلك في إطار السياسة العامة للدولة، وبوجه خاص رسم السياسة الوطنية للتعليم وربطها بأهداف وخطط وبرامج التعليم في ضوء رؤية قطر الوطنية 2030. وضع الخطط والبرامج ونظم الرقابة والمتابعة اللازمة لتنفيذ السياسة الوطنية للتعليم. ونجد أن القانون ركّز في هذه الفقرة على الوطن والوطنية.

ثالثاً: التسول: والمتسول هو المستعطي الذي يستدر عطف الناس وإحسانهم ويسألهم الصدقة والإحسان بإلحاح. وللتسول أسباب عديدة، ولكنها ترتكز على عدم الحصول على مستلزمات الحياة الأساسية. والتسول يقود إلى تربية خاطئة، مما يؤدي إلى توارث الظاهرة من الآباء إلى الأبناء، وتعليم الأطفال على طلب الغير، مما يؤدي إلى أمراض نفسية خطيرة تتمثل بعقدة الحقارة والشعور بالنقص وإتيان الأعمال الوضيعة ومن إذلال النفس. والإسلام عالج التسول بجعل العلاقات الإنسانية تقوم على التراحم والتعاون. والآن، ومن تجاربي الشخصية مع المجلس الأعلى للتعليم ـ ولا أعلم ما واجهه غيري من مشكلات معهم ـ نأتي لربط المحاور مع بعضها البعض. ولنبدأ من التعليم الذي كفله الدستور والقوانين المعمول بها في الدولة. ويبدأ تسول الوالدين للحصول على مقعد لطفلهم في أي مدرسة، ويكابدون في هذا الشأن جميع أنواع التعذيب من الوقوف أمام باب المدرسة من قبل الفجر، ومسابقات الجري من باب المدرسة إلى مبنى الإدارة وكل الردود هي ما عندنا كرسي لطفلك، والمحظوظ هو من يجد مقعداً لطفله حتى ولو كان سكنه في الدوحة والمدرسة في الوكرة (لمعلوماتكم فإن القانون يعاقب بالسجن لولي الأمر الذي لا يلحق طفله بالمدرسة). وبعد ذلك تأتي مرحلة أخرى من التسول وهو نقل الطفل إلى أي مدرسة قريبة من السكن. والنوع الثاني من التسول الذي فرضه المجلس هو الحصول على وظيفة للمواطنين سواء كانت إدارية أو تعليمية في المجلس نفسه أو في المدارس التي من المفروض أن تكون خاضعة له. ويكون التسول في البداية مباشر بين طالبي الوظيفة والجهة المحددة، يتطور بعد فترة ليكون تسولاً من خلال واسطة. وفي أغلب الأحيان لا تتم الموافقة لعدم وجود شاغر إلا إذا كان التسول يتم عن طريق متسول كبير في الاسم والمقام، مع العلم أن الأولوية في التعيين أو التوظيف ـ كما تقول وزارة العمل ـ هي للقطريين، إلا أننا ـ في الحقيقة ـ نجد أن المواطنين هم في آخر قائمة الأولويات. (في المدارس المستقلة 427. 5 مدرس منهم 787. 1 قطريون و 036. 2 إداريين منهم 221. 1 قطريون. أما مدارس القطاع الخاص فهم 572. 6 مدرس منهم 8 فقط قطريون و052. 1 إداريين منهم 9 قطريون). النوع الثالث من التسول، وهو معادلة الشهادات والتي تسمح للوافد بمعادلة شهادته الجامعية، في حين أن المواطن الذي درس في نفس الجامعة لا تعتمد شهادته وتستمر ظاهرة التسول بإحضار الوثائق المطلوبة بل وأسماء من اعتمدت شهاداتهم، وفي كثير من الأحيان لا يجدي هذا التسول لأنك لا تسأل كريماً. النوع الرابع وهو أحدث أنواع التسول وهو إقناع المجلس بمخاطبة معالي رئيس مجلس الوزراء للحصول على إجازة أمومة للحالات الخاصة، ومع أن القانون وقرار مجلس الوزراء واضحين في هذا الشأن، إلا أن خروج مثل هذا الخطاب يحتاج إلى أنواع عديدة من التسول.

وفي الختام نقول: إن المجلس ـ وكما هو واضح ـ يستلذ بترسيخ ظاهرة التسول في أفراد المجتمع لأمور من المفروض أن يقدمها للمجتمع في أحسن أشكالها وبأرفع مستوياتها. ولكننا نعلم علم اليقين بأن ولي الأمر عندما كلف الحكومة جعلها في خدمة الشعب ولكن من طريقة عمل بعض الجهات نستشف أنها وضعت لتعليمنا وتدريبنا على الطرق المثلى في أساليب التسول.. التسول من أجل حصولنا على حقوق كفلها لنا الدستور والقانون وأيدها في كل خطبه وتصرفاته سمو أميرنا المفدى. وهنا يأتي السؤال البريء.. أين الخطأ؟

والله من وراء القصد،،

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع