وكالة تنمية الصادرات وخراب البيوت

وكالة تنمية الصادرات وخراب البيوت

إن معالي رئيس مجلس الوزراء يعلم علم اليقين بأن اتباع استراتيجية التوجه التصديري، أصبح أمراً حتمياً للتنمية الصناعية لدولة قطر، وهذا الأمر لا يتحقق فقط في إقناع الصناعات الصغيرة بالتصدير، وإنما في توفير الأرضية الملائمة للإنتاج ذي الجودة والمواصفات الدولية، وفي توفير الخدمات المتنوعة لدعم التسويق عالمياً. وبإجراء مقابلات شخصية مع العديد من أصحاب الصناعات وبالأخص الصغيرة منها، اتضح أن لديهم شعوراً عاماً بأن التصدير يعد مصدراً للمتاعب أكثر مما يستحق. وهذا ـ من وجهة نظرهم ـ يرجع أساساً إلى الأوضاع المالية للجهات المصنعة، ومدى استعدادها لتوفير السيولة الكافية لعمليات استمرار الإنتاج الصناعي وتصديره. ولذلك فإنه ليس غريباً قيام معاليه بالتفكير في تأسيس وكالة تعمل لتحسين فرص نفاذ الصادرات القطرية ـ سواءً كانت سلعاً أم خدمات ـ إلى الأسواق الخارجية. وأن تحسين هذه الفرص يتم من خلال:

1ـ توفير المعلومات عن الأسواق الخارجية، وإعداد دراسات عن الدول والقطاعات الاقتصادية المختلفة.

2 ـ القيام بالدراسات التسويقية والرد على استفسارات المصدرين بشأن الأسواق الخارجية، وتقديم المشورة حول تقييم وضع الشركات الأجنبية قبل بدء التعامل معها.

3 ـ تفعيل الاتفاقات التجارية التفضيلية مع العالم الخارجي، وتوفير معلومات حديثة عن الاتفاقيات التجارية الدولية، لتعظيم استفادة المصنعين القطريين.

4 ـ العمل على حل النزاعات التجارية، ومساندة الشركات القطرية فى التوصل لصيغة حل ملائمة لنزاعاتها التجارية مع الشركات أو الجهات الحكومية الأجنبية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوق الشركات القطرية.

5 ـ الإعداد والمشاركة في المفاوضات التجارية سواء المفاوضات الجماعية أم الثنائية، بالإضافة إلى إتاحة المعلومات التي من شأنها المعاونة في تبني السياسات والقرارات ذات الصلة.. وبناءً على توجيهات معالي رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، قام بنك قطر للتنمية في سنة 2011 بتأسيس وكالة قطر لتنمية الصادرات "تصدير"، بهدف 1 ـ تطوير وترويج الصادرات القطرية في الأسواق العالمية.

2 ـ دعم التجارة الخارجية والشركات من خلال تقديم الضمانات الائتمانية للصادرات، والخدمات، والحلول التمويلية اللازمة لتمويل العمليات التصديرية، وتخفيف المخاطر على المصدرين المحليين. ولقد استبشرنا خيراً بإنشاء وكالة "تصدير" وبالأخص عندما قرأنا على موقع البنك الإلكتروني: إن الوكالة ستقوم بتوفير مختلف الحلول المالية والبنكية التي من شأنها إتمام العمليات التجارية بيسر وأمان، دون التعرض لمخاطر عدم السداد. وإن هذه الخدمات ستقدم لجميع المصدرين القطريين. ولكن، كما هو الحال دائماً يا فرحة ما تمت، فقد استرعى انتباهي أن مدير وكالة قطر لتنمية الصادرات أكد في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا بتاريخ 3 /1 /2011) بأن عمل "تصدير" يشمل معظم أسواق التصدير التي تستوفي الشروط والأحكام المحددة من قبل الوكالة؛ (حتى الآن لم نعرف هذه الشروط)، وأن الوكالة ستقدم فقط وثيقة تأمين مخاطر ما بعد الشحن (لشحنة واحدة فقط)، والتي يمكن تقديمها إلى البنوك للاستفادة منها كضمان للحصول على فرص تمويل وإعادة التمويل.

إن إنشاء وكالة "تصدير" ـ كما عرفته من معالي رئيس مجلس الوزراء، بجانب المهام الأخرى التي ذكرت سابقاً ـ هو لتوفير تمويل الصادرات من أجل الرقي بكفاءتها التصديرية، ولضمان عدم تعطل عجلة الإنتاج للعمليات التالية. ولكن البنك المعني، الذي يصر على أنه غير ربحي، قام بتحويل الهدف النبيل لتوجهات معاليه، ووجهها لتصبح وكالة تقوم بالتأمين ضد مخاطر فقدان الأموال الناتجة عن عمليات البيع والتصدير إلى الخارج، وليس لتمويل الصادرات. يعني تحول البنك من تمويل الصادرات، ليصبح شركة تأمين فقط، وهذا الدور تستطيع القيام به شركات التأمين، وليس بنكٌ تنموي. وطبعاً هذه الخدمة سوف يترتب عليها دفع رسوم لبنك قطر للتنمية. فإذا أضفنا ما سيفرضه هذا البنك من رسوم، بالإضافة إلى ما ستفرضه البنوك التجارية من فوائد على القروض، فإننا أمام خراب بيوت وليس فقط توقف مصانع عن العمل. إن العجز في ماليات ما قبل التسليم سيؤثر على الدورة الإنتاجية للشركات المصنعة، وربما يضعها في موقف لا تحسد عليه، مما يجعلها تعاني ولاشك معاناة كبيرة من نسبة الفائدة الكبيرة المفروضة على القروض، ولا ننسى أيضاً أن صغار المصنعين يدفعون فوائد بنكية أكثر مما يدفعه الكبار. ولنسأل أنفسنا هل البنك على دراية بما يتطلبه التوجه التصديري؟ هل يعلم البنك أن عملية انتقال ملكية المنتج، والحصول على العوائد المالية من التصدير سوف تستغرق فترة طويلة تمتد من عدة أسابيع إلى عدة أشهر، مما سيخلق أزمة مالية حقيقية للذي سيقوم بالتصدير؟.

وفي الختام نتمنى أن تقوم وكالة تنمية الصادرات بأعمالها المحددة، ولا تقتصر على جانب التأمين المالي فقط، ولنأخذ تجربة بعض من سبقونا في هذا المجال من الدول الشقيقة والصديقة.. 

والله من وراء القصد.

Comments

Popular posts from this blog

مجلس الشّورى والتّقاعد

الحصار وتخبط غرفة قطر

الأرض والقرض للجميع